أول سيرة نبويَّة (شِعريّة) في القرن 21

(... وسراجًا منيرًا) بحث شعري (7)

د. عمر هزاع – دير الزور - سوريا

 

في هذه الحلقة من ديوان السيرة النبوية المطهرة (وسراجا منيرا...) سنتحدث عن معجزة الإسراء والمعراج وبعض أحداثها, وعن العقبتين وما بينهما من سفارات وأحداث, وسنفصل كل منهما في فصل مستقل ونبدأ أولًا بــــــــ:

1-    الإسراء والمعراج:

مُؤَيَّدًا  عَبَرَ الآفاقَ يَطويها
                        لَيلًا  بِإِعجازِ مَسراهُ يُقَفِّيها
 
" جِبريلُ " يَهتِفُ – مِن فَوقِ " البُراقِ " – لَهُ:
    ( مَعًا - إِلى " المَسجِدِ الأَقصى " – سَنَمطيها , نَقِيلَةَ النُّورِ في سُرِّ العُبورِ دُجَى - لِلَّهِ – " مُعجِزَةُ الإِسراءِ " تَعزيها ) *74
تَحِيَّةَ " القُدسِ " – مِـــلْبَيتِ الحَرامِ وَمِــــلْإِسلامِ - حامِلُها السَّاري ؛
يُحَيِّيها
هُناكَ صَلَّى  "إِمامُ الأَنبياءِ"؛ بِهُم
                                  فَعانَقَتهُ - بِمِعراجٍ - عَلاليها
نَحوَ السَّماءِ  بِإِذنٍ, إِذ أَجازَ لَهُ
                     لـ"سِدرَةٍ المُنتَهى" – الأَطباقَ - جازيها
بِــــ :
    ( " قابَ قَوسَينِ أَو أَدنى " )
- هُنالِكَ -
إِذ أَوحى بِما شاءَ
- بِالأَشياءِ –
مُوحيها *75
ما كادَ يَرجِعُ بِالآياتِ؛ أَنكَرَها
                         مِن أَهلِ "مَكَّةَ" رَهطٌ مِن عَواصيها!
حَتَّى وَإِن عَبَقَتْ بالطِّيبِ باقَتُهُ
                                بَوائِقُ الغَيِّ عَقَّتْ في تَزَبِّيها!  
يا نَيِّرَ الفِكرِ؛ يا "صِدِّيقَ" دَعوَتِهِ
                               لِلَّهِ دَرُّكَ - بِالتَّصديقِ – آسيها!
عَضَدتَهُ  وَهْوَ قاريها  وَقَد دَحَضَتْ
                            "أُمُّ القُرى" وكَذا في الجَوِّ راقيها!
الرِّحلَةُ الحَقُّ جُزئِيَّاتُها انكَشَفَتْ
                             بِها التَّضاريسُ, فالآياتُ تَدحيها
مَسالِكًا, دَرَبُوتُ الهَديِ مَذهَبُها
                             يَدُ الرَّشـــــادِ تُعَفِّـــي مَن يُعَفِّيها
رَبُّ المَعارِجِ في التَّنزيلِ أَثبَتَها
                            لا دَرَّ دَرُّك يـــا مَــن أَنتَ نافيها
 
2-    العقبتان, والسفارات بينهما:

