تجديد الفكر الإسلامي

د.يحيى أبوزكريا

يمر العالم الإسلامي بمرحلة دقيقة وحرجة، تداخلت فيها كل الملفات: الأمنية، والسياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والفكرية، والحضارية، وواحدة من أهم المهام الكبرى التي يجب أن نُوليها أولوية هي تجديد الفكر الإسلامي، خصوصا في ظل تغول التكفير الذي جاء على الأخضر واليابس في بلادنا.

والتجديد في ظل غلق باب الاجتهاد، وتحنيط العقل، والجمود على النص، مهمة كبيرة، يجب أن يضطلع بها أهل العلم والمعرفة وبصفة جماعية؛ لأن الفردية في التفكير أجهزت على الحيوية والليونة التي اتسم بها الإسلام. والتجديد في الإسلام لا يعني إلغاء الثوابت؛ فالزيادة في الدين حرام، إنما المقصود هو إعادة فهم النص بمنظور القرن الحادي والعشرين، وعدم جعل النص التاريخ نصا مقدسا يبنى عليه، وإعادة الحيوية لحركة الاجتهاد وفق الشروط الشرعية وإعادة استكشاف مقاصد الشريعة بما يخدم إنسانية الإنسان، لأن مناط الفكر الإسلامي خدمة الإنسان وليس ذبحه أو بيعه.

فما هو التجديد؟ وما هو مفهومه الإسلامي الصحيح؟ وما هو التأصيل الشرعي للتجديد في الإسلام؟ وما هي الضوابط الشرعية للتجديد في الإسلام؟ فقد ورد لفظ التجديد في الحديث النبوي الشريف الذي رواه أبوداود في سننه: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها".

نحتاج إلى التجديد؛ لأن نصوص الشريعة محدودة، والحوادث التي تقع ممدودة. نحتاج إلى التجديد؛ لأن فهما جديدا دمويا أحمر ألصق بالدين، ويجب إعادة الاعتبار لحضارية الفكر الإسلامي القائمة على مبدأ العلم والبحث والسعي من أجل استكشاف الحقائق.

لقد أدى الجمود في فهم النص والاقتصار على فهم السلف للدين والنصوص إلى قولبت الفكر الإسلامي وحبسته في صندوق السياق التاريخي، لذا فالمطلوب اليوم تجديد الفكر الإسلامي بطريقة علمية حضارية حفاظا على أجيالنا التي بدأت تشد الرحال إلى الإلحاد فرارا من الانغلاق الفكري وفرارا من التكفير الأعمى.

وكيف لا تنتصر علينا واشنطن وتل أبيب، ونحن في العالم الإسلامي "خط طنجة-جاكرتا" ما زلنا نعيش على إيقاع المذهبية والطائفية والجهوية والمحاورية والمناطقة، فأهل الجماعة والسنة جماعات وسنن، وأهل الشيعة فرق شتى ومذاهب متعددة، ولسان حال كل عربي ومسلم: أنا سني حنفي، حنبلي، شافعي، مالكي، سلفي...إلخ.

والله العظيم لن تقوم لكم قائمة أيُّها المسلمون وأنتم تستخدمون هذا المنطق، وهذا الخطاب، وهنيئا لكم التخلف والتراجع، ويجب أن تحكمكم أمريكا وإسرائيل، وواجهوا رسول الله يوم القيامة على خذلانكم وتمزقكم.