كَنَوْمٍ جَافٍّ بِمَنَامَاتٍ رَطْبَةٍ

د. مُحَمَّد حِلْمِي الرِّيشَة - فلسطين

 

فِي الْفَضَاءِ الْبَعِيدِ؛
ثَمَّ طَائِرٌ بِجَنَاحٍ وَاحِدٍ
تَشُدُّ مِنْ أَزْرِ رُوحِهِ مَلَائِكَةٌ يَصْعَدُونَ تِبَاعًا
إِلَى سِدْرَةِ التَّكَاثُفِ كَيْ
يَهْطِلَ
عَلَى
جَسَدٍ فِي الْعَرَاءِ
يُقَالُ لَهُ:
الْأَرْضُ.
***
هَلْ هُوَ/ هِيَ الْبِدَايَةُ المُؤصَدَةُ أَمَامَ عَيْنٍ لَاذِعَةٍ،
وَتَوْأَمِهَا الْبِهَارِ؟
رُبَّمَا..
وَرُبَّمَا تَتَرَيَّثُ قَلِيلًا
تِلْكَ المَوَائِدُ المَصْفُوفَةُ بِالْأَسْلَافِ الْقَادِمِينَ
يَجُرُّونَ خَلْفَهُمْ حَصَادَ أَلْسِنَتِهِمِ الْبَكْمَاءِ،
وَلَا يَتَوَرَّعُونَ عَنْ قَذْفِ النَّصَائِحِ
لِذِئَابٍ لَا تَسَّمَّعُ سِوَى لِأَصْوَاتِ نَهْشِنَا تِبَاعًا.
***
تَرَيَّثُوا قَلِيلًا
- أَيُّهَا المُقَامِرُونَ بِمَا تَبَقَّى مِنْ شَجَرِ النَّوَافِذِ-
فَلَا عَاصِمَ الْيَوْمَ لَكُمْ
مِنْ أَمْرِ جُرْحِي.. سِوَايَ.
***
كَأَنَّهُمْ مَبْذُولُونَ لِطَوَاغِيتَ مَرِحِينَ
كأَنَّنَا مَبْذُولُونَ لِلظَّفَرِ بِنَا
كَأَنَّ اللَّيْلَ يَكْتُبُ
- فِي كُلِّ لَيْلَةٍ -
صَبَاحَ لَيْلَةٍ جَدِيدَةٍ
مِنْ دُونِ تَرُدُّدٍ.
***
أَيْنَ تَقِفِينَ، الْآنَ، وَقَدْ خَلَتْ مِنْ أَهْلِهَا (الْقِيَامَةُ)؟
وَحِيدَةٌ أَنْتِ، وَهُمْ
صَاغِرُونَ
تَحْتَ
ظِلَّهُمْ
كَنَوْمٍ جَافٍّ بِمَنَامَاتٍ رَطْبَةٍ.
***
نَمْشِي، طَوَاعِيَةَ الْإِشَارَةِ، إِلَى نَصْرٍ مُعَلَّبٍ
بِفَاكِهَةٍ فَاسِدَةٍ..
إنَّهُ الذُّبُولُ فِي أَوَّلِ المَوَاسِمِ،
وَأَجْمَلُ الْحُقُولِ لِقُبُورِنَا.
***
وَأَيْنَ أَنْتِ..
أَيَّتُهَا الْهِبَةُ الَّتِي تَهْجُرُ النَّوْمَ بأَصَابِعِ جِنِّيَّةٍ؟
أَمِنْ أَجْلِ عُرُوشٍ نَخِرَةٍ تَحْرُسِينَهَا
فِي.. غَابَةٍ.. شَاذَّةٍ؟
دَعِي جَسَدَكِ السَّقِيمَ فِي آنِيَةِ رُوحِي،
فَبَيْنِي وَبَيْنَكِ قَهْوَةُ سَهْرَةٍ
مَبْهُورَةٌ بِأَحْلَامِنَا
هُنَا... كَ.
***
سَأَصْرَخُ فِي عَنَاكِبَ ضَالَّةِ الْجُهْدِ،
أَسْتَدْعِي جَسَدِي- الْقَمِيصَ
لِسَوْأَةِ إِخْوَتِي الْقَتَلَةِ.
***
إِنَّهُمْ بَيْنَنَا؛
يَعِيثُونَ هَلَاكًا فِي الْحَرْثِ وَالنَّسْلِ،
وَيُخَبِّئُونَ نُجُومًا
دَاخِلَ جُيُوبِهِم المُتَوَتِّرَةِ- اخْتِبَارًا
لِمَفْعُولِ الصُّرَاخِ، لَا الْقَصِيدَةِ..
فَمَا عَليَّ لَوْ آنَسْتُ دَارًا بِقُرْبِكِ،
وَاتَّخَذْتُكِ وَرَحْمَكِ هَوَايَ.
