متطلبات نظم المعلومات لإدارة الأزمات (3 – 3)

عيسى الصوافي – سلطنة عمان - دكتوراه في إدارة الأزمات

 

في المقالة السابقة تحدثنا عن متطلبات إدارة الأزمة من المعلومات والبيانات، وخاصة ما يتعلق ببؤر التوتر والصراع والمخاطر. وأسهبنا في الحديث عن خصائص المعلومات الأمنية اللازمة لإدارة الأزمات، ومصادر المعلومات المعلومات الأمنية العلنية والمستترة وفي هذه الحلقة نواصل الحديث حول المتطلب الثاني: وهو المعلومة وتأثيرها خلال مراحل إدارة الأزمة الأمنية، حيث أصبحت المعلومة تشكل عالماً قائماً بذاته بمعناها الواسع والمتكامل اليوم وهي إحدى ركائز المجتمع الإنساني بل محوره وقلبه النابض، حيث تتفاعل المعلومات والبيانات مع عناصر المجتمع الأخرى الإجتماعية والثقافية والتكنولوجية وبمختلف الحياة وتطوراتها في حسابات القوة للدولة(..). فالعالم يعيش اليوم في مواجهة مكشوفة مع صدمة المعلومات التي أصبحت إعصاراً عالمياً تتكون من البرمجيات والإلكترونيات والاتصالات ونظم المعلومات وأجهزة الحاسب الآلي وشبكات المعلومات(..).
ومن هنا تبرز أهمية الدور الذي تلعبه نظم المعلومات في مواكبة مجابهة الأزمات من خلال مختلف المراحل التي تمر منها.

أولا - أهمية دور المعلومة مع اندلاع الأزمات:
تكتسي المعلومة والنظام الذي يضبطها أهمية خاصة اعتباراً لما تقدمه من خدمات لصناع القرار تحقيق الأهداف الآتية: (..).
(1)     العمل على توحيد نظم المعلومات، بما يكفل عدم تكرارها أولاً، وتقليل الوقت والتكلفة لاختزان المعلومات أو استرجاعه ثانياً، الأمر الذي يؤدي إلى السرعة في اتخاذ القرار المناسب.
(2)     توفير كافة الإجابات المناسبة للتساؤلات المطروحة أثناء التعامل مع الأزمة وتميزها بالواقعية (..).
(3)     سرعة الحصول على البيانات والمعلومات بشمول تام ودقة متناهية.
(4)     تلبية احتياجات جميع متخذي القرار لمواجهة الأزمات الأمنية من المعلومات وفق أسس علمية.
(5)     جعل تكنولوجيا المعلومات والتقنيات في الحاسبات الآلية تؤدي إلى الدقة والسرعة وخفض النفقات لكنها ليست بديلة عن الإنسان بما لديه من قدرة على الإبداع والابتكار والتفكير المنطقي الصحيح.
(6)     إعداد مجموعة من محللي النظم ومعدي البرامج وهم أقدر على إعداد برامج الحاسب والقيام بعمليات تحديد البيانات الواجب اختزانها وتحليلها.
(7)    جمع المعلومات الخاصة بمراحل الأزمة، ودراستها، لاستخلاص الدروس والعبر منها واستخدامها في مواجهة أزمات مشابهة تقع في المستقبل(..).
ومن هنا تأتي أهمية المعلومات والبيانات التي يتم الحصول عليها قبل حدوث الأزمة، وهي تمثل عنصراً مهماً وحيوياً في تخطي حاجز الصدمة والمفاجأة وعنصر عدم التوقع للحدث، ذلك لأن تهيئة الظروف المناسب المبنية على المعلومات الأكيدة قد تحد من عنصر المفاجأة ومن تم جعل هذا الحدث في إطار السيطرة وقطع الطريق عليه.

ثانيًا - مواكبة المعلومة لمراحل الأزمة:
للمعلومة دور مهم وحيوي في منع حدوث الأزمة الأمنية، وكذلك في تقليل الخسائر الناجمة عن الأزمة حال حدوثها، يضاف إلى ذلك بأنها تساهم في وضع الإجراءات والتدابير الأمنية اللازمة موضع التنفيذ وتسخير الإمكانات المادية والبشرية والتهيؤ لمواجهة الأزمة. لذا فإن نظم المعلومات تساعد في عملية التنبؤ بالأزمة ومن ثم التخطيط لمواجهتها واتخاذ القرارات المناسبة اتجاهها واستخلاص الدروس والعبر والاستفادة منها مستقبلاً. من هنا تبرز الحاجة لموقع المعلومة في مراحل الأزمة، ويمكن تلخيصه على النحو الآتي(..):

