آثار الاستعمار الفرنسي في الجزائر

 

د. يحيى أبوزكريا

ما زالت آثار الاستعمار الفرنسي في الجزائر حاضرة بقوة في الذاكرة الجماعية الجزائرية؛ ففرنسا قتلت في بداية احتلالها للجزائر سنة 1830 حوالي 4 ملايين جزائري، وأكثر من مليون ونصف المليون جزائري أثناء ثورة التحرير الجزائرية بين سنتي 1954 و1962. وما فتئ الجزائريون يطالبون فرنسا بضرورة تقديم اعتذار لهم، إلا أن فرنسا رفضت ذلك بشدة، واعتبر برلمانها أن الوجود الفرنسي في الجزائر هو مرحلة مجيدة من التاريخ الفرنسي الحديث.

ورغم أن الاستعمار الإيطالي في ليبيا لم يقترف عُشر ما اقترفه الاستعمار الفرنسي في الجزائر، إلا أن إيطاليا قررت تقديم اعتذار خاص لليبيين، وتعويض يصل إلى 5 مليارات دولار أمريكي. وقد شدد الرسميون الجزائريون في المدة الأخيرة على ضرورة أن تقدم باريس اعتذارا خاصا للجزائريين كشرط أساس لإزالة كل العقبات في طريق العلاقات الفرنسية-الجزائرية، إلا أن ذلك لم يتحقق لحد الآن.

ويتهم بعض السياسيين الجزائريين بعض الرسميين بعدم تفعيل مسألة مطالبة فرنسا بتقديم الاعتذار، وممالأتها في كثير من القضايا، وقد احتج هؤلاء على باريس لإدانتها بما يعرف بجرائم الأتراك ضد الأرمن وعدم محاسبة نفسها على ما اقترفته في حق الجزائريين. وكانت باريس على الدوام تدعّي أنّ وجودها الاستعماري في الجزائر كان شرعيّا وحضاريّا، إلى درجة أنَّ أعلى المؤسسات الفرنسية كانت ترفض الاعتراف بحرب فرنسا في الجزائر، ولم تعترف الجمعية الفرنسية -البرلمان- بهذه الحرب. غير أنَّ اعترافات الجنرال بول أوساريس في كتاب له صدر مؤخرا في باريس يلغي كل ادعاءات فرنسا بأن وجودها في الجزائر كان ضروريا وحضاريا، وقد كشف أوساريس أنه أشرف شخصيا على إبادة مئات الجزائريين وتعريضهم للتعذيب الوحشي، وهو الأمر الذي أوقع السلطات الفرنسية في حرج شديد للغاية. وفور صدرو كتاب أوساريس، رفعت عائلة المرحوم عمراني مسعود في الجزائر دعوى ضد أوساريس؛ نظرا لما تعرض له عمراني من تعذيب وحشي على يد المصالح الخاصة -لاصاص- التي كان يترأسها الجنرال أوساريس. كما رفعت جمعية مفقودي حرب التحرير الجزائرية دعوى على أوساريس والرائد لوبلان والنقيب كونور الذين كانوا يقتلون جزائريين بالجملة ويضعون جثتهم في مقابر جماعيّة عثر على بعضها في مدينة الشريعة، حيث تم العثور على آلاف الجثامين. ومعروف أن الأجهزة الأمنية الخاصة التي كان يشرف عليها أوساريس في الجزائر بين 1955-1957 كانت تحت أمر الإدارة الفرنسية مباشرة. وكتاب أوساريس الذي يحمل عنوان "أجهزة خاصة..الجزائر 1955-1957"، فيه تأكيد كامل على أن هذه الأجهزة كانت تحت إشراف الإدراة الفرنسية التي أعطت صلاحيات واسعة للعسكريين والأمنيين الفرنسيين العاملين في الجزائر لتركيع الثورة الجزائرية وملاحقة الذين يقفون وراءها إلى الموت.

لماذا رفضت فرنسا تقديم اعتذار للجزائريين؟!

ألم تحتل الجزائر لمدة 130 سنة؟!

ألم تقتل في بداية احتلالها للجزائر (عام 1830) 4 ملايين جزائري؟!

ألم تقتل مليونا ونصف المليون شهيد إبان ثورة التحرير؟!

ألم تسرق خيرات الجزائر على مدى 130 سنة؟!

لماذا اعتذرت إيطاليا لليبيين؟!

وبأي حق يعتبر الفرنسيون فترة احتلالهم للجزائر جزءا من تاريخهم المجيد؟!

أَما آن الوقت أن يضغط الجزائريون ليحصلوا على اعتذار فرنسي؟!

لكن، هل يكفي الاعتذار وجرائم فرنسا في الجزائر لا تحصى ولا تعد؟!

وهذا الحاكم الفرنسي في الجزائر يقول في ذكرى مرور مائة سنة على استعمار الجزائر: "إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرأون القرآن ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن من وجودهم، وتقتلع اللسان العربي من ألسنتهم"!!!!