صدور الطبعة الثانية من ديوان الشاعر محمد بن عبدالله المعولي

مسقط - العمانية

صدرت الطبعة الثانية من النسخة المحققة من ديوان المعولي عن وزارة التراث والثقافة، ويقول الدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي محقق الديوان: "كان المعولي يملك موهبة شعرية قوية، وملكة لغوية قادرة على التعبير عن عواطفه ومشاعره وكل ما يجيش به صدره من انفعالات وتجارب شعرية حافلة"، ويشير إلى الثقافة الشعرية للمعولي قائلا: "وقد ألمَّ بتراث العرب الشعري، ووعى مختلف الثقافات الإسلامية والعربية؛ مما جعل منه شاعرًا كبيرًا، يهز الجماهير العربية في عصره بشعره البليغ، وقصائده الباهرة، وغرر مدائحه الحافلة بكل معنى بديع، وأسلوب جميل، وفكر رفيع". ويضم ديوان الشاعر المعولي قصائد بلغت مائتين وسبع قصائد، والناظر إلى الديوان يجد أن شعر المعولي يتميز بالسلاسة والعذوبة، وجودة السبك والعناية البلاغية من استخدام للتشبيهات والاستعارات والمحسنات البديعية، والديوان يعبر عن الثقافة الشعرية واللغوية العالية للشاعر، وخاض المعولي في فنون الشعر الأخرى المعروفة كالمديح النبوي، والغزل، والرثاء والحكمة والإخوانيات، كما لا يخلو الديوان من قصائد تهتم بالشأن الاجتماعي، ويضم الديوان قصائد مخمسة وموشحا شعريا واحدا.

كرَّس المعولي جلَّ شعره لمديح أئمة اليعاربة كالإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي، والإمام سيف بن سلطان، كما كانت للمعولي قصائد رثاء في الإمام سلطان بن سيف، وقصائد عتاب للإمام سلطان بن سيف بن مالك. ولكننا نجد أن غالبية قصائد المديح والثناء تصب في جانب الإمام بلعرب بن سلطان وحتى الدفاع عن بلعرب ضد مناوئيه والمنتقدين له.

 وتشير بعض القصائد إلى عمق علاقة الشاعر مع الإمام بلعرب بن سلطان؛ حيث يؤرخ قصيدتي مديح فيه تعودان إلى سنة 1079هـ أي قبل تنصيبه للإمامة بفترة طويلة والقصيدة الأولى مطلعها:

دعوه يبكي دما ودمعا

يندب رسما عفا وربعا

لا تعذلوه في الحب جهلا

فهو عن العذل أصم سمعا

والقصيدة الثانية مطلعها:

سقى بالمنحنى رسما وربعا

ملّث هاطل شفعا ووترا

أعاذل كف عذلك إنَّ أذني

لقد صمت عن التعذال سمعا

وللمعولي قصيدة يوثق فيها بناء حصن جبرين، ويثني فيها على روعة البناء ودقته ورونقه.

وحظيت منح بمكانة شعرية مميزة في تجربة محمد بن عبدالله المعولي الشعرية؛ ففي القصيدة الخامسة والأربعين التي أنشدها في صباه نجده يصدح بلوعة الحنين والشوق إلى منح حيث يقول:

القلب طرسي والدموع مدادي  

والخط حشوي والدواء فؤادي

والشوق خدني والبكاء أليفي    

من بعد بعدكم حرمت رقادي

يا ساكني منح فؤادي عندكم      

طول الليالي دائم بسهادي

جسمي معي والروح في منح ولي

قلب يعذب في غرام بلادي

لا زلت موجوع الحشا بفراقكم

يا ساكني منح وأهل ودادي

أودعتكم قلبي وروحي والحشا

والعقل ثم حشاشة الأكباد

ما كان يوما بعدنا بمرادكم

كلا ولا يا سادتي بمرادي

فعليكم مني سلام دائم

باق إلى يوم اللقا ومعادي

كما يوثق المعولي لتأسيس سوق منح سنة 1096هـ في عهد الإمام بلعرب بن سلطان بن سيف اليعربي، ونجد الشاعر في هذه القصيدة يتمنى أن يعود شابا:

فآها لو يعود لنا شباب

لكي نهنا ولم نخف المشيبا

إذا آواك ذو كبر تقوى

كأن به يرى عمرا قشيبا

ومن يكثر مزارك لن يشيبا

وبُعدك يجعل الولدان شيبا

 

كما يكشف عن علاقة الشاعر المعولي بالشاعر والفقيه العماني خلف بن سنان الغافري الذي تبادل معه الرسائل والقصائد بل إن المعولي قد عاتب الغافري ببعض شعره، كما رثى المعولي عددًا من علماء منح وفقهائها.

وللمعولي كذلك علاقات تجاوزت عمان مثل علاقته بشاعر من أهل الحساء لم يرد اسمه في الديوان،وقد قام هذا الشاعر بتوشيح قصيدة للمعولي أي جعلها على نمط الموشحات ومطلعها:

يا صاح نصحا.. للنصيحة فاقبلا

لا تبع عن طرق.. الهداية معدلا

وللمعولي قصيدة لرجل من العجم يواسيه فيها لما أصابته الحمى، وتكشف القصيدة عن عمق العلاقة بين الرجلين:

أمحمد بن محمد ابن المرتضى

إنا لفي شغل وإنك تعلم

لعب الأسى بقلوبنا وعقولنا

لما سمعنا أنك المتألم

لو تقبل الحمى فدى أو رشوة

لتكف عنك نزولها وتسلم.

تعليق عبر الفيس بوك