قصائد

محمد الدميني – السعودية


(1)
ورشــــــة أزهـــــــــــــار
قلبه ورشة أزهار
صباح أجرد يطوقه
وحراشف صلدة تتناثر بين قدميه
كمائن تتربص بشمسه,
له قمر يهدي المحظيات إلى ليلهن,
وعليه هداية النورس إلى البحر
كلما انطفأ في نومه
خرجت جحافلُهم تهدي, وتستهدي
تحت ثيابه تتنفس العناكب, وتترسّب الأمنيات
حسبه
أن يشعشع خلف هذا الزجاج
وأن ينهر ذكريِاته عن العَطب
وأن يدعو جسده إلى السرير
ويبكيه قرونًا
كثاكلة مدربه..
إنها فرصتُه الفلسفية
لكي يرفو
سلالته الجديده
وأن يستلقي على السفح
كراع تلعثم في عدّ النجوم
ونهض
تهديه أغنامُه إلى البيت
    (2)
بــــــــــــــــرد
ذكّرته هذه المدفأة بالبرد
وحين أيقظوه
كان المطر ينشج في قلبه
سنين كثيرة ترمّدت في الطرقات
وأخرى
في عيون الأصدقاء التي من فرْط احمرارها
لم تعد عيونًا
كان أكثر نحولة من القفل الذي بدد الصيف الماكر
كل أسراره
وأبقاه دمية للقوه
وكان عليه أن يتصفح في قلبه الشاغر
الجمر والأغاني
التي كانت تدفئ الحقول
سيمر الشتاء الوجل على الجباه
تاركًا آثامه الكسولة
فوق أذرع الجار التي أصبحت حطبًا...
وسيبقى المطر وحده
يتعثر في سلالم المرمر
حتى يصبح
أمسنا
الأمس الذي في رحيله
يؤثث المستقبل.
    (3)
ســـــــــــــيرة
(أ)
ولدت في حضن ينبوع
وها أنا من حضنه أسيلْ
(ب)
أقدامٌ, وبنادق, وتمائم
توّجتني فتى المنزل الكبير
الرماة يحرسون المنحدر, والأرائك
وأنا أتجرع خيبة القياصره
لم أستيقظ
من كابوسكِ الوحيد.. يا أماه
إني
فتيً أتهدم.
(ج)
من هذه الرماح المغروسة في المخيلة
دَجَّنْتُ أيائلي, ورشقت أحلامي على الآفاق,
تقطف, وتصفّق, وترعد
وتؤثث خيمة لمديحي
لا أنصب فخاخاً لرعيتي
ولا أدجج جندي
الله
كفيل
بهذه المهزله!
    (3)
طـلــــح الـطـفـــــولــة
خلفك المطر.
يا صديقي الوحيد.
والطيورُ على شجر
مثلنا تدفَّأ بالجليد
مثلنا في شتاء المدينة
نفقد داء الطفوله
نفقد رائحة العرعر
الشتوي
يا صديقي.. وبعض أخي
كيف حال القُرى
والغمام الذي يسجن الأفقا...?
والصبايا اللواتي كبرن, ولما نزل نتعثر في
نظرة
أو حجر.
أو ما زلن يذكرن ذاك الندى
وهو يقطر من شجر الطلح
فوق سواعدنا?
وتلك السماء التي لم تكن غير زرقاء.. حتى
ولو أعتمت
كيف يَذْكُرْنَها?
كيف أنسى الحصى الغائرة.
وهي تنهض تحت الحوافر لاهثة بالصباح?
كيف أنسى الفتاة التي علمتني اسمي,
وسكّتْ
لنا قمرًا شاهدًا فوق رجف العناق الأخير..
هل سيذكُرنا النبع
ذاك النزيلُ
نزيلُ
طفولتنا الفاتنة..?

تعليق عبر الفيس بوك