***
بِالْأَمْسِ؛
مَرُّوا مِنْ حَوْلِيَ مِثْلَ سَنَابِلَ نَضِرَةٍ..
كُنْتُ جَائِعًا،
وَمَعِدَتِي مَلِيئَةٌ بِعُصَارَةِ وُعُودِهِم.. لِلْغَيْرِ.
***
أَيَّتُهَا الْأَرْضُ- التَّهْلُكَةُ:
أَشْعُرُنِي بِحَاجَةٍ إِلَى سَوَائِلَ دَافِئَةٍ
لِتَخْفِيفِ حِدَّةِ الْأُنْفْلُوَنْزَا،
وَزِيَادَةِ غَضَبِي.
***
أَيَّتُهَا المُؤَبَّنَةُ- مِنْ قَبْلِ النُّضُوجِ:
رَأَيْتُ فِيكِ أَحَاجِيَ كَثِيرَةً وَطَلَاسِمَ اشْتِهَاءٍ،
وَعَنَاقِيدَ (أَحْجَارٍ كَرِيمَةٍ)..
مِنَ الرَّأْفَةِ بِي أَنْ أَهْلَكَ دُونَكِ.. الْآنَ.
أَيَّتُهَا المَلِيكَةُ- دُونَ عَرْشٍ وَتَاجٍ:
خُذِي جَسَدِيَ عَرْشًا وَعِظَامِيَ تَاجًا
إِذْ أَنْتِ وَحْدَكِ بِي نَصٌّ مَا لَهُ كِتَابَةٌ.
***
الْيَوْمَ؛
يَكُونُ لَكِ طِفْلٌ
يَصْقُلُ جَسَدَكِ بِحِجَارَةِ لَيْلِكِ الْأَدْهَمِ
لَوْ أَنَّهُم لَا يَسْكُبُونَ الصَّمْغَ بَيْنَ
أَ صَ ا بِ عِ هِ.
***
أَشْتَهِيكِ..
أَطِيرُ إِلَيْكِ مِثْلَ فَرَاشَةٍ
تَنْقُلُ إِلَيْكِ لُقَاحَ أَبْجَدِيَّتِي.. وَكَفَى.
***
مَنْ يَعْتَلِي مَنْ؛
الشَّمْسُ أَمِ الْأَرْضُ؟
الْقَمَرُ أَمِ الْأَرْضُ؟
وَلكِنْ..
مَنْ يَطْلَعُ عَلَى مَنْ؟
ثَمَّ فَلَكِيٌّ يُتْقِنُ كُلَّ هذِهِ الْأَسْئِلَةِ؛
... الْقَلْبُ.
***
مُتَمَاسِكٌ بِحُرِّيَّتِهِ لِتَنْظِيفِ قَتْلَاهُ
مِنْ شُبُهَاتِهِم فِيهِ،
وَلَا شَكَّ أَنَّهُ شُبِّهَ لَهُمْ.
***
ثُقُوبُ نَايِ رُوحِي مُتَمَاهِيَةٌ
مَعَ آذَانِ جَسَدِكِ..
هَلْ أَنْتِ امْرَأَةٌ وَطَنٌ،
أَمْ وَطَنٌ طِفْلٌ
يَعْزِفُ بِقَبْضَتِهِ الْبَضَّةِ عَلَى أَوْتَارِ جُرُوحِي؟
... لَا تَرُوحِي..
أَخْشَاهَا حِكَايَةً عَابِرَةً
كَمَا مَرَّتْ سَابِقَتُهَا عَلَى
طِفْلٍ غَاضِبٍ.
***
كُلَّمَا احْتَجْتُ وَطَنًا؛
كُنْتِ أَنْتِ..
وَكُلَّمَا احْتَجْتُ طِفْلًا؛
أَتَانِي مُوَدِّعًا أَرْضَهُ إِلَى السَّمَاءِ،
وَأَوْرَثَنِي حَجَرَهُ؛
رَأَيْتُكِ فِيهِ
رَأَيْتُهُ فِيكِ
وَرَأَيْتُنِي فِيكُمَا مَعًا
وَلَا مِرْآةَ لَنَا.. سِوَانَا.
***
عَذَابُكَ فَوْقَ الطِّينِ أَيَّهَا المُشْتَهَى المَلَائِكِيُّ،
وَرَحْمُكِ لَا يُنْجِبُ سِوَى الْقَتْلَى
أَيَّتُهَا الْوَرْقاءُ فِي ضُحَى الْأَسْئِلَةِ.
***
لَعَلَّكَ لَا تَصْبِرُ قَلِيلًا
أَيُّهَا الْقَائِمُ-  
المُرْتَهَنُ إِلَى عُصَابَةِ عَيْنَيْكَ
فَتَأْكُلُ أَحْلَامَ أَبْنَائِهَا كَيْ لَا تَزُولَ.
***
إِنَّهُمْ مُثْخَنُونَ بِعَمَائِكَ، وَتَرَفِ جُرُوحِهِمْ..
