أوراق عمل تتناول الابتكار في الرعاية الصحية والتحول نحو الصحة الرقمية

"الشرق الأوسط للتأمين الصحي" يستعرض التجارب التأمينية الناجحة في مختلف الأسواق

 

  • جلسات العمل تناقش التحول من التأمين الطبي إلى تأمين الرعاية الصحية

 

  • طرح مؤشرات إستراتيجية لتأمين الرعاية الصحية مع تحقيق الربح

 

  • بحث أثر ضريبة القيمة المضافة على القطاع

 

 

 

الرؤية – أحمد الجهوري

 

انطلقت أمس أعمال مؤتمر الشرق الأوسط الحادي عشر للتأمين الصحي الذي تنظمه مؤسسة الشرق الأوسط للتأمين  Middle East Insurance Review بالتعاون مع الهيئة العامة لسوق المال تحت رعاية معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة في فندق شنجريلا ويستمر لثلاثة أيام، بمشاركة 150 من المهتمين والمعنيين بقطاع الخدمات الصحية وشركات التأمين والجهات المشرفة على القطاع حول العالم.

 

وعلى هامش الافتتاح قال معالي السعيدي إن قطاع التأمين الصحي إحدى وسائل التمويل الصحي، موضحًا أن هناك عدة دراسات في السلطنة تتصل بالقطاع بما فيها الدراسة الأخيرة التي قامت بها وزارة الصحة بالتعاون مع الشركة الوطنية الكورية للتأمين الصحي التي أثبتت مدى الحاجة في السلطنة للتأمين الصحي بطريقة ممنهجة وتدريجية. مضيفاً أنَّ التأمين الصحي من شأنه أن يرفع الجودة والكفاءة في القطاع الصحي الخاص ولا بد له أن يكون منافسًا للقطاع الصحي الحكومي وذلك لا يتأتى إلا بأن يكون هناك تمويل للقطاع الصحي الخاص وأحد مصادره التأمين الصحي.

 

وأشار معاليه إلى أنَّ السلطنة تستضيف عدة اجتماعات ومؤتمرات خلال العام الجاري من ضمنها هذا المؤتمر الذي نتطلع من خلال توصياته للاستفادة فيما يتعلق بالتأمين الصحي وإيجاد آلية يتبعها القطاع والتفادي لبعض المخاطر والأخطاء التي قد وقعت بها بعض الدول في هذا المجال، موضحًا أن التكلفة على القطاع الصحي عالمياً في ازدياد وهذه التكلفة تعود إلى أسباب التقنية الحديثة التي تدخل سنويا على القطاع سواء في الأجهزة أو المعدات أو الأدوية أو التقنيات الجديدة، مبينًا أن القطاع لن يكون مستداماً من خلال التمويل الحالي لأي دولة إلا إذا وجد طرقًا جديدة لتمويل القطاع الصحي.

وأضاف معاليه أن الإنفاق على الصحة في السلطنة يشكل حوالي 3 بالمائة من الدخل القومي، مؤكدًا أنه ليس بالضرورة أن تكون كثرة الانفاق تتطابق دائمًا مع جودة الخدمات، معربًا عن أمله في بدء التطبيق الصحي التدريجي خلال مطلع العام المقبل مع وجود خطة لاستيعاب العمانيين العاملين في القطاع الصحي بالقطاع الخاص، مشيرًا إلى أن هناك نسبة 9 بالمائة من العمانيين العاملين في القطاع الخاص لديهم تأمين صحي في الوقت الحالي.

 

وأكد سعادة الشيخ عبدالله بن سالم السالمي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال في كلمته أن الحكومة وافقت على التأمين الصحي للعمالة الوافدة وسيبدأ العمل به في 2018، وأشار إلى أنَّ هناك ثلاثة عناصر رئيسة لضمان مواصلة تقديم خدمات صحية ذات جودة وكفاءة ولكن بتكاليف أقل وهي توفير مقدمي خدمات صحية جيدة وقادرة على التجاوب بفعالية مع معدلات الطلب على هذه الخدمات، وتوفير شركات تأمين منظمة وقادرة على تسهيل وتيسير الوصول إلى هذه الخدمات والاستفادة منها، وثالث هذه العناصر وجود منظومة رقابية وتنظيمية متكاملة تضمن التعامل بسلاسة ويسر، وتكفل حقوق الأطراف والتطبيق الصحيح للتشريعات والأنظمة ذات الصلة.

وأوضح سعادة الرئيس التنفيذ للهيئة العامة لسوق المال أن تنظيم المؤتمر يأتي ليواكب التطورات المتسارعة في التأمين الصحي، وليسلط الضوء على فضلى الممارسات والمستجدات المحلية والإقليمية في هذا القطاع الاقتصادي الذي يحظى باهتمام متزايد من جميع الجهات، ويشهد نموا مطردا في المنطقة بشكل وفي السلطنة.