    مرحلة ما قبل الأزمة:
في هذه المرحلة تمثل المعلومات والبيانات التي يتم الحصول عليها قبل الأزمة عنصراً هاماً وحيوياً في تخطي حاجز المفاجأة وعنصر عدم التوقع للحدث. وعلى هذا الأساس، لابد من جمع المعلومات والبيانات من مصادرها المختلفة ومعالجتها وتكوين قاعدة معلومات سليمة باستخدام برامج متكاملة تساعد في دعم قدرة الأجهزة الأمنية على التنبؤ بحدوث الأزمة ومن ثم الاستعداد لمواجهتها لتفادي وقوعها والتخفيف من آثارها إذا حدثت.
بناء على ما تقدم، فإن نظم المعلومات تلعب دوراً هاماً في هذه المرحلة يتمثل في الآتي:
أ. تساهم في تحديد السياسة العامة والأهداف.
ب. تساهم في تقدير الأخطار والتهديدات المحتملة.
ت. تعمل على تعزيز قواعد المعلومات المناسبة لكل أزمة.
ث. المساهمة في تحديد الأزمات والمخاطر المحتملة.
ج. تساهم في إعداد السيناريوهات والخطط الأمنية لمواجهة الأزمات الأمنية المستقبلية.
ح. الإنذار والاستشراف والتنبؤ بالأزمات في التوقيت المناسب.
خ. تبسيط عناصر وإجراءات جمع المعلومات والبيانات وتحليلها وإعداد التقديرات، للتحديث أو التعديل أو التغيير للسيناريوهات والخطط لمواجهة الأزمة.

    مرحلة حدوث الأزمة:
وتمثل هذه المرحلة المحور الأساسي لإدارة الأزمة الأمنية فكلما كان هناك إعداد جيد، وتخطيط سليم وتنسيق مسبق بين الجهات المختلفة كلما أمكن التعامل مع الأزمة عند حدوثها بفاعلية وتحقيق أفضل النتائج. وفي هذه المرحلة يجب الحفاظ على متابعة سير الأحداث، وتزويد طاقم إدارة الأزمة باحتياجاته من المعلومات لتطوير أو تغيير السيناريوهات المعدة مسبقاً وإعداد البدائل المتاحة لصالح اتخاذ القرار ومواجهة التداعيات وردود الأفعال في الأزمة. ففي هذه المرحلة تلعب نظم المعلومات دوراً هاماً تتمثل في الآتي(..):
أ. الترتيب والتنسيق للبيانات الواردة في أثناء إدارة الأزمة والاهتمام بجمع البيانات والمعلومات.
ب. متابعة عملية التنبؤ بالبيانات والمعلومات المتوافرة.
ت. المشاركة في عرض المعلومات الخاصة بالموقف الحالي، بالصورة المناسبة لمتخذي القرار.
ث. الإمداد والتحديث والتطوير بالمعلومات والبيانات طبقاً للموقف الحالي.
ج. تجميع المعلومات عن ردود أفعال القرارات المتخذة في أثناء إدارة الأزمة، ومواجهة التداعيات المحتملة.
ح. التحليل والتفسير للبيانات وتحديد البدائل المتاحة لمواجهة الموقف الحالي للأزمة، والتطوير والتعديل للسيناريوهات.

    مرحلة ما بعد الأزمة:
الهدف من المعلومات في هذه المرحلة هو كيفية معالجة آثار الأزمة للتخفيف من نتاج حدوثها والاستفادة من هذه المعالجة ولذلك يطلق على هذه المرحلة وصف المعالجة (..).
تسمى أيضاً مرحلة استعادة النشاط ويجب أن تتسم هذه المرحلة بتوفير معلومات عن الآثار التي خلفتها الأزمة، حتى يمكن تداركها والعمل على إزالتها، وكذلك معلومات تحدد مناطق القوة والضعف في الأزمة حتى يمكن وضعها كدروس مستفادة في الأزمات الآتية وهو ما يسمى بتوثيق الأزمة ويشمل مدى تأثير الأزمة على صورة المؤسسة الأمنية لدى الرأي العام بصفة خاصة حتى يمكن تحسينها2، حيث تكمن الفائدة من المعلومات والبيانات التي تم بلوغها في المرحلتين السابقتين. والمعلومات التي تأتي بعد هذه المرحلة هي الآتي3:
أ. المشاركة في تحليل الأزمة والاستفادة من الدروس والعبر.
ب. المشاركة في تحديث قواعد البيانات وأسلوب الاتصال وأسلوب تأمين المعلومات، وأسلوب عرضها.
ت. تقويم الإجراءات والتدابير الأمنية المقترحة قبل حدوث الأزمة المعدة لمعالجة هذه الأزمات.
ث. الإشتراك في تحديث السيناريوهات والخطط الخاصة بمواجهة أزمات مستقبلية مشابهة.
على أنه وإن حازت المعلومة الأهمية الفائقة والأساسية لمواجهة الأزمات فإن الإعلام يحتفظ بموقع لا غنى عنه، به تضمن النجاعة لعمليات التصدي للأزمات ومعه تسفر جهود المواجهة عن النتائج الفاعلة المنشودة.

تعليق عبر الفيس بوك