أَنْتَ لَا تُشْبِهُهُمْ بِزِيِّكَ المُغَضَّبِ، وَصَوْلَجَانِ الْغِيَابِ.
***
يَسْتَمِعُ لِصَوْتِهِ فِي أَتُونِ الْغُرَفِ المُقْفَلَةِ،
 وَلَا يَغْرِفُ إِلَّا مِنْ دَمِي..
يَصْطَادُ بِكْرَ الْحَمَائِمِ،
  وَلَا يَجِفُّ شَبَقُهُ إِلَى المَرَايَا..
يَشْتَمُّ سِيرَةَ الْحَرْبِ،
وَيَجْمَعُ المُحَارِبِينَ حَوْلَهُ أَعْمِدَةً شَائِكَةً
خَوْفًا مِنْ طُفُولَةٍ تُبَولُ فِي خُوذَتِهِ.
***
(المَمَالِيكُ) مُتْرَعُونَ بِمَدْحِ السُّكُوتِ،
وَالبِطَانَاتُ مُشْبَعَةٌ بِمَدْحِ (المَمَالِيكِ)،
وَابْتِسَامَةُ الذِّئْبِ صَفْرَاءُ.. صَفْرَاءُ..
بِكُلِّ سُوءٍ.
***
أَبْجَدِيَّةٌ قَدِيمَةٌ تُمَارِسُ، مُجَدَّدًا، حَكَّ حُرِّيَّتِهَا
بِنَحِيبِ امْرَأَةٍ- وَطَنٍ..
أَخْشَى أَنْ سَيَكُونُ عَلَيْهَا
أَنْ تَبْتَلِعَ دُمُوعَ أُبَّهَتِهَا
حِينَ سَيَكُونُ عَلَى الضَّحِيَّةِ أَنْ تَعْتَذِرَ.
***
لَهُمْ أَحْلَامٌ مُعْلَنَةٌ؛
بِأَفْوَاهٍ مُدَجَّنَةٍ،
وَقَلْبٍ فَاسِدٍ.
***
أَعْرِفُ.. أَيَّتُهَا الضَّحِيَّةُ؛
سَيَعْتَذِرُونَ مِنْ أَسْلِحَتِهِم
لِجُرْأَةِ دَمِكِ الْبَرِيءِ فِي الدِّفَاعِ عَنْهُ..
أَنَا...
لَنْ.
***
أُسَمِّيكِ مَا أَشَاءُ،
وَلَيْسَ أَجْمَلَ مِنْكِ الْخُبْزُ وَالصَّخْرُ
رَغْمَ أَنَّهُمَا طَرِيقِي إِلَى حَدِيقَةِ جَسَدِكِ الْبَهِيِّ
... مِنْ دُونِ مُسَاوَمَةٍ.
***
إِنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ يَلْعَبُونَ بِالْجَغْرَافْيَا
يُعَكِّرُونَ المَسَافَاتِ بِرُمُوزٍ مُنَفِّرَةٍ،  
 وَإصْطَبْلَاتٍ شَاهِقَةٍ
... وَلَا يَزَالُ الْحِوَارُ مُسْتَمِرًّا.
***
بِلُغَةٍ دُونَ حُرُوفٍ،
وَدُوَاةٍ مَسْمُومَةٍ،
وَقَصَبَةٍ رَخْوَةٍ؛
يَكْتُبُونَ وَصَايَاهُم عَلَى
 كَفَنِ الضَّحِيَّةِ.
***
أُنْظُرِي إِلَيَّ جَيِّدًا-
أَيَّتُهَا المُلَامَةُ فِي نُشُوبِ المَذْبَحَةِ:
جُرْحِي فَسِيحٌ، وَرَصَاصِي ضَيِّقٌ/
فَكَيْفَ أَرْسُمُكِ خَرِيطَةً كَامِلَةً؟
***
أَمُدُّ يَدَيَّ (ثَانِيَةً) إِلَى نَارِكِ المُقَدَّسَةِ؛
ثَمَّ مَنْ يُسَيِّرُ مَاءً مَشْبُوهًا نَحْوَ مَتْنِ الشَّارِعِ
رَغْمَ أَنَّ الضَّوَارِيَ لَمْ تَزَلْ تُثَقِّبُ أَشْرِعَةَ الْحَنِينِ.
***
 (شُكْرًا) لِـ (الدَّمَارِ الْجَمِيلِ) الَّذِي يُعِيدُ لِي
لَحْظَةَ الشِّوَاءِ المُتَمَاسِكَةَ.
***
كَيْفَ سَنُوقِفُ نَصَّ الْوَرْدَةِ وَنَحْنُ لَمْ نُكْمِلْ
بِدَايَتَهُ بَعْدُ؟
... وَلَمْ تَزَلْ مُسْتَمِرَّةً.

تعليق عبر الفيس بوك