الوضع الصحي في ظفار

 علي بن كفيتان بيت سعيد

أثار وسم على مواقع التواصل الاجتماعي للأخ علي بن زيدان جعبوب حول وضع وحدة غسيل الكلى بظفار فضولي لزيارة الموقع، والاطلاع عن كثب على ما أورده الكثيرون في تفاعلهم مع ما ذكره وأردف عليه في لقاء إذاعي مع أحد البرامج التفاعلية بقناة الوصال، فما ذكر لم يكن مقبولاً مطلقاً أن يحشر كل مرضى الفشل الكلوي بمحافظة ظفار بوحدة غسيل واحدة قوامها عدد من الأسرّة لا يزيد على أصابع اليد الواحدة. وعقب تداول الحدث غرّد أحد أعضاء مجلس الشورى أخيراً ليعلن بأّن هناك نية لدى أحد المتطوعين لفتح مركزين لغسيل الكلى في ولايتي طاقة وثمريت، وبالأمس غرد آخر ناقلاً أمرا ساميا كريما من لدن المقام السامي – حفظه الله ورعاه -لإنشاء مستشفى صلالة الجديد وأنّ شركة أوربية هي من سيقوم بأعمال التشييد.  

في مستهل هذا المقال نشكر من أثار الأمر واستغل مواقع التواصل الاجتماعي لنفع الناس، ولدفع الضرر عنهم، وتبصير المسؤولين بوزارة الصحة، وحثّهم على نزع نظّاراتهم المُعتمة، واستبدالها بأخرى أكثر شفافية تجاه الوضع الصحي المتردي في ظفار، فلم تحركهم أي مناشدات ولا حتى الصور والفيديوهات المنشورة لمستشفى يتهاوى على المرضى، وتنخر جدرانه الحشرات وشتى صنوف البكتيريا المميتة، هنا يجب أن نفرق بين مبنى المستشفى المتهالك وبين الكادر الطبي الذي يعمل بكل طاقته في ظل ظروف صعبة، فلكم منا أيّها الأطباء والممرضون والطواقم الفنية والإدارية كل التقدير على جهودكم الخيرة.

وفي محطة أخرى نحلق على ممثلي ظفار في مجلس الشورى الذين حُشدت لهم مئات بل آلاف الأصوات؛ وهنا أستحضر ذلك الرجل الريفي المقعد الذي ترك سريره في إحدى مستشفيات العاصمة وذهب على نقالته ليدلي بصوته، وتم تسويق صورته بشكل لافت على صفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي، ولا زلت أذكر كل الإرهاصات التي تتحدث عن الكفاءة والشفافية في اختيار العضو التي ملأت الواجهة وكتبنا عنها في حينها كتجربة ناجحة يجب أن تُستنسخ في جميع مناطق السلطنة، لكن أتوقع أن ممثلينا خذلوا جميع من انتخبهم ومن فتن بالهالة التي كانت حول معظمهم.

مؤسسة الشيوخ كان لي مقال سابق عنها ووصفتها بأنّها الوظيفة المفضلة للجميع في هذا العهد، ونظم عنها الشاعر الكبير عبد الله بن مدهل المهري قصيدة جميلة أنصحكم بقراءتها، فهناك مقابل مادي شهري دون اختصاصات ولا دوام، وختم وشيء من الوجاهة الاجتماعية لمن قلم أظافره جيداً وظهر بمظهر حضاري متقشف لكل ما يحتاجه الناس. كم تمنيت أن يوظف بعض هؤلاء نسبة قليلة من حماسهم للوجاهة عبر عزائمهم المتخمة لكبار المسؤولين بالهمس في أذن أحدهم لقضية اجتماعية تشغل الناس في المحافظة مثل الوضع الصحي، أو تأخير مشروع (أدم – ثمريت).. إلخ.

الأمر لا يتعلّق بوحدة الكلى التي يعلم وضعها كل مسؤولي وزارة الصحة قبل التقشف الذي صار كقميص يوسف عليه السلام، والأمر ليس استجداء لدافني الأموال في ظفار، ولا حتى ممثلي المحافظة في المجالس المنتخبة ولا شيوخنا الجدد مرهفي الحس، الأمر يتعلق بتغير فسيولوجي غير حميد يعمل على تربية وترحيل المعضلات والانزواء للجانب الشخصي على حساب النفع العام؛ وصدق الشيخ العلامة مفتي عام السلطنة في إحدى مقابلاته الصحفية الأخيرة عندما قال إن حب الظهور آفة جديدة استشرت في المجتمع ويجب معالجتها.

لم يتبق لنا إلا مجلس الوزراء الموقر الذي يرأسه صاحب الجلالة -حفظه الله ورعاه-ولنا فيه رجال حملوا الثقة السامية نعتز بهم، ونكنّ لهم كل تقدير ونتوقع منهم أن يقنعوا صاحب الشأن بتمرير مناقصة المستشفى المُعلّق..

حفظ الله مولانا جلالة السلطان وأدام عليه نعمة الصحة والعافية والعمر المديد.

alikafetan@gmail.com