قُلْتُ يَا أَبَتِي

محمد زياد الترك – عَمَّان – الأردن

 

عِندَما كَبِرتُ وتَفشَّت الضَّخامةُ في بدني، قُلتُ زوجوني..
ولأنَّ عائلتي جَمعٌ كئيبٌ من العاداتِ، والفقْرُ عَلَّاقَةُ هَزائِمِها؛ طَردَني أَبي من البيتِ
حالفًا بالطَّلاقِ إنْ عُدتُ لتكوننَّ آخرَ لحظاتِ حياتي…
ولأنَّ البرَّ لا يَخدِشُ مِزاجَا، تلحَّفتُ حُزني، ورحلْتُ في وَضحِ التمنّي؛
سَرعانَ ما تعافيتُ من الخيبةِ، وصَنعتُ تحتَ ظِلّ الحاجةِ شابًّا إنْ أخطأَ مصادفةً برمْيةِ نِردٍ واحدةٍ يكسبُ على الفورِ شرفَ المحاولةِ..
عَمِلتُ في مهنتين معًا؛
واحدَةٍ من صُبحِ اللهِ، والثانيةِ من بعدِ العِشاءِ حتى منتصفِ الليلِ، كنتُ سيّدًا للوحدةِ والغُرفةِ التي تَعوي جُدرانُها علَى مضجعي الحزينِ..
دامَتْ على غُربتي أربعُ سنواتٍ
كنتُ أُرسِل سِرًّا مبلغًا جيدًا من المالِ عبرَ بوابةِ التحويلِ السريعِ للسَّيدةِ التي تَرعى صِغارَها، وكنتُ أتَّصِلُ مرةً بالشهرِ لأطمئنَ على حالِها فتقولُ بدورِها: كنْ بخيرٍ يا أُمّي
أقول لها أنا بخير ومع السلامة..
يوماً كُشف الأمر
ظنها لمّا كانت تخرج من البيت تذهب لخيانته، راقبها والقى القبض عليها متلبّسة
تستلم حوالة مالية من ولده الخارج من دفتر العائلة؛
حلف أيضاً بالطلاقِ إن أَرسلت (مال الحرامِ)
ليجعلنَّ نهاري مصيبة
قلت يا أبتي….
فقال يا غضيب..
مات الرأس العنيد
حضرت الدفن، وقرأت فوق القبر " وإن جاهداك "
ورجعت للعيش بين الجمع الكئيب
كنت راعياً لرعيةٍ تكبرُ وتتضخم متطلباتها؛
كبر الأولاد
وصغرت أمي
وحدي كنت أهرم في صمت، واقول هذا الشيب أصباغ
رفعت عن سقفِ عائلة تتنازع كانت افواهها
كاهلها
ولمَا انتبهت لنفسي قلت: زوجوني
فحلف الجميع بالطلاق أن أنانيتي هذه
سببٌ رئيس في توقف قلبي.

تعليق عبر الفيس بوك