فكر جلالة السلطان

حمود الطوقي

"إلى أبناء عمان الكرام:

‏انشروا في تغريداتكم وتعليقاتكم ومقالاتكم المحبة والوئام، وابتعدوا عن كل ما يؤجج الفتنة والشقاق، ‏كونوا كما قال فيكم رسول الله: "لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك وما ضربوك". وتمسكوا بفكر جلالة السلطان في أفعالكم وأقوالكم".

‏تلكم كانت تغريدتي على حسابي في تويتر، وحظيت بمتابعة كبيرة من قبل المغردين من السلطنة ومن الخارج، ومما يثلج الصدر أنّ محبة شعوب العالم لجلالة السلطان - حفظه الله- تنتشر في كل دول العالم، في وقت تتأجج فيه الفتن والكراهية، وتبقى عمان بالفكر المستنير لجلالة السلطان بعيدة كل البعد عما يعكر صفو العلاقات بين عمان وبقية شعوب العالم. وعلى ذكر فكر جلالة السلطان سألني أحد المتابعين عن سبب نجاح هذا الفكر ولماذا أصبح مصدر فخر للعمانيين. قلت له: اسمح لي أن أرد على مداخلاتكم، موضحا وجهة نظري حول فكر جلالة السلطان. وقال إنّ من وجهة نظري يجب أن يكون فكر جلالة السلطان منهاج حياة وهو فكر مستنير وفكر يتسم بالرؤية الثاقبة، فكر يدعو إلى الوفاق والابتعاد عن الفتنة وعدم الخوض في المهاترات.

إذا أردت أن تعرف فكر جلالة السلطان فارجع إلى خطب جلالته منذ بداية النهضة وحتى عصرنا الحاضر، لترى كيف وحّد العمانيين بفكره المعتدل ورؤيته للوقائع والأحداث والمتغيرات والتي تحدث في منطقتنا والعالم من حولنا.

تأمل- والحديث هنا موجه للجميع في الداخل والخارج- في فكره النيّر، كيف وحّد بين القبائل وجعل من عمان والعمانيين مصدر فخر وكرامة أينما حلوا أو ارتحلوا. ففكر جلالة السلطان يجب أن يُدرّس في المدارس والجامعات ويكون منهجا دراسيا لطلبة العلم لمختلف شعوب العالم.

فكر جلالة السلطان يجب أن يُسطر بماء من ذهب ويعلق على الجدران ويزين بالبراويز، لأنه فكر يجمع ولا يفرق.. ينشر الأمن والسلام والمحبة، ويدعو إلى الحوار من أجل كلمة الحق.

جلالة السلطان بفكره المتزن جنّب عمان الدخول في صراعات وفتن لأنّ فكره وسياسته الحكيمة مبنية على ثوابت ترتكز على قيم ومبادئ أصبحت مضربا للمثل والافتخار بين الشعوب، لأنّها ثوابت تحث على تحقيق السلم والتعايش ونشر المحبة بين الناس.

تعلمنا في عمان ويتعلم الآن غيرنا من فكر جلالة السلطان، وكعمانيين نقول: إننا في عمان أبناء دولة واحدة وشعب واحد ودين واحد، لا ندّعي الكمال، ولكننا حتماً نتميز بأخلاقنا الممزوجة بالدين واﻷدب، فنحن نحب الكل ويحبنا الجميع لأننا وضعنا في الاعتبار أنّ المذهبية والطائفية ليست طريقا للنجاح والفلاح، لكنها سبيل للدمار والهلاك.

إنّ فكر جلالة السلطان الذي أقصده شعلة منيرة وشمعة مضيئة، يسطع نورها في الدروب وتلقي بأشعتها على الإنسان والزمان والمكان في هذه الأرض الطيبة التي لا تقبل إلا طيبا، وهي أرض تنبض بالسلام والحرية وتنهض بالحركة والحيوية، وتتفاعل مع دوائر الحياة الكريمة، متوازنة خطواتها متوازية مساراتها.

الأفكار المستنيرة لجلالة السلطان أصبحت حقيقة راسخة، أثبتتها عقود من السياسة العمانية، التي أرسى دعائمها عاهل البلاد المفدى، وهي انعكاسات الإيمان بالسلام، والعمل به، والسعي نحوه، وإشاعته في مختلف المواقف، وهذا واضح لدى الجميع وضوح الشمس في كبد السماء.

إنّ النهج والفكر الذي تنتهجه السياسة العمانية الخارجية، مكّنت السلطنة من عدم الدخول في صراعات وتحزبات وأطروحات وخطابات لا تسمن ولا تغني من جوع، مما جعل عمان محجّاً سياسيا واقتصاديا، وفاعلا إقليميا إيجابيا ومؤثرا في رؤية السلام على المستويين الإقليمي والدولي.

نفتخر دائما في عمان أن انتهاجنا لفكر جلالة السلطان- أمد الله في عمره- نابع من تمسكنا بالدين الإسلامي الحنيف والاجتهاد في تطبيقه، وأنّ الناس أجناس تتعدد آراؤهم وتختلف وجهات نظرهم دون تميز. فالتعايش والتسامح ورفع راية الوحدة بين المسلمين والحرص على وحدة الصف أحد أبرز اهم القيم العمانية الأصيلة.

نحن في عمان تعلمنا من فكر جلالة السلطان أن نحب الوطن وكرامة المواطن، وأنّ المخلص لله سيخلص لوطنه ودينه وعقيدته وسينبذ جذور الفرقة والشقاق.

هذه هي عمان وهذا هو شعبها الوفي الذي سلك منهجا بعيدا عن أية صراعات ونزاعات؛ من أجل أن تبقى بلادنا ناصعة البياض.

حفظ الله عمان بلدا وشعبا وسلطانا.