وأكد سعادته على الاهتمام والعناية الذي توليه وزارة الصحة  لتطوير القطاع الصحي؛ وذلك من أجل تقديم خدمات صحية عالية الجودة وبكفاءة وفعالية، وإن ما نشهده من تطور في تنظيم مستويات الرعاية الصحية المختلفة، وعدد المستشفيات والمراكز الصحية، والكوادر المؤهلة، والخدمات المتخصصة لهو خير دليل على هذا التوجه والجهود الحثيثة التي تبذلها وزارة الصحة الموقرة في سبيل تقديم خدمات صحية عالية الكفاءة، وبالإضافة الى الخدمات الصحية المتميزة التي تقدمها وزارة الصحة وبسبب تزايد الطلب فقد بادر القطاع الخاص بالاستثمار في مؤسسات صحية خاصة تقدم خدماتها تحت إشراف وزارة الصحة.

وأضاف السالمي أن كلفة الرعاية الصحية في ازدياد مضطرد، مبيناً أن مؤشرات الإنفاق العام والتنمية البشرية المقارنة تكشف عن ارتفاع الإنفاق على الخدمات الصحية بشكل أصبحت فيه تحديا كبيرا للعديد من دول العالم، فعلى سبيل المثال بلغ الإنفاق الصحي (العام والخاص) في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ما يزيد على62 مليار دولار (أي أقل بقليل من 24 مليار ريال عماني) خلال العام 2016، ويتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بحلول 2020م ليصل إلى حوالي 132مليار دولار (حوالي 51 مليار ريال عماني)، وفي السلطنة ارتفعت نسبة الإنفاق على الصحة من موازنة الإنفاق الحكومي لتصل إلى 6% عام 2016م، وخلال الفترة من 2007 إلى 2016م تنامى الإنفاق الحكومي الجاري على الصحة بمتوسط معدل نمو سنوي بلغ حوالي 14%، والاستثماري بمتوسط معدل نمو سنوي بلغ حوالي 25%.

ومع تراجع أسعار النفط، وتغير المشهد الديموغرافي في هذه الدول، من حيث نسب الوافدين، والشرائح العمرية، ونسب النوع الاجتماعي، إضافة إلى معدلات الإعالة الاقتصادية والتوزيع الحضري للسكان، يصبح من الصعب عمليا الاستمرار في تقديم خدمات رعاية صحية عالية الكفاءة في ظل التزايد المستمر في تكلفة تقديم هذه الخدمات. وقد رأت كثير من الدول في التأمين الصحي وسيلة عادلة وواضحة نسبياً لتكفل الوصول إلى الخدمات الصحية من منظور الكفاءة التمويلية والتشغيلية وكفاءة الخدمات الصحية المقدمة. 

وأشار السالمي إلى أنه من اللافت للنظر، أنه في هذه الأثناء زاد نمو التأمين الصحي وتعددت منتجاته بفعل تزايد الطلب من السوق المحلية، فحيثما وجد طلب استجاب له القطاع الخاص. وإضافةً إلى كونه من بين وسائل تمويل تقديم الخدمات الصحية، أضحى التأمين الصحي عاملا مهما في نمو المؤسسات الصحية الخاصة وفي تجويد الخدمات الصحية المقدمة، ومتطلبات لاستقطاب الأيدي العاملة الماهرة والمختصة، خاصة في ظل أسواق وصناعات تتسم بالتنافسية وظروف اقتصادية وتنظيمية متسارعة.

 

وحول أداء قطاع التأمين الصحي فقد شهد قطاع التأمين الصحي نموا متسارعا في السلطنة، فعلى سبيل المثال، شكلت أقساط التأمين الصحي في عام 2016م ما نسبته 26%من إجمالي الأقساط المكتتبة في السلطنة متقاربة في ذلك مع تأمين السيارات الذي بقي مسيطرًا على الصدارة لسنوات، وتشير البيانات إلى أنه خلال الأعوام الخمسة الماضية شهد قطاع التأمين الصحي في السلطنة إقبالاً متزايدا من قبل المستفيدين، إذ بلغ معدل النمو السنوي التراكمي للقطاع حوالي 34%، وهو مؤشر على تنامي التأمين الصحي وازدياد الطلب على الخدمات الصحية الخاصة.

 

وعلى صعيد آخر، بلغت نسبة القوى العاملة الوافدة المؤمن عليها 10% من إجمالي عدد الوافدين في عام 2016م، أما بخصوص العمالة العمانية المؤمن عليها هي وأسرها فقد وصلت النسبة في نهاية عام 2016م إلى 9%، ما يدل على ارتفاع مستوى ثقافة المجتمع ووعيه بأهمية هذا النوع من التأمين لما يوفره من حماية لأفراد المجتمع، كما يترجم مدى إقبال أرباب العمل على توفير التأمين الصحي للعاملين لديهم كوسيلة لجذب الكفاءات والموارد البشرية، وللوفاء بالتزاماتهم القانونية والتعاقدية تجاه العاملين.

