حمود الطوقي
على مدى الخمسة أيام الماضية التي قضيتها في العاصمة الجزائر، تابعت الحراك والتجاذب على مستوى الشارع الجزائري في مختلف أنماط الحياة، ولعل الحدث الأبرز الذي استحوذ على اهتمامات الشارع الجزائري خروج المنتخب الجزائري، وعدم تأهلة في تصفيات مونديال 2018 التي ستقام في روسيا.
الحدث الآخر الذي استحوذ على اهتمام الشارع الجزائري، خلال هذه الفترة، خاصة المهتمين بالجوانب التجارية والاستثمارية هو انطلاق معرض المنتجات العمانية للمرة الأولى في الجزائر، لمست أن هناك شغفا كبيرا من قبل الشعب الجزائري للتعرف عن قرب عن سلطنة عُمان؛ من خلال ما سيعرض في المعرض من منتجات عمانية قد تكون فاتحة خير لتعزيز العلاقات بين البلدين في المجالات الاقتصادية والتبادل التجاري، خاصة وأن الأرقام الرسمية تشير إلى أن حجم المبادلات التجارية بين البلدين ضعيف وخجول.
وزير التجارة الجزائري محمد مرادي امتدح جودة الصناعة العمانية عقب تفقده للشركات العمانية المشاركة في المعرض، وتمنى أن يكون هذا المعرض فاتحة خير لمزيد من التعاون مع سلطنة عمان، خاصة وأن العلاقات بين البلدين قديمة وضاربة في عمق التاريخ.
الجزائريون يرون أن اقتصادهم له مكانة في مختلف دول العالم، وأن استضافتهم للمنتجات والصناعات العمانية نابعة من قناعة بأن العلاقات الاقتصادية أهم الملفات التي تعزز الشراكة البينية بين الشعوب.
كنت أتحدث مع رجل أعمال جزائري بارز، جاء بدعوة من السفارة، وقال لي إنه لابد أن تتواجد عمان في منظومة الاهتمام الجزائري؛ فالسوق الجزائري سوق كبير جدا، ويستوعب قطاعات مختلفة، لكنه في نفس الوقت سوق يبحث عن التسهيلات والشراكة الحقيقية طويلة المدى، وهذه الشراكة لن تتم إلا بعد دراسة الطرفين، فلابد أن تكون هناك مرونة من قبل حكومة البلدين حتى ينجح التعاون، ويصبح واقعا، وليس مجرد مشاركة خاطفة لتسجيل الحضور والاستهلاك الإعلامي.
بالأمس، وقبيل افتتاح المعرض، وفي جلسة عشاء أقامها سعادة ناصر الحوسني سفير السلطنة، كان معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزيرالتجارة والصناعة يحث الصناعيين على أهمية نجاح المعرض، معتبرا أن السوق الجزائري سوق واعد ومهم، وبوجود بنية تحتية مكتملة يُمكن للسلطنة أن تكون محطة مهمة للتبادل التجاري بين كل من السلطنة والجزائر، ووعد بأن السلطنة جادة وسوف تقدم كل التسهيلات لدخول الاستثمارات الجزائرية. معتبرا أن دعم المنتج العماني مهم ليكون حاضرا في السوق الجزائري، واعتبر أن وجود أكثر من سبعين شركة عمانية جديرة بأن تؤسس لعلاقات طويلة المدى بين البلدين.
وأعود للمعرض وأتحدث هنا عن الشركات العمانية لأقدم الشكر للقائمين على تنظيم المعرض، وأيضا للشركات المشاركة التي جاءت باحثة عن فرص استثمارية لترويج المنتج العماني في الخارج، لدي يقين بأن هناك شركات عمانية عملاقة ربما كان من المناسب تواجدها، لكنها فضلت أن تبقى في عمان لأن الفكر التسويقي لها محدود، أو أنها -حسب نظرتهم الضيقة- تعتبر السوق الجزائري محدودا ولا يمكن أن يستوعب الصناعات والمنتجات العمانية التي تتميز بالجودة والفخامة.
أقول لهذه الشركات لو أنها حضرت الجزائر لغيرت وجهة نظرها، ولوجدت هنا بيئة خصبة لتحقيق المزيد من الصفقات، والتعريف بالمنتج العماني القادر على المنافسة، واستحسان المستهلك الجزائزي.
الجزائر بلد كبير وسوق يلتهم كل الصناعات وتشير الأرقام الرسمية إلى أن الجزائر احتلت المرتبة 26 في التجارة العالمية من حيث حجم الصادرات، و37 في قيمة الواردات، واحتلت المرتبة الأولى في حوض الأبيض المتوسط من حيث الفائض التجاري المقدَّر بنحو 25.64 مليار دولار.
كما أن الجزائر تسهم في تمويل العديد من مناطق العالم بالمحروقات خاصة أوروبا عبر أنابيب. وتعد من أهم الدول النامية اهتماماً بالاستثمار الأجنبي من خلال فتح السوق الوطنية وتسهيل الإجراءات وحركة الأموال وعملية الإصلاحات التنموية.
ومما يشجع على طرق الأبواب للسوق الجزائرية: اتساع المساحة؛ حيث تبلغ مساحة الجزائر 2381741 كيلومترا مربعا حسب آخر تعداد، ويبلغ عدد سكانها نحو 40 مليون نسمة، فيما يبلغ الناتج المحلي نحو 272.866 مليار دولار.
هذه المؤشرات جديرة بأن نفكر في الجزائر كمحطة مهمة لتنمية الصناعات العمانية، والخروج بها إلى أسواق جديدة وواعدة، شريطة أن تكون هناك قناعة من جهة، ومرونة وتسهيلات بين البلدين من جهة أخرى.