نضال الشيخ بيوض للاحتفاظ بالجزائر موحدا

د. محمد بن قاسم ناصر بوحجام – الجزائر
.

.............................................
وقف الشيخ إبراهيم بن عمر بيوض موقفا حاسما وقويا ضد محاولات فرنسا فصل صحراء الجزائر عن شمالها، وحارب كل المخططات التي أعدها الاستعمار في هذه السبيل؛ بل أجهض كل المناورات التي حبكتها فرنسا لتحقيق ما خططت له.
فقد اجتمع بالأطراف المختلفة من سكان الصحراء، بخاصة أعيانها، وقام بجولات عديدة، متنقلا بين مناطق الصحراء الكثيرة، وشرح حقيقة المخطط الخطير الذي أعده الاحتلال على مستقبل الوطن الجزائري، وطلب من الجميع اليقظة والتجند لإجهاض كل المحاولات الهادفة إلى تفتيت البلاد.
وكانت له اتصالات متعددة مع أعضاء الحكومة المؤقتة في تونس الذين طلبوا منه مواصلة العمل  والنضال من أجل منع فرنسا من تنفيذ مشروعها التدميري، وقالوا له: "نحن نعتمد عليك في الدرجة الأولى في مناهضة كل مخططات المستعمر، والاحتفاظ بالجزائر وطنا موحدا"
وترافع الشيخ بيوض في اجتماعات المجلس الاقتصادي بـ(ورقلة) أمام المسؤولين الفرنسيين في القضية، وردَّ على طلبات الجنرال ديغول (الرئيس الفرنسي) المتكررة بالقبول بالفصل، ورفض إغراءاته وعروضه، ومنها توفير حياة رغيدة ومستقبل زاهرا للصحراء إذا قبل مشروع الانفصال.
ويقول السيد رضا مالك صاحب كتاب: "الجزائر في إيفيان   L'Algerie a Evian"   الناطق الرسمي للوفد الجزائري في مفاوضات إيفيان: "سمعت اوليفي فيشار  مستشار رئاسة الجمهورية الفرنسية بأن الجنرال ديغول أرسله إلى الصحراء سنة 1960م ليتصل بالميزابيين، ليعرض عليهم تكوين "مملكة ميزابية"، كما كلفه بالاتصال بسكان تامنغاست للغرض نفسه"،  وقال أوليفي قيشار أيضا: اتصلت بالشيخ إبراهيم بيوض بغرداية  لهذا الغرض، فرفض هذه الفكرة وهذا العرض رفضا قاطعا، وقال له الشيخ بيوض: "إن منطقة وادي ميزاب جزء لا يتجزأ من التراب الجزائري".
لقد أظهر الشيخ بيوض شجاعة كبيرة في إبطال مشروع فرنسا الخطير بالجزائر، وسجل في تاريخ نضاله صفحة بيضاء؛ لإنقاذه سيادة الجزائر من أيدي الأعداء.
ومن الشهادات التي سجلت هذا الموقف المشرف الشجاع الجريء في القضية "اعتراف أعضاء من قيادة الولاية السادسة في الثورة التحريرية، الذين أوفدتهم القيادة إلى منطقة وادي ميزاب سنة 1961م (وهم أحمد طالبي ورشيد الصائم وسعيد عبادو وعثمان حامدي)؛ فقد أدلوا بشهادتهم التي تضمنت تسجيل نضال الشيخ بيوض في القضية ودفاعه عن وحدة التراب الوطني الجزائري.
 فقد ودَّعه الوفد وتركه يواصل عمله في إقناع الشخصيات الأخرى والجماعات الصحراوية بالثبات على موقف الرفض لكل دعوة فرنسية للانفصال عن الشمال من أمثال حمزة بوبكر والشيخ أحمد التيجاني،وغيرهما، وقد نجح  كل النجاح في هذه المساعي.
وسجل السيد عبد الله بن طوال وزير الداخلية في الحكومة الجزائرية المؤقتة هذا الموقف البطولي قائلا: "... فإن الفضل يعود إلى الشيخ بيوض في إنقاذ وحدة التراب الوطني، وبقاء الصحراء بكل خيراتها جزائرية.. وبدونه كان يمكن أن تستمر الثورة عقدا آخر.. ومرة أخرى أقول: إن دور غرداية (المنطقة) هو الذي كان حاسما في الموضوع، وغرداية تعني الشيخ بيوض".
ويقول د. أحمد بن نعمان: "لولا الشيخ بيوض لما بقيت الصحراء جزائرية.." وقال الكاتب السوري بسام العسلي: ".. ونزل الشيخ بيوض إلى ميدان الجهاد الجديد، وقاد معارك كبرى ضد فصل الصحراء عن الشمال، استمرت ست عشرة سنة كاملة (من سنة 1947 إلى سنة 1962)، وكان رجال النهضة في ميزاب كلهم جنده وأنصاره في معاركه السياسية الكبرى، ينادون بإبقاء الصحراء، وهم يستنكرون فصل الصحراء عن الوطن الجزائري"..

تعليق عبر الفيس بوك