"تنمية نفط عمان" تنظم الملتقى الثاني للمترجمين العمانيين

السعيدي: الترجمة جسر المعارف والحضارات.. و"الصحة" مستعدة لرعاية أية جهود لتطويرها

 

الرؤية - نجلاء عبدالعال

تصوير/ راشد الكندي

رعى معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة، صباح أمس، افتتاح "ملتقى المترجمين العمانيين الثاني"، الذي نظمته شركة تنمية نفط عمان، بفندق جولدن توليب، بحضور العديد من المختصين في مجال الترجمة والمهتمين بها من مختلف المؤسسات.

وأشاد معاليه باهتمام شركة تنمية نفط عمان بعقد الملتقى للمرة الثانية. مؤكدا أن الترجمة تعد جسرا مهما بين المعارف والحضارات، وكان لها دور في التفاعل بين إنجازات الحضارة الإسلامية والعربية مع إنجازات العالم. مشيرا إلى أن دور الترجمة ليس فقط في نقل المعارف، وإنما لها دور اقتصادي وتعليمي، إضافة لدورها الأساسي في الحفاظ على المعرفة والمعلومات من حضارات ولغات الأخرى. وأضاف بأن رعاية شركة تنمية نفط عمان لمثل هذه الفعاليات التي لا تتعلق بشكل مباشر بطبيعة عملها يدل على وعي الشركة بأهمية هذا الدور للترجمة.

وأكد معالي وزير الصحة أنَّ الوزارة وغيرها من المؤسسات ستدعم أية جهود من العمانيين لتطوير الترجمة، وبصفة خاصة ما يتعلق بالترجمة العربية في المنشورات المتعلقة بالصحة، كما أنه في حال وجود سعي لتأسيس جمعية للمترجمين العمانيين فستلقى كل الدعم من الجميع.

وألقى المهندس عبدالأمير بن عبدالحسين العجمي المدير التنفيذي للشؤون الخارجية والقيمة المضافة بشركة تنمية نفط عمان، كلمة في الافتتاح؛ لفت فيها إلى تنامي المشهد الترجمي في عُمان، وقال إن ازدياد عدد البرامج الأكاديمية المختصة بالترجمة، وما يعقبها من مخرجات وكوادر ترفد السوق الوطنية، والإصدارات المترجمة التي تدخل المكتبة العمانية كل عام، تبشر بنجاح الجهود التأسيسية لهذا القطاع الحديث نسبيا في السلطنة.

وحول اهتمام الشركة بتنظيم ملتقى حول الترجمة، قال إن ذلك يعود إلى أن الشركة تعد أول مؤسسة في البلاد تصدر نشرةً ثنائية اللغة وتحديداً في مايو 1968، وهي نشرة "أخبار شركتنا" (PDO News)، إضافة إلى أن الشركة -وإن كانت متخصصةً في عمليات النفط والغاز- إلا أنها تضع نصب عينيها دائماً شباب عمان وتهتم بصقل مهاراتهم، وتمكينهم من المضي قدماً، وتجاوز التحديات مهما اختلفت تخصصاتهم، بل حتى وإن كان ذلك خارج قطاع النفط والغاز، وفاءً بمسؤوليتنا الاجتماعية، وترجمةً حيةً لرؤيتنا بأن "يشار إلينا بالبنان بما لدينا من مواهب بشرية متميزة وما نُحققه من فوائد لعمان وأهلها وذوي الشأن".

ومن فريق الترجمةِ بالشركة، ألقى يعقوب بن ناصر المفرجي كلمة؛ نقل فيها عن المترجمين العمانيين ما يواجهونه من تحديات؛ فقال: إنه ومنذ 10 سنوات والمترجمون في عمان يحثون الخطى نحو آفاق أرحب، ونحو مزيد من البذل والعطاء، لكن لم تأت الإجابة طوال هذه المدة عبر "مركز وطني للترجمة"، أو عبر "جمعية عمانية للترجمة". لافتا إلى جهود شركة تنمية نفط عمان في سد جزء من الحاجة الملحة إلى أن يجد المترجمون ملتقىً يجمعهم، خصوصاً على إثر الصدى الطيب الذي تكلل به ملتقى المترجمين العمانيين الأول في 2016.

وأكد أن مسيرة الترجمة في السلطنة بالرغم من كونها حديثة نسبياً، إلا أنه بتتبع ما كتبه العمانيون حول الترجمة منذ مطلع الألفية نجد قدراً لا بأس به من المقالات التي توصف المشكلات، وتقترح لها الحلول، ولعل من أبرز التحديات عدم وجود "مؤسسة" تعنى بالترجمة وتنظيمها وتقنينها، وتجمع المترجمين تحت مظلتها لتوحيد جهودهم، بجانب الافتقار إلى قواعد البيانات الضرورية للخروج من بوتقة الرؤية الرومانسية للترجمة بوصفها وسيلة لتلاقح الحضارات، إلى كونها رافداً من روافد الاقتصاد الوطني، وأيضا وجود قدر كبير من الكتب والمقالات والدراسات الأجنبية التي تناولت عمان، والتي لا تزال تنتظر من يترجمها، مع عدم وجود إحصائية بها.

ووفق ما أوضح المقرحي، فإنه تم البدء بإعداد إحصائية مبدئية بهذه الوثائق تراوح الآن في حدود الألف، لكن المؤشرات ربما تشير إلى وجود الآلاف من هذه الدراسات. وهذا التحدي ما يعمل ملتقى المترجمين العمانيين على التركيز عليه. مؤكدا أن السلطنة حافلة بالكفاءات المستعدة للأخذ بزمام المبادرة، ووضع اللبنة الأولى فالثانية فالثالثة حتى يكتمل البناء في منظومة ترجمة قوية.

وتمحور الملتقى -الذي جاء بناء على نجاح نسخته الأولى في سبتمبر من العام الماضي- حول ترجمة الكتاب في سلطنة عمان موضوعاً رئيسيا، فضلاً عن عدد من أوراق العمل الأخرى تناقش محاور أخرى حول الترجمة في عمان.

واستضاف الملتقى متحدثيْن رئيسيْين؛ هما: الشاعر والمترجم حسن بن عبيد المطروشي رئيس تحرير مجلة "التكوين" التي تصدر عن بيت الغشام، إضافة للمترجم أحمد بن حسن المعيني المحاضر بكلية العلوم التطبيقية بصحار ومؤسس مدونة "أكثر من حياة" الفائزة بجائزة الإنجاز الثقافي البارز في سلطنة عمان عام 2010 ومؤسس مكتبة روازن في الخوض بمسقط. استعرض المترجمان تجربتهما في ترجمة الكتب، وأهم الدروس التي تهم كل مترجم يرغب في ترجمة كتاب.

وإلى جانب الورقتين الرئيسيتين، شهد الملتقى تقديم خمس أوراق عمل فرعية قدمها مترجمون عمانيون من مؤسسات مختلفة؛ من بينهم: محمد بن هلال الحجري رئيس قسم التدقيق اللغوي والترجمة بالادعاء العام، والمترجم عبدالله بن سعيد العجمي إداري أول ترجمة بمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم، إضافة إلى شيخة بنت محمود الجساسية مترجمة واختصاصية إعلام ونشر بهيئة تقنية المعلومات.

يشار إلى أن هذا الحدث استقطب مشاركين من مختلف المؤسسات؛ فكان حضوره بين مختص بالترجمة، أو هاوٍ لها، أو طالب لا يزال على مقاعد الدراسة بجامعة السلطان قابوس أو جامعة نزوى أو جامعة صحار وغيرها، فضلاً عن مثقفين بارزين؛ مثل: رئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، ورئيس المنتدى الأدبي، ورئيس النادي الثقافي، والمدير العام لمؤسسة بيت الغشام.

يذكر أن فريق الترجمة بالشركة -الذي يتمتع برصيد علمي وافر وصيت ذائع في مجاله- يعقد هذه الفعالية في إطار سعيه الحثيث إلى أن يكون مركزاً للتميز في الترجمة على مستوى السلطنة.

وفي هذا السياق، قال صالح العلوي رئيس قسم خدمات الترجمة بالشركة: "يأتي الملتقى هذا العام ليبني على النجاح الذي حققه الملتقى الأول الذي عقدناه العام الماضي. ومن أبرز أهدافه تمكين المترجمين العمانيين من الشباب، وإتاحة الفرصة لهم كي يكونوا رافداً لا ينضب من روافد الترجمة، وليلتقوا بزملائهم من مختلف القطاعات في البلاد فيتعارفوا ويتبادلوا الخبرات والتجارب". وأضاف: "نسعى كذلك إلى تشجيع المزيد من العمانيين على المساهمة في ترجمة الكتب، وإعداد البحوث والدراسات المتعلقة بدراسات الترجمة، فضلاً عن التأكيد على أن العربية قادرة على أن تكون لغة للحوار والطرح في ندوات الترجمة".

ويتمتع فريق الترجمة بشركة تنمية نفط عمان بخبرة وافرة تمتد لأكثر من 40 عاماً، تكللت بإصدار نحو 10 كتب ومنشورات مترجمة في مواضيع تتعلق بالنفط والغاز وغير ذلك؛ مما جعل الفريق يحظى بسمعة مرموقة في السلطنة والمنطقة الخليجية. ومن أبرز إصداراته: قاموس النفط والغاز الذي صدرت طبعته الأولى في 2006، ثم الثانية في 2014، إضافة إلى مسرد مصطلحات الصحة والسلامة والبيئة الذي صدر في 2016.

تعليق عبر الفيس بوك