استفتاء كردستان أمر واقع.. وتركيا تهدد بقطع شريان نفط الإقليم: سنغلقه لينتهي الأمر

أربيل/السليمانية - رويترز

صوت الأكراد في شمال العراق، أمس، في استفتاء على الاستقلال، تنظمه السلطات الكردية، رغم ضغوط بغداد وتهديدات تركيا وإيران، وتحذيرات دولية من أنه قد يشعل المزيد من الصراعات في المنطقة. ومن المتوقع أن تكون نتيجة الاستفتاء التصويت بـ"نعم" لصالح الاستقلال بأغلبية مريحة. ويهدف الاستفتاء غير الملزم إلى منح تفويض لرئيس الإقليم مسعود البرزاني لإجراء مفاوضات على الانفصال.

ويمثل الاستفتاء فرصة تاريخية للأكراد -وهم أكبر جماعة عرقية تُركت بلا دولة بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية قبل نحو مئة عام- رغم الضغوط الدولية المكثفة لإلغائه. وفي قرية الشيخ أمير القريبة من الخطوط الأمامية لقوات البشمركة غربي أربيل، وقف مقاتلون أكراد في صفوف طويلة للتصويت أمام إحدى المدارس. وخرج معظمهم مبتسما وهم يرفعون أصابع ملطخة بالحبر.  وفي بغداد، قال محام يدعى عادل سلمان إن الاستفتاء جاء نتيجة ضعف الحكومة العراقية. مضيفا بأن ما يحدث الآن هو تفكك الدولة.

ويقول أكراد العراق كذلك إن الاستفتاء يقر بمساهمتهم الحيوية في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية بعد أن تفوق التنظيم المتشدد على الجيش العراقي في 2014، وسيطر على ثلث العراق. لكن مع وجود نحو 30 مليون كردي بالمنطقة متناثرين عبر عدة دول في المنطقة تخشى طهران وأنقرة انتشار النزعات الانفصالية بين الأكراد لديهما. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إن تركيا قد تقطع تدفق النفط عبر خط أنابيب ينقل الخام من شمال العراق للعالم بما يمثل ضغطا إضافيا على الأكراد. وأضاف في إسطنبول "بعد هذا.. دعونا نرى عبر أي قنوات يمكن للحكومة الإقليمية في شمال العراق أن ترسل نفطها وأين ستبيعه". وقال: "لدينا (خط الأنابيب) وفور إغلاقه فقد انتهى الأمر". وحذرت وزارة الخارجية الأمريكية حكومة كردستان العراق، الأسبوع الماضي، من أن "إجراء الاستفتاء، خاصة في المناطق المتنازع عليها، أمر مستفز ومثير للاضطرابات".

وتجري حكومة كردستان الاستفتاء ليس فقط في الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي في شمال العراق، بل أيضا في مناطق أوسع في شمال العراق توغلت فيها قواتها في إطار قتال تنظيم الدولة الإسلامية. وتضم هذه المناطق أعدادا كبيرة من السكان غير الأكراد.

وقالت تركيا إنها لا تعترف بالاستفتاء، وستعتبر نتيجته باطلة، وإن حكومة إقليم كردستان تهدد سلام واستقرار العراق والمنطقة بأسرها. وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن حكومته تدرس خطوات تتعلق بحدودها مع شمال العراق والمجال الجوي ردا على الاستفتاء. وقال -في حديث مع قنوات تليفزيونية تركية- إن أنقرة ستتخذ قرارات خلال مزيد من المحادثات المباشرة مع الحكومة المركزية العراقية بعد الاستفتاء. مضيفا بأن خطوات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية وعسكرية يجري بحثها.  وتقاتل القوات التركية تمردا كرديا في شمال شرق تركيا بعد انهيار عملية سلام.

وأعلنت إيران، الأحد الماضي، وقف الرحلات الجوية المباشرة من وإلى كردستان. وحث العراق الدول الأجنبية على وقف استيراد النفط الخام مباشرة من إقليم كردستان العراق، كما طالب حكومة إقليم كردستان بتسليم المطارات والمواقع الحدودية مع إيران وتركيا وسوريا.

وقال الميجر جنرال يحيى رحيم صفوي المستشار العسكري للزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، إن إيران تعتبر الاستفتاء "خيانة" للأكراد العراقيين. ونقلت عنه وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء قوله: "إيران قطعت النقل الجوي إلى هذه المنطقة، لكننا نأمل أن تغلق الدول الأربع المجاورة حدودها البرية... أيضا".

وتدعم طهران جماعات شيعية تسيطر على مواقع أمنية وحكومية في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق وأطاح بصدام حسين في عام 2003. وعبرت سوريا -التي تعاني من حرب أهلية طاحنة، ويسعى أكرادها إلى الحكم الذاتي- عن رفضها للاستفتاء.  وقال رئيس وزراء إقليم كردستان العراق نيجيرفان البرزاني، إنه يأمل الحفاظ على علاقات جيدة مع تركيا، وإن الاستفتاء لا يشكل تهديدا لأنقرة. وأضاف -خلال مؤتمر صحفي في أربيل: "الاستفتاء لا يعني أن الانفصال سيحدث غدا ولا أننا سنعيد ترسيم الحدود. إذا كان التصويت "بنعم" سنحل مشكلاتنا مع بغداد سلميا".

ويعارض السكان غير الأكراد في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وحكومة كردستان الاستفتاء خاصة في كركوك الغنية بالنفط والمتعددة الأعراق. وقال محمد مهدي البياتي أحد كبار القادة في منظمة بدر أبرز فصائل الحشد الشعبي في طوز خورماتو جنوبي كركوك: "العراق ضد الأكراد، وكذلك الأتراك والإيرانيون والمنطقة العربية برمتها وأوروبا. سيعيشون في قفص".

وفي السليمانية معقل الجماعات السياسية المناهضة لمسعود البرزاني بدت الطوابير أمام لجان الاقتراع أقصر منها في أربيل وبدت الدعاية واللافتات للاستفتاء أقل ظهورا فيما يعكس المخاوف من أن يكون تأييد الاستقلال بمثابة استفتاء على الزعيم الكردي.

وقال علي أحمد صاحب متجر في السليمانية: "لن أدلي بصوتي. الاستفتاء ليس أمرا طيبا وقد يشكل خطورة بسبب التهديدات التركية والإيرانية". وبعد الحرب العالمية الأولى قسمت بريطانيا وفرنسا الإمبراطورية العثمانية. وظل حوالي 30 مليون كردي بالمنطقة بلا دولة موزعين بشكل أساسي في أربع دول؛ هي: العراق، وإيران، وتركيا، وسوريا.

تعليق عبر الفيس بوك