نساء عربيات في أتون الإرهاب

د. يحيى أبو زكريا

وجدت المرأة العربية والمسلمة نفسها منخرطة في فصائل الإرهاب لدوافع عقائدية وفقهية واجتماعية، وقد وصلت نسبة النساء في التنظيمات الإرهابية حول العالم إلى 15% حسب دراسة روبرت راب. وكانت المرأة حاضرة بقوة في كل التنظيمات الإرهابية القديمة والراهنة وكانت المرأة تعتبر نفسها مكلفة شرعا كالرجل في الإنتصار للدين وإقامة الخلافة الإسلامية وإحياء الفريضة الغائبة.

وقد أصبح الإرهاب اﻟﻨسائي ﻣﺜﯿﺮا ﻟﻠﻘﻠﻖ والذعر لأن المرأة ارتبط وصفها بالمربية وصانعة الأجيال والأم والمرشدة وليست كائنا قادرا على التفجير والتفخيخ والتدمير، وتزايد الاعتماد على النساء لتنفيذ العمليات الانتحارية، يعود إلى كون النسوة أقل تعرضا للتفتيش، وبالتالي يسهل عليهن الوصول بأحزمتهن الناسفة إلى الأسواق والتجمعات والمساجد والحسينيات والكنائس التي يصعب على الانتحاريين الرجال بلوغها، كما أن الجماعات الإرهابية تحاول استنساخ تجربة المرأة العربية المقاومة التي ساهمت في تحرير الأوطان من رجس الاستعمار كجميلة بوحيدر، وحسيبة بن بوعلي وفاطمة نسومر وغيرهن.. وتلجأ الجماعات الإرهابية إلى أسلوب من الدعاية يوحي للمرأة العربية والمسلمة الراغبة في الانضمام إليهم أنّها ستقوم بأدوار كعيبة بنت سعد الأسلمية ونسيبة بنت كعب أم عمارة و غيرهن..

ويتم استقطاب العنصر النسوي من دوائر متعددة، الدائرة الضيقة وقوامها الأخوات والزوجات والبنات، والدائرة المتوسطة وقوامها القريبات والأرحام والدوائر البعيدة وقوامها عموم المسلمات. وحتى أولئك الغربيات من أصول مسلمة أو غربيات أسلمن وجدن أنفسهن في أتون الفصائل الإرهابية.. وقد صدر أخيرا كتاب بعنوان عاشقات الشهادة: تشكلات الجهادية النسوية من القاعدة إلى الدولة الإسلامية وفيه تفاصيل كثيرة ومهمة عن الدور النسوي في الحركات الإسلامية والجهادية منها على وجه التحديد، ويشير الكتاب إلى أنّ التحول في حجم مشاركة المرأة ودورها جاء مع تنظيم داعش، خلال الأعوام الأخيرة.

وقبل ذلك كانت مشاركة المرأة في تلك الحركات مرتبطة بأدوار ثانوية وليست رئيسة.. ومِن جهة أخرى فإن داعش جعل المرأة ذات دور قتالي وتفجيري وتدير معسكرات تدريب كاملة للنساء، وهي سابقة في العمل التنظيمي الجهادي. وتذهب المصادر العراقية الرسمية أن عدد النسوة اللائي نفذن عمليات انتحارية في بغداد وبقية المحافظات العراقية فاق المئات.

ولذلك عدّ نشاط المرأة ضمن حركات الدم من أخطر الظواهر الاجتماعية والحضارية، لأن المرأة الإرهابية قد تجند أجيالا بكاملها لصالح التدمير والتفجير ومن الأمهات من أعد بناته بالحزام الناسف بشكل شخصي وغسلن أدمغة الفتيات الصغيرات والفتيان. نحن هنا أمام ظاهرة مربكة. خصوصًا إذا علمنا أنّ عاشقات الانتحار لسن من عوام النساء بل فيهن الطبيبة والمهندسة والأستاذة الجامعية والصحفية والممرضة وغير ذلك.. والجماعات الإرهابية في الوقت الذي تغري فيه النسوة بالإنضمام إلى قوافل الدم، تعمد إلى ثقافة السبي وفقه الإماء مع الجواري في فقههم الأعور، فتباع المرأة الكافرة المسبية وتنتقل من بيت إرهابي إلى آخر، في ازدواجية فكرية وشيزوفرينيا قلّ نظيرها.