شبابنا والبحث عن وظيفة

حمود الحاتمي

قبل سنتين، ونحن ندرس بكالوريوس إدارة تربوية بجامعة السلطان قابوس، خرج علينا المحاضر الدكتور بتوقع وتنبؤ عن طلابنا في الجامعات، خرج علينا يومها بإحصائية ما يربو على مائة ألف خريج وخريجة من طلابنا يُتوقع أن يتخرجوا في الكليات والبعثات الخارجية، خلال السنة المقبلة - حسب زعمه.

يومها، لم ألقِ بالاً لحديثه؛ كون وتيرة التوظيف متسارعة، ولا يتوقع هذا العدد، ولكن أضحى حديث الدكتور خلفان واقعاً يبحث عن حل من الجميع.

نعم، فقد وجد عدد من الطلاب بعد تخرجهم في تخصصات مختلفة أنفسهم على قائمة الباحثين عن العمل، وكنت أسائل نفسي: لماذا تتشابه تخصصات معظم الكليات بين الإدارة وتقنية المعلومات، حتى غدا سوق العمل لا يستوعب هذه الأعداد من الشباب.

هناك علوم نحتاجها، ومنها ما يتعلق بالهواتف والسيارات والمكيفات...وغيرها من استخداماتنا اليومية.

المفارقة أنَّ كل التخصصات لم تعد مطلوبة؛ حيث إنَّ خرجي طب الأسنان منذ سنوات لم يحصلوا على وظيفة، وكذلك طلاب الهندسة.. وقس على ذلك طلابا آخرين.

منذ خمسة أشهر، حدثني شاب يقود سيارة مستأجرة لجهة عملي، أنه تخرج منذ عامين تخصص مختبرات، وهو لا يزال يبحث عن وظيفة، وهذا العمل الذي يقوم به لسد احتياجاته الشخصية، وغرد شاب آخر في "تويتر" بأنه يقود حافلة طلاب، وهو يكتم تخصصه "الهندسة" حتى لا يسبب لهم الإحباط.

قد نجد العذر للحكومة أنها لا تستوعب هؤلاء الخريجين في وظائف حكومية، ولكن لا نجد لها العذر في إلزام الشركات الكبيرة بتوظيف هؤلاء الخريجين في وظائف، وما أدل على ذلك هو شركات الكهرباء التي تعج بالعمالة الوافدة...وغيرها من الشركات.

حيث إن هذه الشركات تكون إدارتها العليا والوسطى هي من العمالة الوافدة الآسيوية، في حين أن الخريج العماني يستطيع أن يقوم بنفس المهام وبكفاءة عالية، ولكن هذه الشركات تحاول الاحتفاظ بالوافدين لسياسات مالية تتبعها وأسباب أخرى.

نهج جلالته يحفظه دائما ما يعول على القطاع الخاص في احتضان هؤلاء الشباب وتدريبهم، ومن هنا يجب على القطاع الخاص أن يستجب لتوجيهات جلالته بعد أن وجدت الحكومة الرشيدة البيئة الخصبة لنمو هذا القطاع حان دوره ليرد العرفان لهذا الوطن وشبابه من خلال استيعاب مخرجاته في سوق العمل المختلفة.

يجب على وزارة القوى العاملة أن تراجع سياساتها في إيجاد وظائف من خلال إعادة مسح سوق العمل، وتحديد الوظائف التي يحظر فيها استقدام أيدي عاملة؛ ومنها: الإدارات العليا والوسطى، ولا يقتصر على المهن فقط كما هو في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

ومجلس التعليم في السلطنة يجب أن يراجع سياسة التعليم في السلطنة بدءًا من المراحل الأولى وحتى الكليات والجامعات، وما نشاهده من تكدس في بعض التخصصات لا يحتاجها سوق العمل يجعلنا نطالب بمراجعة البرامج الدراسية، يجب استحداث برامج دراسية أكثر أهمية؛ ومنها: تكنولوجيا الهواتف والسيارات والأجهزة الأخرى.

الجهات المعنية بالاستثمار في البلد يجب أن تعيد سياساتها في سرعة تخليص المعاملات باستخدام أفكار مبتكرة تحاكي الواقع، والبعد عن البيروقراطية التي نعاني منها، وما نشاهده في دول الجوار من سياسات تسرع من الاستثمار يجعلنا في تحد أكبر في تطبيق الحكومة إلكترونية؛ من أجل استثمارات تسهم في حل معاناة الخريجين، وهناك نتائج مبشرة في البنية الأساسية في المطارات والموانئ، ولكن هناك جهات يجب أن تراجع سياساتها ومنها التجارة والصناعة والقوى العاملة.

خريجو الكليات والجامعات في ازدياد، وهم ثروة وطنية يجب ألا تهدر بعد أن تم تعليمهم وتأهيلهم، وصرفت عليهم أموال طائلة؛ سواء من الحكومة أو أولياء أمورهم، ويجب أن نبتكر حلولاً ناجعة قابلة للتطبيق.

وهناك مؤسسات استشعرت المسؤولية الوطنية؛ ومنها: "الرؤية" التي دشنت "جائزة الرؤية لمبادرات الشباب" في مجالات مختلفة لفتح آفاق جديدة للشباب، وعملت على نشر هذه المبادرة في المحافظات من خلال ندوات انطلقت قبل أسبوعين من ولاية الرستاق، وتستمر في باقي المحافظات، مثل هذه المبادرة تجمع بين الابتكار والتحفيز والقدرة على الاعتماد على النفس في خلق الوظيفة.. فتحية لـ"الرؤية" على هذه المبادرة الرائعة، ونأمل من القطاع الخاص أن يأخذ دوره في احتضان كفاءات الوطن.

alhatmihumood72@gmail.com