"سيميائيات النص الشفاهي في عمان".. قراءة في واقع الأدب الشعبي

مسقط - العمانية

يتناول كتاب "سيميائيات النص الشفاهي في عمان" -الذي صدر عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، ملحقا بمجلة "نزوى"- للباحثة الدكتورة عائشة بنت حمد الدرمكية، موضوع تدوين الأدب الشعبي؛ حيث يشير إلى أنه على قِدَم تاريخه الممتد عبر الإنسانية قد تأخر جمعه وتدوينه؛ إذ لم يحدث ذلك به إلا منذ ما يقرب من ثلاثة قرون، وقد تطور هذا الجمع شكلا ومضمونا سيما في الحقبة الرومانسية التي ظهر فيها الاهتمام الكبير بكل ما اتسم بصفة الشعبي؛ سواء أكان أدبا أم فنا أم غير ذلك، كما استطاعت التقنيات الحديثة المطوَّرة في القرن العشرين أن تقدم خدمات كبيرة في مجالات جمعه وتدوينه وتسجيله وتصنيفه وتحليله وتطبيق أحدث المناهج المتداخلة في دراسته فضلًا عن الدراسات البنيوية والسيميائية والأسلوبية له.

جاء الكتاب في 5 فصول، إضافة للتقديم الذي تحدثت فيه الدكتورة عائشة الدرمكية عن الفعل الشفاهي، وإعادة إنتاجه وأهمية الأدب الشعبي، وقدرة أفراد المجتمع على إنتاج ما يشاؤون من نصوص ابتكارا وإبداعا في صور شتى، ويستطيع بعدها المجتمع أن يعيد هذا الإنتاج ويبدع فيه مرة أخرى، كما تحدثت في مدخل علمي عن السيميائيات وعلاقتها بالنص الشفاهي بوصفها منهجا اجتماعيا نشأ في أحضان المجتمع، ويعتني بالتالي بتلك العلامات التي ينتجها ويبدعها أفرادها، وتلك العلاقات التي تنشأ في تحويل النص الشفاهي إلى كتابي، والتحديات التي يواجهها النص الشفاهي في انتقاله وتحوله إلى الشكل الكتابي.

جاء الفصل الأول بعنوان "ترميزات العلامات الملبسية للفنون الشعبية في عمان"، وركز على "الملابس" بوصفها علامة بصرية؛ ذلك لأن إدراك النسقية السيميائية للملابس يعتمد الوعي بخصوصية تمظهراتها، فبين مظهرها المكتوب "الوصف اللساني للباس"، ومظهرها التقني "اللباس الواقعي"، أو الأيقوني "اللباس المصور"، تتولى "المحولات" وصل هذه المظاهر المتباينة، وتقديم صورة كلية لهذا النسق عبر التحول من مظهر لآخر، عبر مجموعة من التشكيلات التي يقدمها المستخدمون أو المصممون.

بعدها، يتم الانتقال إلى تلك العلاقة التي تربط بين العلامات الملبسية والفنون بشكلها العام؛ كونها واحدة من الأشكال التي تظهر فيها الملابس بوصفها علامات، تمهيدا لدراسة "رمزية العلامات الملبسية في الفنون العمانية" من حيث التعالقات التاريخية، والتعالقات الاجتماعية، والتعالقات المعتقدية.

أما الفصل الثاني، فقد جاء بعنوان "سيميائية الخطاب الأسطوري لفن النيروز في التراث الثقافي العماني"، والذي تحاول من خلاله الدرمكية "تحليل وتفكيك أسطورة بالمعنى الفكري من حيث المعتقد من ناحية، ووصف لغوي وأداء بصري من ناحية أخرى، وهي تلك الخطابات المتعلقة بـ"فن النيروز" الذي يُصنف على أنه فن من الفنون الاحتفالية له زمان ومكان معينين.

وجاء الفصل الثالث بعنوان "سيميائية الكون.. حكاية الخسوف في التراث العماني أنموذجًا"، وهو يعتمد على دراسة رمز يشكل الإنسان حوله حكايات قائمة على الخرافة. أما الفصل الرابع، فجاء بعنوان "الرمز في الحكاية الشعبية العمانية"، وحاولت الباحثة من خلاله الكشف عن رمزية "الذوات" في النص الحكائي، ويركز الفصل على تحليل ترميزات الذوات في النص الحكائي وتأويلها من حيث علاقاتها بالموسوعة المجتمعية وصيغها الترميزية. ويأتي الفصل الخامس والأخير بعنوان "سيميائية التواصل اللمسي في الخطاب الحكائي"، وهي دراسة تتأسس على الخطاب كونه "مؤسسة معرفية قوامها بنية داخلية وأخرى خارجية".

تعليق عبر الفيس بوك