ما قاله الرجل الحزين

علي أزحاف - المغرب

 

(نحن نذبل لنلحق بالتراب..
التراب الذي منه خلقنا..
نفقد كل لحظة بعض طراوتنا..
طراوة الروح التي بها جبلنا..)
قال الرجل الحزين
وهو ينفث دخان سيجارته
في وجه لفحات الريح الهوجاء..
الريح التي كانت تدفع التراب..
في دوامات لولبية صغرى..
تكبر كلما ارتفعت في السماء..
تملأ عيني الرجل الحزين..
بغشاوة من غبار خفيف..
تحجب عنه مجال الرؤية...
(هو العالم كما الريح والغبار..
هبوب هياج ثم اندثار...)
قال الرجل الحزين مرة أخرى..
وهو يمسح عينيه بيده اليسرى..
ويفتش عن علبة سجائره
في جيب قميصه باليد الأخرى..
يتأمل  فوق فضاء رأسه
سماء معكرة  غبراء سوداء..
ويفكر في أقرب مقهى..
والريح مازالت ترفع الغبار
دوائرا كثيفة نحو الأعلى..
(هي الحياة كما عهدنا..
تملأ العين بالتراب لنعمى..
ثم نغض البصر عن الآتي..
ونستلقي في حضن الذكرى...
فها هنا كان صديق ومقهى
وكراسي تملأ الرصيف ضجيجا..
هبت عليها ريح الموتى..
التى لا تذر منا من الأسعد
 ومن الحزين ومن الأشقى..)
أردف الرجل الحزين وتمطى...
حوله فراغ يستبد بقلبه...
وشارع طويل يتفعى ...
في فمه سيجارة تتلظى..
وتابع طريقه وسط الريح..
يدمدم بكلام ليس له معنى..

تعليق عبر الفيس بوك