السابع عشر من أكتوبر يوم تاريخي في حياة المرأة العمانية

 سارة بنت علي البريكية

تعد إسهامات الشعوب في بناء أوطانهم عملا لا يقتصر على فئة منهم دون غيرها، ولا يوجد على الإطلاق أي قُطر يفتقر لإسهام كل الشرائح فيه مهما كان، مع الأخذ في الاعتبار اختلاف أعمارهم وتعدد مستوياتهم، وجرت العادة بأن المجتمعات تنشأ باكتمال أدوار البشر فيها كل بحسب موقعه ومجاله.

ولما كانت عمان دولة أريد لها من عاهل البلاد المفدى أن تكون دولة عصرية بكل المقاييس، لم يستثنى فيها شريحة ما عن المشاركة في العمل والبناء، والمساهمة في دفع عجلة التنمية والتطور التي شملت كافة ربوع السلطنة، ومضت المسيرة لدينا في السلطنة منذ فجر النهضة المباركة، على هذا النهج والمسار دونما تمييز وفرقة واختلاف، تسير بعزم راسخ وبخطى وثابة واثقة، نحو المجد والسؤدد والرفعة، تنشد للمواطن والمقيم حياة عصرية كريمة عزيزة، وتتطلع إلى الأخذ بهم إلى الأسباب التي تحقق التقدم والنماء والسعادة والرخاء والفائدة للجميع، وبهذا استمرت عمان دولة المؤسسات والقانون وأرض المحبة والسلام والتسامح ومنذ 1970م عند انبلاج فجر جديد عليها وأهلها، تتيح المجال لكل أبنائها من أجل العمل والمشاركة الفاعلة في مسيرة التنمية الشاملة، كل وفق قدراتهم ومؤهلاتهم وميولهم.

وإذا كانت اليد الواحدة لا تصفق ولا تقوم الجهود على جنس بعينه، فإن المرأة العمانية منذ أكثر من أربعة عقود مضت وفي هذا التكوين العماني المتماسك والنسيج المجتمعي المترابط الذي يشتد يوماً بعد آخر، ويقوى بين الفينة والأخرى بتآزر وتعاضد أركانه، كانت حاضرة بقوة وتفوق وامتياز في فكر جلالته وقناعاته وسياساته، مشكلة له الشغل الشاغل، فأولاها منذ بداية العهد الزاهر اهتماماً كبيرًا مكنها من إثبات جدارتها وقدراتها، فجاءت خطط التنمية مترجمة لتوجهيات القائد وأقواله وأفعاله من أجل الارتقاء بذاتها وخبراتها ومهاراتها، ومن يومها لم تتوانَ المرأة العمانية عن التواجد والانضمام والانخراط في مختلف الأعمال والتخصصات، فوجدناها بالأمس واليوم في مختلف ميادين العمل والبناء والتطور، وتبوأت بفضل مهاراتها وقدراتها مناصب ومراكز قيادية رفيعة مختلفة، فكانت الوزيرة ووكيلة الوزارة وصاحبة السعادة والسفيرة والطبيبة والشرطية والعسكرية في أسلحة قوات السلطان المسلحة والحرس السطاني العماني، ورائدة أعمال ناجحة، ومهندسة في عدد من الوظائف والتخصصات، تعمل بجد واجتهاد بجانب الرجل، وتعلي راية عمان خفاقة أبية مشرقة، مزهوة بما تحقق لها وفخورة بما حصلت عليه من عزة وكرامة ومساواة وتقدير.

إنَّ هذا اليوم يوم السابع عشر من أكتوبر تفضل جلالته يحفظه الله ويرعاه، والتقى فيه ثلة من النساء العُمانيات ونخبة منهن مثلن أخواتهن في لقاء جمعهن بجلالته في سيح المكارم بصحار، ومن يومها جعل هذا اليوم يومًا للمرأة العمانية، وانطلاقة حقيقية لإلقاء الضوء على إسهاماتها وأدوارها في خدمة مجتمعها، ويوماً سنويًا خالداً باركه جلالته واختاره، ليستذكر فيه منجزاتها وعطاءها، وليستحضر من خلاله وبكل الفخر والاعتزاز ما وصلت إليه من تقدم في مختلف المجالات والتخصصات، وأصبح هذا التاريخ حدثاً مهماً يتم فيه الاحتفاء بالمرأة العمانية، وتبرز فيه مجالاتها خلال عام مضى، ومجمل إسهاماتها في خدمة مجتمعها.

إن عمان بقيادة جلالة السلطان قابوس -حفظه الله ورعاه- لم تبخس مطلقا حقوق المرأة ولم تسلب إرادتها، فهي تعيش اليوم عزيزة حرة مصانة، حقوقها محفوظة وواجباتها مكفولة بالرعاية والاهتمام والمتابعة، وفي هذا الصدد جاءت التشريعات والنظم متكافئة ومتساوية للجنسين، وغدونا نحن معشر النساء عند إشراق شمس كل يوم على بلدنا عمان سواء في مشرقها أو مغربها أو شمالها أو جنوبها، تشرئب أعناقنا فخرًا بما تحقق على أرضنا من منجزات لنا دور فيها، فها نحن نعيش مطمئنين آمنين حامدين شاكرين، وتواصل المرأة العمانية دورها الفاعل المشرف بكل عزيمة واقتدار، ويبقى جلالته أعزه الله هو الداعم الرئيسي لها، ولم تألو الحكومة الرشيدة جهدًا في كل ما من شأنه تمكينها من تحقيق تطلعاتها وطموحاتها، بما يتواءم وواقع الحياة العمانية المعاصرة.

ختامًا ونحن نحتفي بهذا اليوم الخالد للمرأة العمانية، أتشرَّف بأن أتقدم إلى مولاي السلطان قابوس بعظيم الشكر والتقدير، مقرونة بمشاعر الولاء والعرفان له على ما أكرمنا وخصنا به، سائلة الله العظيم رب العرش العظيم أن يطيل في عمره أعواما عديدة وأزمانا مديدة، وأن يحفظه سليما معافى، وبارك الله في عمان وأهلها وجلالته، وكل عام والجميع بخير، وفي تقدم ونعمة ورخاء وازدهار.

 

Sara_albreiki@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك