خالد بن علي الخوالدي
تحمل مرحلة البحث عن الذات وعن القيمة الحقيقية للفرد مصاعب جمة، وعندما يحققها الإنسان ترتاح نفسه وتهدأ روحه ويستنشق هواء الطبيعة بعمق مرددا الحمد الله الذي أنعم عليّ بوظيفة أستر بها نفسي وأسرتي وعائلتي، فالوظيفة في هذا الوقت هي التي تحقق الذات للشباب لأنّها تشعره بكيانه ووجوده وبأنه منتج ومعطٍ وذو استقلالية.
فالوظيفة لكل شخص لا تعني فقط راتباً ولا تعني بأي حال من الأحوال تقضية وقت بل هي استقرار وحفظ للطاقة التي تهدر بلا جدوى وحفظ للوقت وللأيام التي تذهب سدى من عمر الإنسان، كما أن الوظيفة هي رد للجميل للوطن والسُّلطان وللوالدين والأسر التي تعبت، والوظيفة خاصةً إذا كانت في نفس التخصص تزيد من الإبداع وتشجع على مواصلة الابتكار وإعمال العقل الذي يتوقف عن العمل في حال الكسل والخمول.
إن الإحصائيات الرسمية تتحدث عن تزايد إعداد الباحثين عن عمل يومًا بعد يوم فاليوم نتحدث عن أعداد تفوق (50) ألف باحث عن عمل وإن ما نسبته%38 من الباحثين عن عمل هم من حملة الشهادة الجامعية، وغداً سيزداد العدد وسيتخرج في الجامعات والكليات والمعاهد والمدارس الآلاف من الشباب الطامحين إلى تحقيق ذواتهم ومصيرهم معلق بوجود وظيفة مناسبة ترضي تطلعاتهم وآمالهم ولن يتحقق هذا في ظل الركود من قبل مجلس الوزراء الذي ما يزال يصدر قرارات ويشكل لجاناً بدون تفعيل على أرض الواقع.
إنّ على الجهات المعنية أخذ الأمر بأهمية أكبر واستغلال طاقات الشباب في الإنتاج وابتكار أعمال تناسبهم سواء في المؤسسات الحكومية أو الخاصة فهناك الكثير من الحلول المطروحة على الساحة يعرفها الصغير والكبير وضجت بها وسائل الإعلام القديمة منها والحديثة، وها نحن نؤكد وننادي بأعلى صوتنا بأن على الحكومة أن تعمل على إنشاء المزيد من المصانع والشركات الإنتاجية التي يمكن للشباب أن يكونوا منتجين من خلالها والاستفادة من الدول الصناعية التي سبقتنا في هذا المجال فزيادة عدد الباحثين عن عمل يعني هدر للطاقات والعقول ولقوة الشباب وحيويتهم، وعلى الحكومة ألا تنتظر المستثمرين فقط لإقامة المشاريع والمصانع والشركات بل عليها بالمبادرة.
ومن جانب آخر فإنّ إنشاء وزارة للأشغال يعد من أفضل الأفكار التي ربما تساهم في توظيف الشباب وفي إخراج المشاريع الحكومية بتكلفة أقل فالشركات الخاصة تبالغ في دخول المناقصات الحكومية ولا توظف الشباب إلا برواتب هزيلة لا ترضي طموحات الخريجين خاصة الجامعيين منهم.
إننا نطالب الحكومة بإجراء دراسة مستفيضة عن واقع الفرص المتاحة في المؤسسات الحكومية بدون أن يكون هناك تكدس وتضخم وظيفي، كما حصل في عام 2011،فإن التمسنا لهم العذر في ذلك الظرف الاستثنائي إلا أن الظروف اليوم مواتية لإيجاد فرص وظيفية واعدة للشباب، وعليهم التحرك بشكل سريع حتى لا نكرر أخطاء الماضي ونعمل على ترقيع الأخطاء بأخطاء أشد وجعًا.
كما نطالب الشباب الباحثين عن عمل بالتعاون التام مع المؤسسات الحكومية المعنية بإيجاد الحلول لهذه القضية الوطنية الكبرى، وعلى الشباب أن يدرك أولاً أن العمل الحر أصبح خيارا من الخيارات المهمة في ظل الأزمات المالية المتوالية والمتكررة لذا عليهم الاستفادة من الصناديق والمؤسسات التي تمول الشباب في هذا الجانب وعلى الدولة أن تضخ أموالا أكثر في هذه الصناديق حتى تلبي الحاجة المتزايدة لها، كما على الشباب أن يدركوا أن زمن الانتظار لإيجاد وظيفة أفضل في نظري قد انتهى وعلى الشباب قبول الفرص المتاحة التي تتناسب مع تخصصاتهم وشهاداتهم ولو براتب أقل من السابق فمع الوقت يكتسبون خبرة والممارسة وسيكون المستقبل أمامهم لمواصلة العمل أو الانطلاق نحو ريادة الأعمال التي هي عالم كبير ويوفر فرصاً كبيرة لتحقيق الذات.
ودمتم ودامت عمان بخير