ليس حُرًا مَنْ يهتكُ عِرْضَ الكِتَابَة

منى المعوليّة – مسقط – سلطنة عُمَان


في هرج الأمسية وتداخل الحوارات كان صوت إحدى الرائعات وهي تسرد حادثة طريفة المغزى، وموجعة المعنى في بحث أحدهم عن رقم هاتف كاتبة ليلقنها درسا ويؤدبها لأنها حسب الأراجيف التي أشيعت قد جاءت في كتابها بما يخدش حياء الأبرياء! فسواء إنها اقترفت ما قيل، أو إنه ملفقٌ ومفترى عليها فإنه من الأجدى العمل بقوله تعالى جلَّ في علاه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ (6سورة الحجرات) ﴾، وإعملا للمقولة الشهيرة: "اسمعْ منّا ولا تسمعْ عنَّا" وذلك حقنًا لدماء الأخلاق المغتصبة والمسفوحة على (أرصفة التخمين)؛ فليتمهلْ المتلقي ويقرأ، ويستوعب ويتأنّى، لا أن يقول: سمعتُ، ورآيت نصف الواقع، واطَّلعت على أنصاف الحقائق دون آن أشغلَ هاجسي الممتلئ غيظا على الأنصاف الأخرى.
هنا ذاب خيالي، وانصهرت أفكاري، وغادر عقلي القاعة، رغم أن جسدي كان حاضرًا. وأتساءلُ كيف يمكن أن نكون شيئا متاحا بأن يؤدبنا من شاءَ وقتَ ما شاءت آفكارُه و أهواؤه ، ومِن ثَمَّ يعود ليكتشف خطأه، وربَّما خطيئته ليتمتم بينه وذاته أنه عاد وقرأ ووجد بأنه تسرَّع بإطلاق الأحكام المسبقة دون قراءةٍ ولا تمحيص أو تدقيق وأعلن تهديده بالتأديب والتربية. وكما يقول بأنه: تأسفَ  و خَجِلَ من نفسه!
قد يستفز الوجع فينا أن نكون مشروع تربية أي عابرٍ و أيٍّ كان، في حين أن أباءنا كانوا ولم تزل سياط أدبهم علامتها توسِم ظهورنا وتُوخز ضمائرنا لتوقظها عند كل التواء!
 نعم قد نتعلم أدب الأخلاق من غير أبائنا في مواقف عديدة ومحاور كثيرة و لكن ليس كل إنسان هو مشروع تأديب وليس كل من ترجَّل ليؤدِّب مؤهل في ذلك،كما إنني مؤمنة و متيقنة بأنه يُنافي الأدب أن تُصادرَ فكر الكاتب و إنه ليس حُرًا مَنْ يهتكُ عِرْض الكتابة.

تعليق عبر الفيس بوك