الحصبة والشائعات المغرضة

خالد الخوالدي

 

تَفَاعَل أغلبُ المواطنين والمقيمين في السلطنة مع الحملة الوطنية للتحصين ضد مرض الحصبة؛ لإدراكهم التام بأنَّ الجهات المختصة لن تستنهض الهمم وتعمم الأمر على جميع المحافظات في السلطنة إلا إيمانا منها بدورها الوطني في المحافظة على أرواح المواطنين والمقيمين، ومنع انتشار الأمراض في المجتمع. ومع هذه الجهود، ظهرت رسائل نشاز تشكك في النوايا، وتهدم كل الجهود، مُقدمة فلسفات من نسج الخيال، وشائعات مغرضة هدفها تشويه صورة الحملة الوطنية.

ونشكر الله أنَّ هناك وعيا مجتمعيا كبيرا لما تقُوم به الجهات المختصة من دور في مختلف المجالات، دون النظر للمرجفين والمشككين الذين ما لبثوا يأكلون من خير هذا البلد ويذكرون فقط الأخطاء ويكبِّروها ويصغرون من الإيجابيات ويهمشُّوها لمرض في قلوبهم، ويظنون في قرارة أنفسهم أنهم النصحاء والعارفون والعالمون بكلِّ المجالات، وليتهم صمتوا فالصمت أولى لهم من الخوض في أمور لا يُدركون منها حتى اسمها، فلو سألت أحدًا من هؤلاء ما هو مرض الحصبة وأسبابه وكيفية انتشاره وكم عدد الذين أصيبوا به في السلطنة والعالم، لوجدناه خالي الوفاض، ولا يملك أي جواب، فقط الذي يعرفه هو التشكيك والتخوين والتقليل من جهود المخلصين، ويتبعه في ذلك كل من ينشر مثل هذه التفاهات والرسائل والمقاطع الصوتية ومقاطع الفيديو دون تمحُّص ودراية بمخاطر ذلك على الناس المترددين والخائفين، والذين لا يملكون القرار الصائب حتى الآن حول الحملة، والتي من اسمها يُفترض أن تكون مصدرَ اطمئنان وثقة؛ فهي تحمل الوطنية بمعنى أنَّ الوطن لا يخون أهله، ولا يقدم لهم المضر، خاصة فيما يتعلق بالصحة، والتي هي تاج على رؤوس الأصحاء.

... إنَّ انتشار الشائعات السلبية والمغرضة فيما يخص الحملة الوطنية للتحصين ضد مرض الحصبة في هذه الأوقات بالذات، عليها أن تتوقف، وأن نتعاون جميعا لإيقافها، وأن يكون للجهات الأمنية المختصة متابعة كل من يشكك في هذه الجهود وينشر الأقاويل الكاذبة والتحليلات السقيمة والشائعات التي تؤدي لنفور الناس وابتعادهم عن تنفيذ أجندة وطنية ما كانت الدولة ستقبل عليها وستدفع المبالغ الطائلة في تنفيذها -خاصة مع الأزمة المالية التي تعاني منها الدولة حاليا- إلا إذا كانت ذات أهمية بالغة، وتحمي المواطنين والمقيمين على هذه الأرض الطيبة.

إنَّني لن أذكر هنا ما هي الشائعات التي انتشرت حول الحملة الوطنية للتحصين ضد مرض الحصبة، حتى أميتها في مهدها، ولا أسهم في الترويج لها، وعلينا جميعا أن نقف ضدها، ونسهم في الترويج للحملة والتعريف بها، وإيصال أهدافها الوطنية خاصة للمقيمين الوافدين الذين لا يتحدثون اللغة العربية، والذين رُبما لا تصلهم الرسالة نتيجة عدم متابعتهم لوسائل الإعلام المحلية العُمانية، ولا يملكون حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، فلا مجال في التهاون والتكاسل فيما يخص صحة البشر؛ فعلى الجميع أنْ يكون مصدرَ بناء لا معول هدم، وأن يُحسنوا الظن في كل القائمين على هذه الحملة الوطنية.

ومن خلال متابعتي لمراكز العمل، أجد أنَّ هناك تفانيا واضحا وإخلاصا تامًّا في تنفيذ الحملة؛ حيث زُرت أحد المراكز في الساعة التاسعة مساء وهو الوقت الذي يفترض أن العمل قد انتهى في هذا المركز، ورأيت أشخاصا هرعوا بعد انتهاء الوقت، إلا أنَّ القائمين في المركز استقبلوهم بصدور رحبة، وقالوا سنمدد الوقت حتى ننهي العمل مع آخر شخص وصل إلى المركز. وهذا إن دلَّ فإنما يدلُّ على الروح الوطنية التي يحملها هؤلاء، وروح المسؤولية التي يقدمونها لأهلهم ومجتمعهم.. فدُمتم ودامتْ عُمان بخير.

Khalid1330@hotmail.com