البوسعيدي: إدراج مواقع التراث غير المادي العمانية في قائمة اليونسكو ترجمة لاهتمام السلطنة بالموروثات الشعبية

...
...
...
...

مسقط - العمانية

قال السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي المدير العام المساعد للفنون بوزارة التراث والثقافة إن السلطنة نجحت في إدراج العديد من عناصر التراث غير المادي في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي في القائمة سواء بمفردها أو بالاشتراك مع دول أخرى وهذا يعكس الاهتمام الذي توليه السلطنة لموروثاتها الشعبية.

وصدقت السلطنة على الاتفاقية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي بموجب المرسوم السلطاني رقم 56/2005 الصادر في 22 يونيو 2005، وقد دأبت ممثلة في وزارة التراث والثقافة على حضور اجتماعات الاتفاقية ودراسة كل ما يتعلق ببنودها، من أجل وضعها موضع التنفيذ وأصبحت السلطنة عضوا في اللجنة الحكومية للاتفاقية خلال الفترة من عام 2008 إلى 2012 للعمل في مجال التراث غير المادي العماني.

وأضاف البوسعيدي أن ذلك يمثل اعترافًا دوليًا بأهمية هذا الإرث كجزء من التراث العماني الذي حظي بالعديد من الإشادات الدولية، كما مثلت مرحلة إعداد ملفات التراث غير المادي تفعيلًا لاتفاقية حماية التراث غير المادي وهو مؤشر على نضوج التجربة العُمانية في مجال جمع وحفظ التراث الثقافي غير المادي العماني.

ومن العناصر التي تم إدراجها في القائمة العالمية: فن البرعة في عام 2010 - فن العازي 2012 – فن التغرود في عام 2012 - فن العيالة في عام 2014 - فن الرزفة 2015- الفضاءات الثقافية للمجالس في عام 2015 -القهوة العربية في عام 2016.

وأوضح السيد المدير العام المساعد للفنون بوزارة التراث والثقافة أن ملفات التراث غير المادي التي تقدمها الدول تمثل جوهر عمل الاتفاقية الدولية لذلك ليس من المستغرب أن نجد دول العالم تتسابق نحو إدراج ملفاتها في القائمة التمثيلية للتراث غير المادي للإنسانية فهي قائمة روائع التراث الشفهي في العالم ومحط أنظار الباحثين والمهتمين بهذا المجال لذلك تتسابق مختلف دول العالم أيضا في بناء قدرات العاملين في هذا الجانب، وتأهيلهم وتدريبهم ليقوموا بإعداد الملفات كل ذلك بهدف الوصول الى إبراز تراثها عبر تسجيله في القائمة، وفي المقابل ثمة دول تتسابق بطريقة غير مباشرة كاستضافة اجتماعات الاتفاقية وإعداد ورش للخبراء من أجل دعم موقفها عند تقديم ملفات التراث غير المادي.. وبالنظر إلى ملفات الترشيح للتراث غير المادي نجدها بالفعل تستحق ذلك الاهتمام فبجانب كونها تمثل إنجازا للدولة تمثل أيضًا تفعيلاً للاتفاقية الدولية للتراث غير المادي.

وأشار إلى أن اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي تأتي لتكمل النقص على مستوى العالم في الأطر القانونية والتشريعية لهذا المجال، كما أنها تعد نتاجا لمجموعة من المبادرات والبرامج التي تناولت التراث الثقافي غير المادي في العالم، فالعولمة والتحول الاجتماعي الذي يعيشه العالم رغم ما يمثله من أهمية في الحوار والتواصل ونقل المعلومات إلا أنه يعد من المخاطر المحدقة بالتراث الثقافي غير المادي مهددًا له بالزوال والتدهور ولا سيما إذا ما نظرنا إلى قلة التشريعات والنظم الرامية إلى حفظ هذا المجال وصونه كما أن التراث الثقافي غير المادي وبمعناه الأشمل أضحى من المواضيع التي تثير الكثير من الخلافات خاصة مجال الألحان الموسيقية وغيرها لذلك برزت أهمية وجود اتفاقية دولية تعنى بهذا الجانب فكانت ولادة اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي والتي اعتمدها المؤتمر العام لليونسكو في شهر أكتوبر عام 2003.

