أوراق عمل تناقش تاريخ وأبعاد الدور العماني في ثلاثة قرون

تواصل أعمال المؤتمر الدولي السادس حول علاقات عمان بدول المحيط الهندي والخليج

...
...
...
...
...

 

≤ الوثائق القومية بالقاهرة تؤكد الدور العماني في التجارة بالمنطقة والعلاقة الوطيدة مع محمد علي

≤ العمانيون لم يكتفوا بتحرير السواحل والمدن الواقعة تحت الاحتلال البرتغالي إنما عملوا على نجدة إخوانهم في شرق إفريقيا وتقديم العون لأهالي المناطق الساحلية الهندية

≤ عُمان استطاعت أن تقيم لنفسها مكانة خاصة في آسيا والعالم القديم وصولاً للعصر الفضي خلال القرن السادس عشر وما تلاه

 

تتواصل أعمال المؤتمر الدولي السادس "علاقات عمان بدول المحيط الهندي والخليج.. خلال الفترة من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر"، والمعرض الوثائقي المصاحب، الذي تستضيفه دولة الكويت الشقيقة، وتنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والذي يأتي تنفيذه بمباركة سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- والذي يُعقد خلال الفترة من 11 إلى 13 ديسمبر، فيما يستمر المعرض الوثائقي في استقبال زواره حتى 16 ديسمبر الجاري.. يشارك في المؤتمر -الذي يستمر ثلاثة أيام- نخبة من الأساتذة والباحثين والمثقفين يمثلون 15 دولة مختلفة، يناقشون خلالها 45 ورقة عمل تستعرض خمسة محاور رئيسية. وإلى جانب الشخصيات الدولية، يُشارك نخبة من المتحدثين المحليين في المؤتمر.

 

الكويت - مدرين المكتومية

 

 

واستكمل اليوم الأول في جلسته الأولى المحور الأول "التاريخي والسياسي"؛ حيث ترأس الجلسة الأستاذ الدكتور محمد الرميحي، وحملت الورقة الأولى عنوان "دور تجار مسقط في نقل الإمدادات لقوات محمد على باشا في شبه الجزيرة العربية خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر"، وقدمها الأستاذ الدكتور صلاح أحمد هريدي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة دمنهور المصرية؛ حيث ذكر فيها أنه كان لوجود محمد علي باشا (1805-1848) في شبه الجزيرة العربية -ممثلاً للوجود المصري العثماني- تأثيره في توطيد العلاقات مع السلطان سعيد بن سلطان (1806-1856) إمام مسقط؛ حيث لعب الموقع الإستراتيجي العُماني دوره في الأحداث، خاصة فيما يتعلق بنقل الإمدادات لقوات محمد على، وأشارت الوثائق المصرية المحفوظة في دار الوثائق القومية بالقاهرة إلى ذلك بشكل واضح، والتي اعتبرت أن "تجار عُمان لهم سفن كثيرة، وأن أهلها رجال عمل، ويعرفون كيف ينقلون أعمالهم". وترتب على تلك العلاقة التجارية بين قوات محمد على وتجار عُمان توطيد العلاقات بين محمد على باشا وإمام مسقط.

في حين حملت الورقة الثانية عنوان "الدور السياسي لشركة الهند الشرقية الإنجليزية في عُمان (1783-1823م)"، وقدمتها رنا بنت حمدان بن سيف الضويانية من الكلية التقنية العليا بمسقط، حيث تلخصت ورقتها في أنه كان لشركة الهند الشرقية الإنجليزية دور رئيسي وأساسي في دعم النفوذ البريطاني السياسي في منطقة الخليج بصفة عامة، وعُمان بصفة خاصة. فقد أسهمت شركة الهند الشرقية الإنجليزية في تكوين الإمبراطورية البريطانية في الهند، وفي مد صلاتها نحو الشرق/ لا سيما منطقة الخليج العربي، فلم يقتصر دورها على التوسع الاقتصادي-التجاري، وهو السبب الأساسي لإنشائها في القرن السابع عشر الميلادي، بل شكلت الشركة منعطفاً تاريخيًّا في سياسة واقتصاد بريطانيا في المحيط الهندي، وقد توجهت أنظار هذه الشركة إلى منطقة الخليج العربي وتحديداً عُمان، وذلك للأهمية الإستراتيجية للمنطقة عبر المحيط الهندي، وظهور القوى الفرنسية والهولندية المنافسة لها، وقد أسهمت شركة الهند الشرقية الإنجليزية بتثبيت الارتباط السياسي بين بريطانيا وعُمان خلال الفترة (1783-1804م).

