مسقط - العمانية
يسرد كتاب "موحد عمان السلطان قابوس بن سعيد"، للمؤلف الباحث عماد بن جاسم البحراني، والصادر عن "الدار العربية للموسوعات "، عام 2011، ملحمة جسدها قائد ملهم مع شعبه منذ بواكير فجر النهضة المباركة.
جاء الكتاب في 4 فصول، وخصص الكاتب الفصل الأول للحديث عن تاريخ عمان قبل 23 يوليو 1970؛ حيث تضمن هذا الفصل مختصرًا لتاريخ عمان منذ أقدم العصور إلى ما قبل بداية عهد جلالة السلطان قابوس المعظم في شهر يوليو من العام 1970م. الفصل الثاني حمل عنوان "عهد السلطان قابوس بن سعيد المفدى"، وتناول بداية العهد الزاهر بقيادة جلالته -أيده الله- وتضمن نبذة موجزة عن مولد ونشأة وتعليم جلالته، ثم توليه زمام الحكم في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970م، ثم تطرق إلى أبرز الخطوات التي اتخذها جلالته في أيامه الأولى من الحكم من أجل نقل عمان من التخلف إلى التطور، ووضع حجر الأساس للوحدة الوطنية في البلاد، وإزالة كافة أشكال الفرقة والتجزئة التي كانت سائدة قبل عهده الميمون، وتطرق بعد ذلك إلى العلاقات الخارجية في بداية النهضة المباركة.
بينما تطرق الفصل الثالث لحرب ظفار وتوحيد عمان، وتناول الفصل الرابع جهود سلطان البلاد المفدى في ترسيخ مبدأ الوحدة الوطنية في عمان منذ توليه مقاليد الحكم، وأسلوب تعامل جلالته مع المواطنين وتوحيد جميع فئات المجتمع العماني تحت راية المواطنة.
كما تضمن الكتاب مجموعة صور نادرة لجلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- خلال مراحل حياته المختلفة اضافة الى مجموعة من الوثائق المهمة.
وجاء في الكتاب أنه بعد انتهاء الحرب في ظفار أواخر عام 1975م، "طوت عمان آخر صفحات التجزئة التي استمرت أكثر من خمسين عامًا ودخلت فعليا عصر الوحدة بكافة أشكالها".
وذهب الكاتب إلى أنه بعد توحيده التراب العماني أولى صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم جل اهتمامه لترسيخ الوحدة الوطنية في المجتمع العماني فلم تقتصر سياسته الرامية إلى توحيد عمان على تغيير اسم البلاد فقط وإنما قام بجهود جبارة من أجل توحيدها من شمالها إلى جنوبها ولم شمل جميع أطياف الشعب العماني.
وذكر الكاتب بدعوة جلالته كافة العمانيين في الخارج للعودة إلى أرض الوطن والمشاركة في عملية البناء والتنمية لأن عهدًا جديدا يتسم بالشراكة بين الحاكم والشعب أشرق على عمان. وأشار الكتاب الى أن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- هو ثامن سلاطين دولة أسرة البوسعيد التي أسسها الإمام أحمد بن سعيد عام 1741م والتي تعد من أقدم الأسر العربية الحاكمة بصورة متواصلة منذ (250 سنة).
وبيَّن المؤلف أنه لم يخطر على بال أي عماني أن يوم 23 يوليو من العام 1970م سيكون مختلفًا عن بقية الأيام التي عاشوها من قبل بل سيصبح منعطفا تاريخيا لعمان حيث كاد الشعب يفقد الأمل في التغيير بعد السنين العجاف التي عاشها. وأكد الكاتب أنه بهذا التاريخ انبثقت مرحلة جديدة يقودها جلالة السلطان المعظم باني عمان الحديثة حيث توجه بأول بيان له إلى الشعب بعد ثلاثة أيام من توليه الحكم وعد فيه شعبه بتحديث البلاد وبمستقبل أفضل في بيان موجز في كلماته عميق في معانيه رسم فيه جلالته معالم مستقبل عمان وأسر بخطابه قلوب العمانيين.
ويقول الكاتب: يعد شهر يوليو من العام 1970 حدثًا تاريخيا مهما في تاريخ عمان والمنطقة العربية كلها؛ حيث إنَّ تولِّي جلالة السلطان المعظم دفة الحكم كان إيذانًا بتحول جذري في عمان وطي سنوات من الفرقة ومن الحكم التقليدي إلى الحداثة ومن الانغلاق إلى الانفتاح. وأشار إلى أن بعض المؤرخين وسم مرحلة ما بعد تسلم السلطان قابوس بن سعيد المفدى -أيَّده الله- دفة الحكم بـ"التقدمية" و"التنويرية"، وبأنها بعث لعمان من غفلتها وتقوقعها إلى سلطنة مزدهرة ومنفتحة على العالم.
وقال الكاتب إن جلالة السلطان كان ملتزمًا بعزم وإصرار شديدين لا يعرفان الهوادة في العمل من أجل تقدم بلاده في كافة المجالات، خاصة خلال الربع الأخير من القرن العشرين؛ حيث استعمل موارد السلطنة المتزايدة من النفط لتحسين البنية الاقتصادية الأساسية. وعني الكتاب بجانب مهم من جوانب النهضة المباركة؛ وهو: إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الدول العربية ومعظم الدول الأجنبية، والاهتمام بالتعليم.. مشيرًا إلى أن جلالته قام بإرسال الوفود تلو الوفود من الطلاب العمانيين لتحصيل العلوم الطبية والهندسية والتكنولوجية، مذكرًا بمقولة جلالته "المهم هو التعليم، ولو تحت ظل الشجر".
ويقول الكاتب: إن بذور التغيير التي زرعها هذا القائد الفذ أثمرت في وقت قياسي على الأرض؛ حيث وجد واقع جديد حول عمان من مجتمع قبلي متناحر إلى مجتمع متحضر متآلف يسعى للبناء، مؤكدًا أنه ورغم الكثير الذي كتب عن جلالة القائد المفدى -حفظه الله ورعاه- إلا أن كتاب "موحد عمان السلطان قابوس بن سعيد"، يضيف لبنةً جديدة في سيرة رجل عظيم اتسمت شخصيته بالحكمة والحزم والتسامح.