العراق يبدأ هجوما لاستعادة تلعفر.. والأكراد "يساومون" بغداد مقابل تأجيل "استفتاء الاستقلال"

بغداد - رويترز

قالَ رئيسُ الوزراء العِرَاقي حَيْدر العبادي إنَّ قوَّات الأمن العراقية بدأت، أمس، هجومًا لاستعادة مدينة تلعفر، وهي هدفهم التالي في الحَمْلة المدعومة من الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية المتشدِّد. وفي خطاب تليفزيوني للإعلان عن بدء الهجوم، قال العبادي موجِّها كلامه للمتشددين: "إمَّا الاستسلام أو القتل".

وَتَقَع تلعفر -وهي معقل للمتشددين منذ وقت طويل- على بعد 80 كيلومترا غربي الموصل، وتمَّ فصلها عن بقية الأراضي الخاضعة للدولة الإسلامية في يونيو. وتحاصر قوات الحكومة العراقية ومتطوعين شيعة المدينة من الجنوب بينما يحاصرها من الشمال مقاتلون من البشمركة الكردية.  ويقول قادة عسكريون من الولايات المتحدة والعراق إنَّ نحو 2000 من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية ما زالوا في المدينة.

وَمِن المتوقَّع أن يُبدي المتشدِّدون مُقَاومة شرسة رغم أنَّ المعلومات المخابراتية من داخل المدينة تشير إلى أنهم منهكون بسبب أشهر من القتال والقصف الجوي وبسبب نقص الإمدادات الجديدة.  وقبل ساعات من إعلان العبادي ألقت القوات الجوية العراقية منشورات فوق المدينة تطالب فيها السكان باتخاذ الاحتياطات اللازمة. وجاء في المنشورات "جهِّزوا أنفسكم من الآن، فالمعركة قريبة، والنصر آت بإذن الله تعالى وبمشيئته".

وَكَانَت "الخلافة" التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية قد انهارت فعليا الشهر الماضي عندما أتمت القوات العراقية المدعومة من واشنطن سيطرتها على مدينة الموصل عاصمة المتشددين في العراق بعد حملة دامت تسعة أشهر.  لكن لا تزال أجزاء من العراق وسوريا تحت سيطرة التنظيم المتشدد، ومنها مدينة تلعفر، التي كان عدد سكانها نحو 200 ألف شخص قبل الحرب.

وَفرَّت موجات من المدنيين من المدينة والقرى المحيطة بها تحت جنح الظلام خلال الأسابيع الماضية.  وقال السكان الذين غادروا تلعفر الأسبوع الماضي لرويترز إن المتشددين يبدو عليهم الإنهاك والتعب.

وَفِي سِيَاق مواز، قال مسؤول كردي بارز إن أكراد العراق قد يدرسون احتمال تأجيل استفتاء على الاستقلال من المقرر إجراؤه في 25 سبتمبر مقابل تنازلات مالية وسياسية من الحكومة المركزية في بغداد. وقال ملا بختيار مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، إنَّ وفدا كرديا يزور بغداد للاطلاع على مقترحات من قادة عراقيين قد تقنع الأكراد بتأجيل التصويت.

وَتَتخوَّف الولايات المتحدة ودول غربية أخرى من أن يشعل التصويت صراعا جديدا مع بغداد وربما دول مجاورة ويصرف الانتباه عن الحرب الدائرة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. وطلب وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون رسميا من مسعود البرزاني رئيس كردستان العراق قبل عشرة أيام تأجيل الاستفتاء.

وَقَال بختيار -في مقابلة- عن المحادثات مع الائتلاف الحاكم الذي يقوده الشيعة في بغداد: "كبديل لتأجيل الاستفتاء بغداد مستعدة أن تحقق أي شيء لإقليم كردستان". وقال لرويترز في مدينة السليمانية الكردية: إنَّ على بغداد أن تكون مستعدة لمساعدة الأكراد على تخطي أزمة مالية وتسوية ديون مستحقة على حكومتهم.

وَقُدِّر حجم تلك الديون بما يتراوح بين عشرة و12 مليار دولار بما يساوي تقريبا الميزانية السنوية لكردستان، وهي ديون مستحقة لمقاولين نفذوا أشغالا عامة وموظفين حكوميين ومقاتلين من البشمركة لم تصرف رواتبهم كاملة منذ شهور. وعلى الصعيد السياسي، قال إنَّ على بغداد الالتزام بالموافقة على تسوية مسألة المناطق المتنازع عليها مثل منطقة كركوك الغنية بالنفط التي يقطنها عرب وتركمان أيضا. وَقَال: إنَّ الوفدَ الكرديَّ سينقل المقترحات التي سيتلقاها إلى الأحزاب السياسية الكردية لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت كافية لتبرر تأجيل التصويت. مُشدِّدا على احتفاظ الأكراد بالحق في إجراء التصويت في موعد لاحق حال التأجيل.  وقال: "نحن لا نقبل أن يُطرح علينا أن نؤجل الاستفتاء دون بديل ودون أن يحددوا أجلا آخر للاستفتاء أو وقتا آخر".

وَأوْقَفتْ بغداد دفعات التمويل من الميزانية الاتحادية العراقية لحكومة كردستان في 2014، بعد أنْ بَدَأ الأكراد تصدير النفط بشكل مُستقل عنها عبر خط أنابيب إلى تركيا. ويقول الأكراد إنهم كانوا بحاجة للإيرادات الإضافية للتعامل مع زيادة النفقات التي تسبَّبت فيها الحرب على الدولة الإسلامية وتدفق أعداد كبيرة من النازحين على كردستان.

تعليق عبر الفيس بوك