وقدم الدكتور عبدالعزيز بن هلال بن زاهر الخروصي مدير دائرة البحث والدراسات بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، ورقة بعنوان "الصراع البرتغالي العُماني في السواحل الهندية والمحيط الهندي خلال منتصف القرن السابع عشر وحتى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي"؛ حيث قال: إنّ المتأمل لسير العمليات الاستعمارية البرتغالية ضد عُمان وسواحل الهند، سيجد أنها مترابطة، وتهدف للسيطرة على طرق التجارة والملاحة الدولية التي تربط بين الشرق والغرب، وشملت احتلال عدد من مناطق النفوذ العُمانية في أجزاء واسعة من المحيط الهندي، وصولاً إلى احتلال مدن ومراكز على الساحل العُماني. وبعد قيام دولة اليعاربة في عُمان سنة 1624م على يد الإمام ناصر بن مُرشد، الذي عمل على توحيد كلمة العُمانيين، وتجميع قواهم ولمِّ صفوفهم، تم تحريرالبلاد من براثن الاستعمار البرتغالي، ولم يكتفِ العُمانيون بتحرير السواحل والمدن العُمانية الواقعة تحت الاحتلال البرتغالي، إنما عملوا على نجدة إخوانهم في شرق إفريقيا، وتقديم العون لأهالي المناطق الساحلية الهندية.

في حين قدم الدكتور فيصل سيد حافظ أستاذ التاريخ الإسلامي المشارك بجامعة الكويت، ورقة بعنوان "مسقط وهجرة تجار كتش إليها في القرن التاسع عشر في ضوء وثائق بريطانية غير منشورة"؛ حيث أكد أن مسقط من أهم مراكز عُمان التجارية في العصر الحديث؛ فهي مفتاح الدخول للخليج العربي من جهة الجنوب؛ وبذلك احتلت موقعًا استراتيجيًّا مهما مكنها من السيطرة على الطرق البحرية الرئيسية المؤدية إلى الهند، وجنوب شبه الجزيرة العربية والمحيط الهندي، كما كانت مسقط محطة مهمة لتخزين المنتجات والسلع التجارية وتبادلها للعديد من الدول المشاركة في التجارة المحلية والدولية، وصارت أسواقها مركزًا مهمًّا للتجار من مختلف الجنسيات.

 وتناولت الدراسة نموذجاً للتجار الهنود الذين قدموا من منطقة كتش إلى عُمان في هجرات متعاقبة في شكل أفراد وجماعات، كان أغلبها في القرن التاسع عشر، واتخذوا من ساحل مطرح بمسقط مقرًّا رئيسيا لهم، واستقر بعضهم في مدن مناطق أخرى، وأقاموا علاقات تجارية ناجحة في مسقط؛ حيث شكلوا قاعدة مهمة في شبكة التجارة الدولية في المحيط الهندي والمناطق الساحلية العربية، لاسيما في الخليج العربي.

تضمنت الجلسة أيضاً ورقة بعنوان "العلاقات السياسية بين عُمان وبلاد فارس في عهد الإمام أحمد بن سعيد (1744-1782م)"، للدكتور محمد بن حمد الشعيلي محاضر بالجامعة العربية المفتوحة بمسقط؛ حيث تعد فترة دولة آلبوسعيد التي قامت على يد الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي، من أكثر الفترات في التاريخ العُماني من حيث ارتباطها بالفرس؛ نظرا للأطماع الفارسية في عُمان، وفي ممتلكاتها وتوابعها على ساحل الخليج. وقد اتسمت العلاقة بين عُمان وفارس بالتنافس بينهما من أجل السيادة البحرية في منطقة الخليج، ورغبة كل طرف في تحجيم قوة الآخر بسبب هذه المنافسة، ولكن القوة العسكرية التي وصلت إليها عُمان في عهد دولة آلبوسعيد، خاصة في قسمها البحري هي من جعلت الفرس يضعون الاعتبار لعُمان، التي لم تعد مثل السابق عندما كانت في وضع الدفاع، بل تحولت إلى الهجوم في الكثير من الفترات في عهد دولة آلبوسعيد، وهو ما أوجد حالة من التوازن بين القوتين والتي لم تكن متوفرة في السابق.

