"حقوق الإنسان" تفند مزاعم "رايتس ووتش" بشأن عاملات المنازل


 
 
مسقط - الرؤية
أكدت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان أنها تتابع أوضاع العمال وحقوقهم بشكل دائم من خلال اختصاصاتها المتمثلة في الرصد وتلقي البلاغات، مشيرة إلى أنّ العاملات في السلطنة بوجه عام ومنهن التزانيات يتمتعن بكامل حقوقهن كما أن المخالفات أو البلاغات تحظى باهتمام كبير من قبل اللجنة والجهات المعنية.
جاء ذلك رداً على تقرير نشرته هيومان رايتس ووتش في 14 نوفمبر 2017 عن أوضاع عاملات المنازل التنزانيات في كل من سلطنة عمان والإمارات تحت عنوان "كنت أعمل كالروبوت".
وأشارت اللجنة في معرض ردها إلى أن قائمة أعضائها تضم عضوين أحدهما يمثل وزارة القوى العاملة والآخر الاتحاد العام لعمال السلطنة. وبالإضافة إلى الجهود التي تقوم بها هاتان المؤسستان في حماية وتعزيز حقوق العمال بصفة عامة، تأتي اللجنة العمانية لحقوق الإنسان كمؤسسة وطنية لتعزيز هذه الجهود. وقد تابعت اللجنة مع العديد من الجهات موضوع مراجعة التشريعات والقوانين المتصلة بالعمال وخاصة العمالة المنزلية والتي تحظى باهتمام كبير من وزارة القوى العاملة التي تدرس فكرة سن قانون يخص هذه الفئة بالتحديد.
وأكدت اللجنة أنّ ما جاء بتقرير هيومان رايتس ووتش لا يشكل ظاهرة وأن المنهجية التي اعتمدتها المنظمة في جمع المعلومات غير موضوعية، مشيرة إلى أنّها تنظر إلى جميع التقارير التي تنشر من منظمات محلية وإقليمية ودولية عن أوضاع حقوق الإنسان في السلطنة باهتمام كبير، انطلاقا من اختصاصاتها المنصوص عليها في قانون إنشائها رقم 124/2008. فاللجنة معنية برصد الانتهاكات والعمل على تسويتها ورصد التقارير وما تثيره المنظمات والتأكد من صحتها. ولأن اللجنة معنية بمتابعة أوضاع حقوق الإنسان العماني وغير العماني على حد سواء، فإن دراسة وتحليل ما ورد في تقرير هيومان رايتس الحالي يعد أمرا ضروريا.
وتطرق رد اللجنة على تقرير "كنت أعمل كالروبوت" إلى محاور أساسية تشمل منهجية التقرير ومادته العلمية، والتشريعات والقوانين المنظمة للعمل في السلطنة، والتوصيات.
فقد اختارت المنظمة عنوانا لافتا لتقريرها الحالي عن أوضاع عاملات المنازل التنزانيات في سلطنة عمان والإمارات "كنت أعمل كالروبوت" وذلك على غرار عنوان تقريرها السابق لعام 2016 "باعوني". واستلهمت المنظمة عنوان تقرير عام 2017، من المقابلة مع إحدى العاملات التنزانيات في زنجبار في أكتوبر 2016. وقد أعطى عنوان التقرير ومتنه انطباعا بأنّ الانتهاكات التي وردت على لسان العاملات اللواتي تمت مقابلتهن، تمارس بشكل مؤسسي ومجتمعي على نطاق واسع. ومع التأكيد بأن أية إساءة تطال شخصا واحدا تساوي في الأهمية الإساءة التي تطال أعدادا كبيرة، إلا أنه لا يمكن تعميم نتائج الحالات الفردية.

واعتمد التقرير على سلسلة من المقابلات أجرتها هيومان رايتس ووتش في أكتوبر ونوفمبر 2016، وأخرى في فبراير 2017. كما تطرق إلى بعض تشريعات وقوانين العمل المعمول بها في السلطنة والقرارات المنظمة لعمال المنازل.
