علي بن كفيتان بيت سعيد
لا أحد يتفق مع من يذكون روح المشكلة والتطبيل عليها عبر مقالات صحفية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي منذ سنوات بحجة الاعتراف بها وإيجاد الحلول المناسبة لها، لقد عملت تلك الومضات الخبيثة عمل الهشيم في النار كنَّا نرقب بحذر ونتمنى أن يعدل هؤلاء عن خطهم المائل بمرور الوقت ولكن في كل يوم تجدهم يحدون سكاكينهم لنحر أوطانهم الآمنة المستقرة بأقلامهم المُتربصة فما أسعدهم إذا لقوا مقطع فيديو أو صورة تنم عن الفوضى والخراب ليقولوا لقد صدقت توقعاتنا.
أنا لست هنا للدفاع عن الحكومة أو عن إخفاقات الأفراد الذين يتولون مناصب قيادية فيها، ولكننا نؤمن بأنَّه ما دام هناك عمل فهناك أخطاء تحدث ولكن ما لا نقبله أن يتم وضع المجهر على تلك الإخفاقات وتسويقها للقاصي والداني وتحفيز الرأي العام للخروج عن الصمت الإيجابي الذي تميزنا به كعُمانيين وصار مثلاً يحتذى ونهجاً يدرس في الدول التي مرغت شعوبها في الشوارع فماتوا جوعاً أو على طرقات الهجرة أو بسبب أمراض تخلصت منها البشرية منذ عقود.
قضية الباحثين عن عمل في السلطنة ألقت بظلالها في أحداث 2011 واستجابت حكومة صاحب الجلالة – حفظه الله ورعاه – وتم استيعاب النسبة الأعظم من الباحثين عن عمل ولا شك أنَّها كانت قرارات صعبة انعكست على الميزانية العامة للدولة التي يصرف نصفها اليوم على رواتب الموظفين الذين يقبع معظمهم دون حراك أو إنجاز يُذكر، وللأسف فبعض هؤلاء هم الذين شغلهم الفراغ مجدداً بالجلوس على نواصي المقاهي والتنظير لمُستقبل الوطن من واقع خيالاتهم الفارغة إلا من زفرات النارجيلة وبقايا القهوة الآسنة في أكوابهم.
نظرتنا للتعبير عن الرأي اختلفت عما قبل 2011 فالصورة أصبحت اليوم واضحة للجميع بأن التعبير عن الرأي العام لا يمكن أن يتحول إلى العنف والتخريب وقطع الطرق وغض مضاجع الآمنين واللعب بمُقدرات ومكتسبات الوطن التي صرفت عليها مليارات الريالات طوال نصف قرن ولا يأتي التعبير عن الرأي على حساب جهود مضنية بذلها جلالة السلطان – حفظه الله – ضحى من خلالها بحياته وفكره وصحته من أجل عُمان وشعبها منذ تسلمه مقاليد الحكم في البلاد.
لا شك أنّ الطموح ولد كبيرًا في مخيلة جلالة السلطان ولا زال ينمو، ولدينا الثقة التامة بحكومة جلالته الرشيدة، وفي كل عماني أصيل يعترف بالجميل ويحافظ على المنجزات، وفي مؤسسات الدولة بأن نستكمل معًا مسيرة النجاح وتقبل الواقع مهما كان مؤلمًا أحياناً، وأن نُعالج أي جرح بدلاً من نبشه لينزف مجدداً.
عُمان بلد الرجال الأحرار، عمان بلد التسامح، عمان بلد قابوس بن سعيد رجل الحرب والسلام ونحن في عمان لم نتزحزح عن حب كل شبر من هذا الوطن وسنضحي من أجله بأرواحنا، من أقصى الشمال حيث القرى الوادعة في جبال مسندم ورجالها الأشداء في رؤوس الجبال الذين لم تلعب المقدرات ولا الإغراءات بحبهم ولا إخلاصهم لوطنهم وسلطانهم فهم الذين ظلوا يحملون الجرز وتردد الجبال الشاهقة صدى زئيرهم المخيف ليصل إلى قلب كل مُرجف فيردعه ويبقيه ساكناً، إلى أقصى الجنوب في ظفار العز والتضحيات الجسام مسقط رأس السلطان وموطن الخطوات الأولى للسير إلى المجد مع رجل عظيم نستلهم منه جميعًا الحكمة والصبر، كما علمنا -حفظه الله- كم يكون تسامحه معنا أقوى من كل الجيوش والأسلحة الموجودة في الكون. قالت لي عجوز طاعنة في السن ذات يوم قد يعتب علينا السلطان ولكن لن يحرمنا من شيء نحبه.
حفظ الله السلطان وعافاه وشافاه وأدام على عمان أمنها واستقرارها .