أُشْبهُ طَقْسَ (حِمْصَ)

فاتن باكير – حمص - سورية
يَا أُمّي ...
أَصْبَحتُ أَطْوَلَ قَامَةٍ دُونَ أَنْ تَدْرِي، وبَدَأْتُ أُشْبُهكِ...
كُلُّ شَيءٍ مِنْكِ يَبدُو عَلَى مَقَاسِي حَتَّى شَامَةُ خَدِّكِ
 لَكنّني أَكْبَرُ مِنْكِ الآنَ، وَأَنَا أَتَعَثَّرُ بِهزَائِمِي
 وَكَأنَّها حَصَى صَغِيرَةٌ سَأَرْكُلُها بِقَدَمي ويَنتَهي الأَمْرُ
كَأَنْ أَرْكُضُ خَلْفَ أَحْلَامِي دُونَ أَنْ تُزْهِرَ وَأَقُولُ لَها عَلَى سَبِيلِ المزَاحِ:
تَمَهَّلِي سَوفَ تُصبِحين حَقيقةً وكُنْتُ أَنَا وكَانَتْ هي..
نَنْظُرُ إلى بَعْضِنَا بِعَينٍ وَاحِدَةٍ
وكَأَنَّ حُبُوبَ المورفين الَّتي أَدُسُّها فِي وِسَادَتِي حِينَ أَنَامُ لَمْ تَعُدْ كَافِيةً لِتَخْدِيرِها
كُنْتُ أُريدُ أنْ أَصْنعَ لكِ مَجْداً مِنَ الحُبِّ
تَفخَرين بِي كَأنْ أَتَزوجَ الرَّجلَ الَّذِي أُحِبُّهُ...
أَو أُكْمِلَ الرِّوَايةَ التي أَكْتُبُها...
أَو أُنْجِبَ لكِ بنتاً تُشْبهُ ملامِحَكِ الأوربيّةَ..
لَكِنْ......
كُلُّ ذَلك لَنْ يَحْدِثَ لأنَّ قَنَّاصًا (مَا) - مِنْ بَلدٍ (ما) - ذَا مَلامحَ غَريبَةٍ قَتَلَ حَبيبي...
وكُنتُ أَنَا عَلَى حَافَةِ الحَيَاةِ مِنْهُ ولَمْ أَقْتَرِبْ
كُلُّ ذَلِكَ عَلَى بُعْدِ خُطْوَتين مِن رُوحي...
وأَنتِ تَعرِفين
كَمْ أحببتُ لونَ عينيهِ الرَّماديتين
وشعرَه الأسودَ وتلك البقعةِ البنيَّةِ على جبينهِ
 لذلك لا تتوقّعي مني أنْ أهبَكِ طفلةً تُشبهُ أيامي
تعرفين أيضًا أنّني أُشْبهُ طَقْسَ (حِمْصَ)
في الرَّبيعِ باردٌ جِدًا، وعَميقٌ....
وكُلَّما تَأَقْلَمْتُ مَعَ الرَّذَاذِ أُصِبْتُ أَلفَ مَرةٍ بالرَّبْوِ
إِنَّها لَيْسَتِ المدِينَةُ الَّتي أُحِبُّها - فَقَط - يَا أُمّي
إنَّهَا لَيْسَتْ (هُوَ)، و (أَنْتِ) وكُلُّ مَنْ أُحبُّهم... إِنَّها أَنْتُم جَمِيعًا...
لِذَلكَ لا تَقُولي لي في كُلِّ مَرةٍ نَكْتُبُ لِبَعْضٍ:
(اتْرُكِي هَذِهِ المدِينَةَ الحَزيِنةَ وتَعَالي)
أنتِ ... تَعَالي .... أنتِ تَعَالي .....

تعليق عبر الفيس بوك