وقد انتقدت مفوضية العلوم والتكنولوجيا التنزانية منهجية التقرير بشدة وطالبت بمنع تداوله في تنزانيا لعدم التزام باحثي المنظمة بالإجراءات البحثية المتبعة والمتمثلة في الموضوعية والدقة في الحصول على المعلومات من طرفي الموضوع. حيث أشارت المفوضية إلى أنّ الباحثين لم يسافروا إلى عمان أو الإمارات للتأكد من صحة مزاعم العاملات التنزانيات، كما أنّهم دخلوا تنزانيا في غطاء سائحين ولم يفصحوا عن نيتهم في إجراء بحوث ودراسات، ولم يتم التنسيق مع مفوضية العلوم والتكنولوجيا في تنزانيا وهي الجهة المسؤولة عن البحوث.

نظرا لطبيعة البحوث الكيفية وصعوبة استخدام عينات كبيرة، فإنّ نتائج المقابلات لا تقبل التعميم لعدم تمثيلها للمجتمع الكلي للدراسة. كما أنّ التقرير تعتريه بعض الشوائب المنهجية، منها أن عينة من تمت مقابلتهن من العاملات التنزانيات أقل من 03.% من إجمالي العاملات التنزانيات الموجودات في السلطنة، لذا فإنّ النتيجة لا يمكن تعميمها لا على العاملات التنزانيات ولا على إجمالي العاملات في الخدمات الشخصية والتي يبلغ عددهن حوالي 171,620 عاملة.
وأضافت اللجنة أنّ التقرير اكتفى بتقديم العاملات كضحايا، ولكنه أغفل كليا البحث فيما إذا كانت العاملات أنفسهن قد ارتكبن مخالفات تخل ببنود العقد أو أتين بتصرفات فردية غير مسؤولة. وكان بإمكان المنظمة التواصل مع الجهات المعنية في السلطنة أو عبر اللجنة العمانية لحقوق الإنسان للاستفسار عن الحالات المذكورة حتى تتمكن من تقدير الموقف وتقييمه بدلا من الاعتماد على النظرة الأحادية.
وأضافت اللجنة أن المنظمة أرسلت قبل 14 يوما من نشر التقرير إلى عدد من الجهات في السلطنة أسئلة عامة تتعلق بالتشريعات والقوانين وليس بعاملات المنازل التنزانيات اللواتي تمت مقابلتهن، ثم خاطبت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان في 23 أكتوبر فقط لمساعدتها في التأكد من استلام الجهات لتلك الاستفسارات. وتأكد للجنة أن هذه الاستفسارات لم تصل أصلا للجهة ذات الصلة وهي وزارة القوى العاملة لأن الأرقام والعناوين التي استخدمتها المنظمة كانت غير صحيحة، وعليه أحيطت المنظمة علما بذلك، وطلبت اللجنة منها تأجيل النشر بسبب ضيق الوقت، إلا أنّها أصرت على نشره في الوقت المحدد من قبلها.
وتساءلت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان: إذا كانت المنظمة أعطت نفسها سنة كاملة لإعداد مادة التقرير وإجراء المقابلات مع العاملات التنزانيات (من أكتوبر 2016 وحتى نشر التقرير في نوفمبر 2017) فما الحكمة في عدم إعطاء الطرف الآخر المعني بالموضوع وقتا كافيا للرد على ما جاء في التقرير؟
واشارت اللجنة الى أن تقرير "كنت أعمل كالروبوت"، أفرد عددا من التوصيات التي تأمل اللجنة العمانية لحقوق الإنسان أن يتم دراستها من قبل الجهات المعنية لكونها تساهم في تعزيز حقوق عمال وعاملات المنازل مثل توحيد عقود العمل التي تتم بين البلد الأصل للعاملة والسلطنة وذلك تجنبا للازدواجية في أحكام تلك العقود وخاصة المتعلقة بحقوق وواجبات عاملات المنازل، وتعزيز جوانب التوعية والتثقيف بالحقوق والواجبات والثقافة السائدة في السلطنة من قبل مكاتب التوظيف في بلد الأصل وفي السلطنة، واعتماد برامج تدريبية تتعلق بالمهارات الأساسية في التعامل مع الأطفال والمسنين، والقيام بأعمال المنزل من قبل مكاتب التوظيف في البلدان الأصلية لعاملات المنازل، والتأكيد على استخدام آلية تثبت استلام عمال المنازل لأجورهم المتفق عليها في العقود سواء عن طريق الحساب البنكي أو التحويلات أو أية وثيقة أخرى، وتعزيز وعي عاملات المنازل بحقهن في تقديم شكوى واتخاذ الإجراءات القانونية إن تطلب الأمر ذلك، ووضع حد أدنى لأجور عمال المنازل بصفة عامة، إضافة إلى التعجيل بإيجاد قانون خاص للعمالة المنزلية.
