الله في الأديان والفلسفات

 

◄ يقول ابن سيناء "كل ممكن الوجود فهو محتاج في وجوده إلى علّة تمنحه الوجود"

 

د.يحيى أبو زكريا

تمحورت الأديان السماوية حول مفهوم الألوهية بشكل مباشر وأقرت كل الديانات السماوية أنَّ للكون والمجرات والمخلوقات جميعها خالق هو الله.. والغرض من إرسال الأنبياء والرسل هو التعريف بالخالق جلّ في علاه.

حتى الفلسفة البشرية أقرت في كثير من مساراتها وإتجاهاتها بأن للكون خالق. وتم الاعتماد على الدليل الغائي الذي قال به سقراط وأفلاطون ومضمونه أن لكل شيء في الطبيعة غرضا، لا يمكن تفسيره إلا بافتراض وجود موجود غير مادي، كما أشار أرسطو إلى الكوني أو دليل العلية  وقوامه أن الله موجود باعتباره العلة الأولى لكل الأشياء والظواهر.

ولم يبتعد ديكارت عن هذا المنحى بقوله: فكرتنا عن الله باعتباره كائناً كاملاً متناهياً تستلزم وجوده بالضرورة، ويذهب كانط إلى وجود الله على أساس الأخلاق، إذ يرى أن للإنسان شعورا فطرياً بالعدالة، والعدالة تقتضي أن يثاب المحسن ويعاقب المسيئ. ويشار إلى أن الفلاسفة المسلمين اعتمدوا بعض مباني أرسطو وأفلاطون في تأكيد وجود الله أو واجب الوجود. ومما قاله ابن سيناء في هذا السياق "كل ممكن الوجود فهو محتاج في وجوده إلى علّة تمنحه الوجود".

وما يمكن قوله في هذا السياق أن وجود الله تعالى كانت القضية الأساسية التي شغلت الفكر الإنساني منذ القدم، وقامت الفلسفة منذ نشأتها في التركيز على إثبات وجود خالق للكون، ومادام وجود الله حقيقة مطلقة، فكيف قدمت الأديان الله تعالى وكيف قدمته الفلسفة الإسلامية والفلسفة البشرية والفكر الإنساني؟ وبالمقابل الإيمان بفكرة الله، هناك بعض الفلاسفة أنكروا الله من الأساس، وحجتهم في ذلك لو كان الله موجودًا فلماذا لا نراه؟ ولو كان الله موجودًا وهو روح فكيف خلق العالم المادي؟

وفي سنة 1616 أصدر الإيطالي جوليو سيزار فانيني كتابًا في باريس أنكر فيه وجود الله وكان الكتاب عبارة عن حوار دار بين الإسكندر ويوليوس قيصر حول قضية كيف يمكن لإله غير مادي أن يخلق عالمًا ماديًا؟ وهل تستطيع الكائنات الروحية الاتصال بالكائنات المادية؟ وقالوا إن القول بأن الله روح يساوي القول بأن الله لا شيء، والقول بأن الملائكة أرواح يساوي القول بأن الملائكة لا شيء. وعندما وقف كومودو كانوف أمام محكمة التفتيش وسُئل عن سبب عدم إيمانه، قال "نحن لم نرَ أبدًا رجلًا ميتًا يعود من العالم الآخر إلى الحياة ليُخبرنا عن وجود الجنة.. أو الجحيم".

كل هذه الأمور من خلق الرهبان والقساوسة الذي يريدون العيش بدون بذل جهد في العمل وأن يتمتعوا بالأطايب التي توفرها المؤسسات الدينية لهم، وقد سأل أحدهم لماذا البحث مجددا في الألوهية، فالجواب أن قوافل الإلحاد في العالم العربي والإسلامي، تملي علينا فتح هذا الملف.