سَفينَةٌ غَلَبَ التَّيَّارَ ساريها
                          شِراعُها الرُّشدُ؛ وَالإِيمانُ داريها  
طَليعَةٌ مِن كُماةِ الدِّينِ – أَطلَعَها
                         مِنَ الجَهــــالَةِ – إِســــلامٌ يُبَرِّيها  
حَفُّوا النَّبيَّ بِما قَد عاهَدوا فَوَفَوا
                         فَــــلاحَ جيـــــلٌ بِأَرواحٍ يُنَمِّــيها
فَأَشهَدوهُ عَلى إِسلامِهِم بـ "مِنى"
                           وَبايَعُوهُ عَلى إِخلاصِ زافيها *76
يا أَوَّلَ السُّفَراءِ  "المُقرِئَ"؛ انثَبَرَتْ
                        حَبابُ "يَثرِبَ"؛ مُذ حُبِّيتَ تانيها *77
مَبعُوثَهُ الرَّقَمَ الصَّعبَ الذي عَصَبَتْ
                           بِهِ المُعادَلَةُ الحَيرى تَساويها *78
أَلزَمتَ نَفسَكَ حِملًا ما تُطيقُ لَهُ
                           صُمُّ الكَوادي احتِمالًا في تَقَسِّيها
حَتَّى إِذا عُدتَ بِالبُشرى؛ النَّدى سَكَبَتْ
                           نَشوى السَّعادَةِ في أَقداحِ ظاميها *79
وَفادَةُ "البَيعَةِ الأُخرى" تَدينُ بِما
                               ثَقَّفتَها حينَما استَهدى تَتاليها
فازدادَ فيها عَديدُ المُسلِمينَ, إِذِ النَّبيُّ
– بِــ"الجَمرَةِ الأُولى" –
يُلاقيها *80
إِذ شَفَّ عِلَّتَها الميثاقُ فالتَمَسَتْ
                               بِهِ الأَكُفُّ شِفاءً مِن مُداويها
فَصافَحَتهُ ؛ وَكَفُّ اللَهِ تَكلَؤُها!
                             وَغادَرتْ؛ بِبُكاها؛  لا تَباكيها!
 
نَسائِمُ الثِّقَةِ المَيساءُ رَنَّحَتِ الرِّياضَ, حَتَّى انثَنى - طَلًّا – تَهاديها
تَفَتَّقَ الشَّوكُ عَن أَزهارِهِ, وَرَبَتْ
                                خَمائِلُ الوَردِ تَطفــو في بَراريها
إِنَّ الرَّسولَ وَلِيٌّ في مَحَبَّتِهِ
                             يَسبي القُلوبَ أَسـارى طِيبُ غاليها
هُوَ الطَّبيبُ؛ إِمامُ الطِّيبِ؛ قِبلَتُهُ
                             بِالمِســكِ؛ وَالأَرَجِ النَّفَّــاثِ يُذكيها
ما تَجحَدُ الوَردَ في تَعطارِهِ رِئَةٌ
                            إِلَّا تَنَفَّــسَ فيها الكيـــــرُ؛ يَلحيها  
وَلا تَلَجلَجُ رُوحٌ بِالأَضالِعِ مِن
                            تَذكــــارِهِ ثُمَّ تَلقــــى مَن يُهَدِّيها
 
مَراوِحُ الرُّوحِ أَنسامٌ مُحَرِّكُها الذِّكرى, وَأَشواقُها الحَرَّى سَوافيها
فَما تُريدُ انعِتاقًا مِن لَطائِفِهِ
                                  وَلا النُّفوسُ افتِكاكًا مِن تَغَشِّيها
بِرُؤيَةِ "الوَمضةِ الأُولى" سَكَبتُ دَمي
                                 قَصيدَةً؛ وَمَضَى دَمعي مُناجيها
فَيـــا إِلهــــيَ؛ أَكـــرِمني بِــ"ثـــانِيَةٍ"
                                عَتاقُ رُوحيَ أَنْ حُلمــي مُثَنِّيها
أَنا الــــوَلُوهُ بِحُبِّ "المُصطَفــــــى"
                       وَدَمي -المًحلولُ بِالشِعرِ- طَفَّ الحُبَّ تَوليها
أَنا المُتَيَّــمُ؛ لا تَستَنكِــــروا لَهَفي
                          بِي مِن سُيُول الهَوى طُوفانُ ساحيها
لَو أَنَّ عِشقيَ ذَنبٌ؛ ظِلتُ حامِلَهُ
                          وَلَو صُبُوءٌ – فَفي نَجواهُ – صابيها
دَعوا ضَميريَ ؛ لَن يَرتاحَ مِن جَزَعٍ
                          فَلي ذُنُــــوبٌ ثَـــقالٌ مِن تَناميـــــها
لَعَلَّ رَبِّيَ يُنجينــــي بِرَحمَتِــــهِ
                          وَيَستَجيبُ دُعـــــا رُوحي؛ فَيُنجيها
فالنَّفسَ – يا ربِّ – بِالقُرآنِ تَذكِرةً
                          لِكَي تَقِرَّ إِذا استَشــــرى تَسَلِّيها
ـــــــــــــــــ
الهامش:
البراق: الدابة التي ركبها النبي – صلى الله عليه وسلم في رحلته ليلة الإسراء و المعراج\ ملبيت (ومثلها ملإسلام) من البيت (من الإسلام).
داري: الملاح الذي يتولى الشراع\ كماة: حماة, شجعان, مدرعون, أسود وهي جمع مفردها كمي (يكمي: يستر ويغطي ويحمي)\ يبرِّي (يبرئ) \ زافي: الذي يجود بنفسه \ انثبر: احتبس هلك وباد \ حباب: فقاقيع تظهر على السوائل\ تاني (تانئ): ملازم للأمر ومقيم في البلد\ عصب (الشيء) قبض عليه.
غالي: الغالية أخلاط من الطيب, جمعها غوال\ يُهدِّي (يهدئ)\ سوافي: جمع سافية وهي الريح التي تحمل التراب وتبعثره\ طفَّ: علا وأسرع ودنا وارتفع\ توليه: الوقوع في الوله والتفريق بين الأم وولدها.
ــــــــــــــــــــ

المراجع:
*74 : قصة الإسراء و المعراج: مختصرها من المراجع التالية:
زاد المعاد 2(49) \\ ابن هشام 1(397-402-406) \\ مختصر سيرة الرسول للنجدي ص(148- 149) \\ رحمة للعالمين 1(76) \\ تاريخ الإسلام للنجيب آبادي 1(124):
أنه أسري بالرسول – صلى الله عليه وسلم – بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت المقدس راكبا على البراق بصحبة جبريل وهناك صلى بالأنبياء ثم عرج إلى السماء فرأى في طبقاتها الأنبياء وأقرُّوا بنبوته وعرضت عليه البشرية ومصائرها وصولا للسماء السابعة ثم رفع إلى سدرة المنتهى ثم رفع له البيت المعمور ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله فدنا حتى كان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى, و فُرِضَت عليه الصلوات. فلما أصبح في قومه وأخبرهم عن آيات الله الكبرى كذبوه وحاجوه لكنه أفحمهم فما ازدادوا إلا تكفيرا, بينما صدقه أبو بكر وسمي بذلك بالصديق
*76 : عادت طلائع من أسلم فرادى في الموسم التالي – ممن اتصلوا بالرسول صلى الله عليه و سلم في الموسم السابق – مع زيادة في العدد فبايعوه بيعة النساء عند العقبة بمنى – أي وفق بيعتهن التي نزلت عند فتح مكة – وقد روى البخاري عن عبادة بن الصامت أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - قال: ( تعالوا بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ولا تعصوني في معروف, فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله إن شاء عاقبه و إن شاء عفا عنه).
المراجع: رحمة للعالمين 1(85) \\ ابن هشام 1(431-432-433) \\ صحيح البخاري باب بعد حلاوة الإيمان 1(7) باب وفود الأنصار 1(550-551) واللفظ من هذا الباب, باب إذا جاءك المؤمنات 2(727) باب الحدود كفارة 2(1003)
*77 : المقرئ هو لقب مصعب بن عمير
*78 : مصعب بن عمير العبدري - رضي الله عنه -, وهو أول سفير في الإسلام.
*79 : ابن هشام 1(435-436-437) و 2(90) \\ زاد المعاد 2(51)
*80 : قصة بيع العقبة الثانية مختصرة عن كعب بن مالك الأنصاري: وفيها أنهم اجتمعوا بالرسول – صلى الله عليه وسلم – أوسط أيام التشريق بعد الثلث الأول من الليل عند العقبة في ثلاثة وسبعين رجلا و امرأتين وكان معه عمه العباس – و لم يكن مسلما بعد – فتحدث عمه وشرح خطورة المسؤولية الملقاة على عاتق من سيبايعونه وضرورة التزامهم بميثاق بيعتهم وبعد أن أوثقوه ميثاقهم تكلم النبي وتمت البيعة ونصت بنودها على: السمع والطاعة في النشاط والكسل, النفقة في العسر واليسر, الأمر بالمعروف والنهي غن المنكر, أن يقوموا في الله لا تأخذهم فيه لومة لائم , نصرة رسول الله إذا قدم إليهم, ولهم الجنة.
المراجع: ابن هشام 1(440-441-442)

تعليق عبر الفيس بوك