وأشارت اللجنة إلى ورود عدد من التوصيات في تقرير هيومان رايتس ووتش لا تتوافق مع التشريعات والقوانين القائمة والثقافة السائدة في المجتمع وطبيعة العمل في المنازل ومنها التفتيش الدوري لمنزل صاحب العمل والذي يتنافى مع حرمة المسكن التي أقرها النظام الأساسي للدولة وقانون الإجراءات الجزائية.
كما توجد صعوبة في تحديد ساعات العمل لعاملات المنازل وذلك لطبيعة العمل المنزلي الذي يصعب النظر إليه كباقي الأعمال المؤسسية.
وأشارت لجنة حقوق الإنسان إلى أنّ القضاء في السلطنة يتعامل مع قضايا التحرش الجنسي بموجب أحكام المادتين 269 و34 من قانون الجزاء العماني. أما في مسألة الاغتصاب، فقد جاء نص المادة 218 من قانون الجزاء العماني صريحا بتجريم فعل الاغتصاب تحت مسمى "هتك العرض".
وعن مصادرة جواز سفر عاملة المنزل أكدت اللجنة عدم جواز استحواذ صاحب العمل على جواز العاملة بدون موافقتها، إلا أنّ استخدام التقرير لمفهوم "مصادرة الجواز" ليس دقيقا ولا يعكس حقيقة الواقع. مشيرة إلى التعميم الصادر من وزارة القوى العاملة عام 2006 ونصه " لا يحق لأصحاب العمل الاحتفاظ بجوازات سفر العمال دون موافقتهم أو دون إذن من المحكمة"وهو ما يحفظ حق العاملة، وعليه فإنّه لا يمكن الحكم بالمطلق واعتبار حفظ صاحب العمل لجواز العاملة من الضياع أو التلف أو السرقة وهو السائد مصادرة لجوازها طالما أنّ الأمر تمّ بالتراضي.
وأشارت لجنة حقوق الإنسان إلى مبادرتها بطباعة دليل يتضمّن تجميعا للقوانين والتشريعات المحلية المتعلقة بحقوق وواجبات العمال والعمالة المنزلية، وآلية تقديم الشكاوى عن المخالفات إلى جهات مختلفة، إضافة إلى دليل للعامل عن الأماكن الدينية والتجمعات للجاليات، وأرقام الجهات المهمة. وسيطبع بأكثر من لغة ويكون متاحا للجميع مطبوعا أو عبر الموقع الإلكتروني للجنة.
إضافة إلى إتاحة خدمة تسجيل الصوتي للبلاغات عبر الهاتف المجاني عن أية مخالفات، حيث تمكن هذه الخدمة من الاتصال مجانا على الرقم 80002008 وتسجيل رسالة صوتية كي يتم التعامل معها من قبل المختصين باللجنة. وتأتي هذه الخدمة لتمكين العاملين الذين لا يجيدون القراءة والكتابة أو التحدث باللغة العربية أو الإنجليزية من توصيل بلاغاتهم للجنة.
واختتمت لجنة حقوق الإنسان ردها بالإشارة إلى تثمين الجهود التي تبذلها المنظمات الإقليمية والدولية في سبيل حماية وتعزيز حقوق الإنسان. مؤكدة أنّها لن تدخر جهداً في سبيل الدفع بالتوصيات والمقترحات التي من شأنها أن تساهم في حماية حقوق عمال المنازل، بل والعمال العمانيين وغير العمانيين بصفة عامة.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك