لعنة 11 سبتمبر

مدرين المكتومية

تابع العالم أجمع إعصار إرما الذي دمَّر أجزاءً كبيرةً من فلوريدا يوم 11 سبتمبر، الظاهرة التي استعدت لها أمريكا بشكل مُكثف إلا أنَّ ذلك لم يمنع من حلول لعنة القدر عليهم، ولربما يُمكننا أن نُعطي للأمر أكثر من تفسير، ولكن هناك تفسيران أساسيان حول هذا الإعصار، الأول تبنَّاه الميالون للتفسيرات العلمية ورأوا أنَّ الإعصار نتيجة للاختلال الذي حدث في الطبيعة، ونتيجة للاستخدام السيئ والانبعاثات الحرارية التي عرَّضت البيئة للكثير من الاختلالات وساعدت على بروز ظاهرة الاحتباس الحراري في الأماكن التي تُعاني من أعاصير قوية جدًا وغير مشهودة، وبالتالي تأتي لتُدمر كل ما حولها، صحيح أننا يجب أن نعرف أن أمريكا من الدول القوية ومُتقدمة في مختلف المجالات إلا أنَّ قيام ترامب بالانسحاب من اتفاقية المناخ مؤخرًا، يُعد إحدى عثراته وأخطائه، ولعله يجد في الإعصار الجديد ما يجعله يتخلى عن جبروته وغروره الذي يجعله ينسحب من الاتفاقية دون أن يُفكر بالعواقب.

أما التفسير الآخر فذهب البعض فيه إلى أنَّ هذا عقاب من رب العالمين سبحانه وتعالى على الجرائم التي اقترفتها أمريكا طوال السنوات الماضية واعتدائها على الشعوب وتدمير الثروات في العراق وسوريا وأفغانستان والصومال والتي راح ضحيتها ملايين الأبرياء إثر سقوط آلاف الأطنان من القذائف بمُختلف أنواعها، إضافة إلى الآثار المدمرة التي خلفتها اجتياحاتها البرية، ويرى هذا التفسير أن ماجرى هو عقوبة السماء على ما ارتكبته في حق الكثير من الأبرياء بالقتل والإصابة والتشريد وتدمير الثروات.

ويمكن القول أيضاً في نفس السياق أنّ الإعصار حلَّ بعد أسابيع من انسحاب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ، وقراره بأن يُدير ظهره لما قاله العلماء حول الأخطار التي تحدق بالطبيعة وسكان العالم، والذي اعتبره الكثير من الساسة والعُلماء جريمة في حق الكوكب.

  ومع إيماننا بأهمية العلم إلا أننا حين نتحدث عن فكرة اللعنات فالأمر لا يعني أننا لا نؤمن بقضاء الله وقدره ولكن فكرة اللعنة قديمة وسائدة منذ القدم ومنها تلك اللعنة التي ارتبطت بالفراعنة، وبالعلم أيضاً أثبتت الدراسات والبحوث أنَّ كل من يدخل إلى المقابر الفرعونية يموت بطريقة أو بأخرى، وهو أيضًا ما حاولت بعض الجهات تكذيبه، ولكن مع مرور الزمن بدأت حوادث الوفيات تُثير الجدل حيث دعت للبحث عن الأسباب وقد بيَّن بعض العُلماء أنَّ الفراعنة كانوا يضعون مواد سامة لتحصين قبورهم من السرقة، فيما رأى البعض أنَّ السبب يعود إلى انتشار فطريات وسموم قاتلة في المقابر والمعابد لحمايتها، كما أنَّ الهواء بالتأكيد يكون ملوثًا في المقابر القديمة بفطريات قاتلة بسبب عدم تهوية المكان لمئات السنين.

وتأتي اللعنات على أشكال مُختلفة، فهناك لعنة الحب ولعنة التهجير ولعنة الحروب وغيرها من اللعنات التي قد نعيشها ونصادفها، ولكن علينا أن نعي أنَّها موجودة بأيّ شكل من الأشكال فلربما تأتي على هيئة إعصار لتُهدد الطبيعة، وتأتي على هيئة أشخاص يأخذون منِّا مساحات الحب ليتركونا جثثاً هامدة، وهناك ما يأتينا على شكل وسواس لا يمكننا أن نتجاهله أبداً.

القضية الأساسية هي أنَّ إرما لم يكن حدثاً عابرًا بل هو حدث يجب أن تنظر إليه أمريكا بعين الاعتبار، علها تفكر في التوقف عن ارتكاب الجرائم وقتل الشعوب بسياساتها وأساطيلها وطائراتها وقنابلها، فمن يضمن غضب الطبيعة وثورتها.  

madreen@alroya.info