واختتم بقوله: نتطلع من خلال المؤتمر إلى التعرف عن كثب على النظم والتجارب والمستجدات العالمية في مجال التأمين الصحي، وأحدث وسائل إدارته، مع التركيز على القضايا التنظيمية والرقابية في هذا المجال، وتسليط الضوء على الدروس المستفادة والتحديات التي تواجه تطبيق نظام التأمين الصحي، والنظر بعين متبصرة إلى التطور التقني والتكنولوجيا الحديثة وما يمكن أن تقدمه من حلول جديدة ومبتكرة، لاسيما مع التحولات السلوكية في المجتمع وعوامل المراضة التي تشهدها مجتمعاتنا، ونتطلع إلى أن يشكل انعقاد هذا المؤتمر نقطة انطلاق لدراسة شاملة لجوانب التأمين الصحي المتعددة لتمكننا من تهيئة وتوفير جميع العوامل اللازمة لنجاح تطبيق هذا النوع من التأمين في بلادنا الحبيبة. لذلك أنشأنا مؤخرا في الهيئة العامة لسوق المال دائرة خاصة للتأمين الصحي، وسنعمل على وضع التشريعات والنظم والضوابط الضرورية لتسييرها وتشغيل نظم التأمين الصحي، مستفيدين من تجارب غيرنا في هذا المجال، ومن جانب آخر ولجعل شركات التأمين العاملة أكثر قوة ولتمكينها من التعامل مع أفرع التأمين المختلفة بكفاءة فقد تم رفع الحد الأدنى لرأس المال لجميع شركات التأمين العاملة إلى عشرة ملايين ريال (حوالي 26 مليون دولار) مع تحويلها إلى شركات مساهمة عامة.

ويتضمن المؤتمر العديد من جلسات العمل وقد حملت الجلسة الأولى عنوان "مسائل تنظيمية في تأمين الرعاية الصحية والتأمين الطبي في الشرق الأوسط" التحديات التي يتعين على الجهة التنظيمية التعامل معها عند تبني مفهوم التأمين الصحي كأداة لتمويل الرعاية الصحية في سوق رقمية. واستعرضت الجلسة الثانية بعنوان "الاتجاهات الطبية العالمية 2017" أحدث البحوث المتخصصة في هذا المجال والتي تشير إلى أن 231 شركة تأمين من 79 دولة قدمت خلال هذا العام رؤى عن التكلفة الطبية وأسبابها وتكلفة أساليب الإدارة التي يستخدمها أصحاب العمل إضافة إلى نبذة عامة عن الاتجاهات الطبية في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

وحملت الجلسة الثالثة عنوان "تأثير التقنية الرقمية على قطاع الرعاية الصحية" عرفت بالأجهزة الذكية وجمع البيانات الذكية، وتطرقت الجلسة الرابعة بعنوان "تحول الرعاية الصحية نحو التغطية الصحية الشاملة" إلى الرعاية الصحية الاجتماعية الجديدة في مصر، مستعرضة التغطية الصحية الشاملة كالخدمات الصحية والسكان وتغطية وحماية المخاطر المالية وهياكل النظام الصحي الحالي والمستقبلي، أما الجلسة الخامسة فكانت بعنوان "دور التأمين الصحي الوطني الإلزامي لتحقيق التغطية الصحية الشاملة".

وركزت الجلسة الأخيرة من أعمال المؤتمر في يومه الأول على تجربة السلطنة في تطوير نظام الرعاية الصحية والتأمين الصحي الإلزامي وكيفية تأسيس شراكة بين القطاعين العام والخاص وآفاق النمو في السلطنة والنظرة المستقبلية لهذا القطاع.

 

ويستعرض المؤتمر صباح اليوم عددًا من أوراق وجلسات العمل تتناول التحول من التأمين الطبي لتأمين الرعاية الصحية، والنصائح والمؤشرات الإستراتيجية في تأمين الرعاية الصحية مع تحقيق الربح، والابتكار في الرعاية الصحية، والتحول نحو الصحة الرقمية، والشراكة وإدارة التوقعات: مقدمو الرعاية الصحية والحكومات والمستشفيات وشركات التأمين، واستعراض تجارب التأمين الخليجية في مختلف الأسواق، وضريبة القيمة المضافة، وعومل النجاح المهمة للتأمين الصحي الإلزامي في عصر الابتكارات. ومن المنتظر أن يخرج المؤتمر بتوصيات هادفة وشاملة تترجم مفاهيم التأمين الصحي والأهداف الإستراتيجية والتشغيلية المرجوة.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك