عروبة القدس.. أزليّة

لا شك - ولو بمثقال حبة من خردل- بشأن عروبة القدس، فمهد الأديان ومسرى رسول الإسلام، أرض عربية قطنها العرب كابرا عن كابرا، حتى ولو حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بجرة قلم شرخ هذه الحقيقة، أو وأد مصداقيتها على الأرض، سواء بادعاء حق اليهود في هذه المدينة المقدسة وهو ما يسعون إليه مع التوسّع في الاستيطان البغيض، أو من قبل عندما بطش الصهاينة الأوائل بالسكان المقدسيين بعد وعد بلفور المشؤوم.

عروبة القدس لا تحتاج إلى توقيع رئاسي من أحدهم، أو قرار أممي، أو حتى إجماع دولي، بل هي عربية في وجدان أمة تمتد من مشارف الخليج إلى أقصى المحيط، إنها قناعة راسخة، يغرسها المخلصون لهذه البقعة من العالم في نفوس صغارهم، حتى ولو وهن العظم العربي، واشتعل رأس مفكريه وخارت قوى أنظمته.. القدس ستظل عربية وعاصمة فلسطين الأبيّة مدى الدهر.

القرار التنفيذي الأمريكي ورغم أنّه كان متوقعا على نطاق واسع، ورغم أنه أيضا يأتي تنفيذا لمشروع قانون أمريكي قديم ظلّ طي الأدراج لما يقرب من 22 عاما، ينص على إنشاء سفارة أمريكية لدى الكيان الإسرائيلي في القدس باعتباره عاصمة هذا الكيان الغاصب. لكن الرئيس الأمريكي- آنذاك- بيل كلينتون ومن جاء من بعده إلى سدة المكتب البيضاوي في واشنطن، جميعهم، لم يجرؤوا على توقيع الأمر الرئاسي لتنفيذ القانون، خشية رد الفعل العربي. لكن ترامب هبط على البيت الأبيض، وبدأ في اتخاذ قرارات صادمة للمجتمع الأمريكي في الداخل، والمجتمع الدولي خارجيا، تجرأ ترامب وفعل ما لم يفعله أسلافه خلال أكثر من عقدين من الزمن.

لقد أطلق ترامب رصاصة الموت على مفاوضات السلام، وأنهى بجرة قلمه الدور الأمريكي في عملية السلام بالشرق الأوسط، إذ لم تعد واشنطن راعيا لمثل هكذا مفاوضات، ولا وسيطا نزيها بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

إنّ مظاهرات الغضب العارم التي انطلقت خلال الأيام الماضية وانتفاضة الفلسطينيين أنفسهم، خير دليل على أنّ الضمير العروبي الشعبي لم يمت، ظنّه البعض أنّه أغشي عليه دون أمل في الإفاقة، لكن الشعوب العربية الحرة الأبية برهنت على أنها شعوب يقظة، حتى لو عانت ويلات الحروب، وتجرعت كؤوس الهزيمة النفسية ليل نهار.

تعليق عبر الفيس بوك