وأضاف السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي المدير العام المساعد للفنون بوزارة التراث والثقافة أنَّ اليونسكو عرفت التراث الثقافي غير المادي بأنه الممارسات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية تعتبرها الجماعات والمجموعات وأحيانًا الأفراد جزءا من تراثهم الثقافي وهذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيلا عن جيل تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة وبما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها وهو ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها ويعزز من ثم احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية.. مشيرًا إلى أنه لا يؤخذ في الحسبان لأغراض هذه الاتفاقية سوى التراث الثقافي غير المادي الذي يتفق مع الصكوك الدولية القائمة المتعلقة بحقوق الإنسان ومع مقتضيات الاحترام المتبادل بين الجماعات والمجموعات والأفراد والتنمية المستدامة وجاء هذا التعريف الذي وضعته اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي بعد سلسلة من التعاريف التي تناولت التعاريف المتعلقة بالفلكلور والتراث الشعبي والثقافة الشعبية والمعارف التقليدية وغيرها.

وبين المدير العام المساعد للفنون بوزارة التراث والثقافة أن هناك تداخلا بين التراث غير المادي والتراث المادي  فبالرغم من وجود الاختلاف بينهما إلا أن البيانات التي يجب تضمينها عند إعداد ملفات الترشيح على سبيل المثال لابد أن تتضمن المجالين فمثلًا عندما تم تقديم ملف الفضاءات الثقافية للمجالس كان التركيز على المعاني المرتبطة بالمجالس كالآداب والمفاهيم والعادات والتقاليد إلا أنه تمت الإشارة إلى المجلس ككيان مادي ومبنى معماري وتم الحديث عن الدعم الحكومي والاجتماعي لبناء هذا الصرح وكذا الحال بالنسبة للقهوة العربية فبجانب كون القهوة في ملف الترشيح تتناول العادات والتقاليد والهوية العربية في القهوة إلا أنه تم الحديث ووفق استمارة الترشيح عن البن وعن الدلال التي يتم فيها صنع القهوة وهي أدوات مادية..

وأضاف أن هناك اختلافا بين التراث المادي وغير المادي إلا أنهما يجتمعان ويرتبطان فلا يمكن فصل السيف عن فن العازي ولا يمكن فصل دلة القهوة عن المعاني الاجتماعية المرتبطة بشرب القهوة كتراث غير مادي.

وأوضح السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي أن حفظ هذا الإرث يأتي من خلال مجموعة من الوظائف والأنشطة كالجمع والتوثيق حيث يعتبر اندثار التراث غير المادي من خلال فقد ممارسيه من أخطر المهددات التي تحيط به، لذلك يجب أن تكون المرحلة الأولى من مراحل الصون هي العمل على جمع مفردات هذا التراث وتوثيقه من خلال ممارسي هذا الإرث وفق الوضع الطبيعي له ومن أمثلة ذلك برنامج توثيق التاريخ المروي العماني وبرنامج تسجيل الفنون الشعبية العمانية التي تنفذها وزارة التراث والثقافة والترويج والنشر من خلال المهرجانات والفعاليات وتكريس البرامج الإعلامية يمثل أهمية لحفظ هذا الإرث.

وتعد قوائم الحصر التي نصت عليها اتفاقية 2003 سجلات متكاملة لعناصر التراث الثقافي غير المادي في أراضي الدولة وذلك وفق ما تراه الدولة مناسبًا من قوائم فقد تكون قائمة أو أكثر وقد يكون هناك رابط يجمع بين هذه القوائم فقد يوجد عنصر يمكن أن يدرج في قائمتين أو أكثر ويسبق قوائم الحصر تفنيد وتوضيح لهذا التراث بحيث يشمل ذلك تعريف كل عنصر والمجالات التي يشملها ونطاقه الجغرافي وغيرها من البيانات التي تساهم في توضيح العنصر وتعريفه بصورة لا تقبل اللبس.

إلا أن أهم شرط من شروط إعداد القائمة هو مشاركة الجماعات والأفراد الممارسين للعناصر وتكمن هذه الأهمية في أن المعلومات المطلوبة للعنصر لا يمكن استقاؤها إلا من الممارسين والحاملين للعنصر، كما أنَّ هذه الخطوة تضمن مشاركة المجتمع في الاتفاقية وفق ما تنص عليه موادها.

تعليق عبر الفيس بوك