في حين قدم الدكتور محمد زين العابدين النوالي محاضر تاريخ وباحث في التاريخ الحديث والمعاصر في كلية الآداب بجامعة الوادي الجديد بجمهورية مصر العربية، ورقة بعنوان "الصراع العُماني-الفارسي في عهد السلطان ثويني بن سعيد (1856-1866) وموقف بريطانيا منه".. وأشارت الورقة إلى استغلال فارس فرصة التفكك الداخلي والصراع الأسري الذي واجهه ثويني، فبادرت بالعمل على تصفية الحكم العُماني من السواحل الفارسية، فبدأت في العام 1853 بطرد حاكم الميناء العربي من بندر عباس، وفي نهاية العام التالي احتل الفرس الميناء والأماكن الأخرى الواقعة على ساحل كرمان؛ مما أدى للاشتباك المسلح بين البلدين. وكان من المنتظر أن تقف بريطانيا إلى جانب مسقط، خصوصا بعد أن تكررت الاعتداءات الفارسية على المراكز التجارية التي أقامها الإنجليز في بندر عباس.

وقدم الدكتور محمد محمود الدوداني مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة دمياط المصرية، ورقة بعنوان "الدور العُماني في البحرين لمواجهة الأخطار الفارسية (1718-1801م)؛ وأشار إلى تميز علاقات دولة اليعاربة الخارجية منذ قيامها عام 1624 بالحيوية، ويعود الفضل في ذلك لأئمة اليعاربة الأوائل الذين تمكنوا من طرد البرتغاليين من سواحل عُمان والخليج العربي، ومن قواعدهم في شرق أفريقيا، وأصبحت دولتهم أقوى دولة بحرية إقليمية، تفرض وجودها وهيمنتها على المنطقة.

 

المحور الجغرافي والسكاني

تراس الجلسة الأولى من المحور الثاني "الجغرافي والسكاني"، الأستاذ الدكتور عبدالله الغنيم؛ حيث قدم الدكتور سيف البدواوي باحث في ديوان سمو حاكم عجمان بدولة الإمارات العربية المتحدة، ورقة بعنوان "القلاع البرتغالية في عُمان والخليج العربي"، وأشار إلى انتشار القلاع والحصون البرتغالية على طول الطريق الذي سلكته القوات البرتغالية في عُمان والخليج، إبان سعيها لاحتلال المناطق الساحلية والطرق التجارية المؤدية للهند. وتميزت تلك القلاع بالصلابة وضخامة البنيان؛ بحيث لا يزال بعضها صامدا ليومنا هذا رغم مرور أكثر من 400 عام على بنائها. وأضاف بأن الأنشطة التي طورها البرتغاليون من الحصون في عُمان والخليج، كانت مماثلة لتلك التي كانت في المحيط الهندي، والمغرب، وإفريقيا للحصول على الأسواق، والسيطرة على الطرق البحرية، ودعم الملاحة.

في حين قدم الكاتب الصحفي محمد بن عبدالله العلي من مملكة البحرين، ورقة بعنوان "إبراز وتحليل دور عُمان وموقعها الجغرافي وصلات الجوار في القرنين السابع عشر والثامن عشر"؛ تضمنت مدخلا تاريخيا حول قدرة العُمانيين على التواصل مع الجوار القريب والبعيد عبر الممرات البحرية، والتجارة التي كانوا يعقدونها مع تحديد رقعة عُمان الجغرافية، ويستعراض أهمية موقع عُمان ودورها ابتداءً من القرن السابع عشر ولغاية القرن التاسع عشر في المحيط الهندي والجوار.

تناول الجزء الأول الموقع الجغرافي لعُمان من خلال نظرية السير هالفورد ماكيندر حول الأقاليم الهامشية الأربعة، ثم استعراض رؤية ألفريد ثاير ماهان حول تأثير القوّة البحرية على التاريخ، وإسقاط ذلك على عُمان وموقعها الجغرافي، وكيف استطاعت من خلاله أن تقيم لنفسها مكانة خاصة في عموم آسيا الموسمية، بل والعالم القديم، وصولاً للعصر الفضي خلال القرن السادس عشر وما تلاه. أما الجزء الثاني، فتناول الأهمية الإستراتيجية لجغرافيا عُمان في الجنوب من خط الاستواء بالخلاء المائي في نصف الكرة الجنوبي، وتحولها إلى الرافِعة الأمضى عبر نظرية الارتكاز العمودي لحوض الإقليم. بينما يتضمن الجزء الثالث ثلاثة مباحث؛ الأول: يستعرض أحداث ما بعد العام 1370م، وانهيار دولة الفيجياناجاريين على أيدي الموريين في الهند، مرورا بصعود دول المالابار والكجراتيون، ليصل ذلك للمبحث الثاني وهو صعود اليعاربة في عُمان ودورهم خلال 117 عامًا، وكيفية تواصلهم مع العالم. والمبحث الثالث تناول حقبة دولة آلبوسعيد، وتحديدًا دور السلطان سعيد بن سلطان. والجزء الرابع والأخير تناول البحر والسيوسولوجيا العُمانية، وكيف أن جماعات الصيد وجامعي المحاصيل القديمة والعيش على السواحل تميل إلى التجانس والانسجام.

كما حملت آخر ورقة في المحور الثاني عنوان "العلاقات الملاحية والمعرفية بين حضرموت وعُمان في القرن التاسع عشر الميلادي"، وقدمها محمد علوي عبالرحمن باهارون باحث في تراث حضرموت العلمي بدار الحامي للدراسات والنشر وخدمة التراث بحضرموت باليمن؛ حيث قال: توثقت العلاقات الحضارية بين بلدان جنوب الجزيرة العربية عبر الملاحة والتجارة البحرية الشراعية التي كانت نشطة بين موانئها عبر عصور التاريخ المختلفة. وتربط حضرموت وعُمان علاقات ملاحية وتجارية ومعرفية وثقافية واجتماعية وطيدة توثقت بين شعبيهما الشقيقين عبر القرون. فقد برز أبناؤهما في هذين المجالين بروزا باهراً، وبالتحديد أبناء ميناءي صور العُماني والحامي الحضرمي، وقد ارتبط أبناء الميناءين بعلاقات حميمة جديرة بالدراسة.

 

الاقتصادي والاجتماعي

أما فيما يخص المحور "الاقتصادي والاجتماعي"، فقد قدم الدكتور عايد عتيق الجريد أمين عام حركة المؤرخين العالمية لمقاطعة الكيان الصهيوني لدولة الكويت، ورقة بعنوان "تجارة عُمان مع بلدان الخليج العربي وموقف الدول الكبرى منها بالقرن التاسع عشر"، في حين قدمت ورقة بعنوان "النشاط التجاري بين عمان وساحل بلوشستان وأثره على الحياة الاجتماعية (1804-1888م)"، للباحثة فاطمة بنت سالم بن محمد البلوشية من مؤسسة عُمان للصحافة والنشر والإعلان بمسقط، في حين قدم الأستاذ الدكتور بوضرساية بوعزة أستاذ التعليم العالي ورئيس مجلس علمي ومدير مخبر جامعة الجزائر، ورقة بعنوان "أهمية عُمان في تجارة الأسلحة في المحيط الهندي في ظل الصراع الفرنسي-البريطاني خلال القرن الـ19 من خلال الأرشيف الدبلوماسي الفرنسي"، كما قدمت وضحة بنت محمد بن سعيد الشكيلية بجامعة السلطان قابوس مسقط ورقة بعنوان "علاقة عُمان التجارية مع الهند في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.. تجارة البسور نموذجاً". كما قدم الدكتور محمود عبدالله محمد سعد مدرس قسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة عين شمس المصرية، بعنوان "تجارة عُمان مع المحيط الهندي والخليج العربي 1868-1891". هذا وقدم الدكتور حمد بن عبدالله العنقري أستاذ مساعد بقسم التاديخ بجامعة الملك سعود بالرياض، ورقة بعنوان "تجارة السلاح في الخليج العربي كنموذج من التواصل الاجتماعي". كما قُدمت ورقة بعنوان "استكشاف شبكة التبادل التجاري العُماني: مسقط، وكاتش، وبومباي"، قدمتها الدكتورة تشايا جوسوامي عضوة فخرية في مجلس إدارة جامعة إكستر بالمملكة المتحدة ومتخصصة في التاريخ البحري لمنطقة غرب المحيط الهندي، وقدمت نجية بنت محمد بن سالم السيابية من جامعة السلطان قابوس، ورقة بعنوان "العلاقات الاقتصادية بين عُمان وبلاد فارس (1792-1856). وقُدمت ورقة بعنوان "العلاقات التجارية بين الأحساء وسلطنة عُمان (1233-124 هـ/1818-1829م)، للدكتور علي بن حسين بن عبد الله البسام أستاذ مشارك بجامعة الملك فيصل بالأحساء المملكة العربية السعودية. هذا وقدم الدكتور خالد مكرم فوزي عبدالنبي مدرس التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة بني سويف المصرية، بعنوان "السفن العُمانية والكويتية في القرن التاسع عشر".

تعليق عبر الفيس بوك