تهيئة الأبناء للدراسة

سعيد المحرزي

سيبدأ أبناؤنا بعد أيام قلائل عامهم الدراسي، ونرجو أن يكون عاما حافلا بالعطاء والإجادة، والمتأمِّل لواقع الأسر، يجد أنَّ هناك بعضَ الأسر تستعد استعدادا ماديا ومعنويا وذهنيا، وهناك أسر أخرى تكتفي بالاستعداد المادي فقط؛ وذلك بتوفير الأدوات اللازمة للدراسة من حقائب ودفاتر...وغيرها، ويا تُرى أي نوع من الاستعداد هو الأفضل، إنه بلا شك ذاك الاستعداد الذي يشمل الاستعداد المادي والمعنوي والذهني للدراسة.

وهنا أحاول الحديث قليلا عن كيفية التهيئة والاستعداد الأمثل للدراسة خلال ما تبقى من أيام من الإجازة، كما ذكرت أنه لابد أن تحرص الأسر على الاستعداد الجيد للدراسة، وينبغي أن يشمل الاستعداد ثلاثة جوانب مهمة؛ هي: الاستعداد المعنوي، والاستعداد الذهني، والاستعداد المادي، ولعلَّ النوعين الأوليين هما الأهم، لذا سأركز عليهما في حديثي.

يشمل الاستعداد المعنوي للدراسة تحفيز الأبناء وتشجيعهم على الدراسة؛ وذلك بذكر الفوائد المتعددة لطلب العلم والتفوق فيه، وهنا ينبغي على الوالدين ذكر الآيات والأحاديث النبوية التي تحث على طلب العلم وأنه طريق للجنة، وأيضا ذكر القصص الواقعية لنجاحات طلاب سابقين وحاليين في دراستهم وكيف أنهم شقوا طرق العلم وتغلبوا على التحديات التي واجهتهم، إن مثل هذه القصص الواقعية ستكون دافعا قويا لدى الأبناء في التميز والإبداع.

ومن الأفكار العملية أيضا في تهيئة الأبناء معنويا للدراسة أن يقوموا بكتابة أهدافهم التي يرغبون بتحقيقها خلال العام الدراسي، وهنا على الأبوين تدريب الأبناء على كتابة الأهداف مع النقاش حول كيفية تحقيق هذه الأهداف وما هي الموارد التي قد يحتاجونها لتحقيق ذلك، وينبغي أن تتنوع هذه الأهداف بحيث تكون أهدافا خاصة بالمواد العلمية، وأهدافا خاصة بالمهارات التي يرغب الطالب بالحصول عليها خلال العام الدراسي، وأهدافا خاصة بالقيم والأخلاقيات، ويُنصح بأن يعلق الطالب أهدافه في مكان واضح بالبيت حتى تكون له حافزا مستمرا.

كذلك من الأفكار العملية التي تعزز الاستعداد النفسي للطلاب اللقاءات بالمتفوقين وأصحاب الإبداع والتفوق حتى يستفيدوا من خبراتهم السابقة في كيفية المذاكرة والتلخيص والتعامل مع الاختبارات...وغيرها، إن مثل هذه اللقاءات توفر دعما نفسيا قويا وزيادة في الثقة بالنفس لدى الطلاب.

نأتي الآن للحديث عن الاستعداد الذهني للدراسة، ويشمل هذا النوع من الاستعداد: إجراء مراجعات للأبناء في المواد الأساسية على الأقل كالتربية الإسلامية واللغة العربية والرياضيات والعلوم، ويمكن تحقيق هذه المراجعة من خلال تنفيذ المسابقات الثقافية العائلية والألغاز الثقافية المتنوعة؛ من أجل تشجيع الأبناء لمثل هذه المراجعات، كذلك يمكن تحفيز ذهن الأبناء من خلال الألغاز الرياضية، كذلك ينبغي توجيه الأبناء لقراءة بعض الكتب المفيدة على أن يقوموا بتلخيصها في نقاط وتقديمها في عرض تقديمي لبقية أفراد العائلة، إن مثل هذه الأفكار العملية وما يشابهها تعمل على تنشيط ذهن الأبناء حتى يكونوا مستعدين لاستقبال عامهم الدراسي الجديد بكل نشاط وحيوية.

ومن الأمور التي تساعد أيضا على بث روح الحماس للتعلم بين الأبناء ما تقوم به بعض الفرق الأهلية من تنظيم لقاءات مع متخصصين ومبدعين للاستفادة من تجاربهم في مراحل الدراسة المختلفة كدبلوم التعليم العام والدراسة الجامعة، وتوفر هذه اللقاءات الكثير من المعلومات حول طرق المذاكرة والتعامل مع المسائل والمواقف الصعبة، وكذلك كيفية التعامل مع الامتحانات والتحديات التي قد تواجه الأبناء في دراستهم وغير ذلك الكثير؛ لذا ينبغي تعميم مثل هذه المبادرة على بقية الفرق الأهلية وحتى العوائل لما لها من فائدة كبيرة.

... إنَّ تضافر الجهود العائلية والمجتمعية والرسمية كالإعلام وغيره في توفير برامج متنوعة تعمل على تهيئة الأبناء لبدء عام دراسي جديد، يُعطي دافعا قويا للأبناء على بذل الكثير من العطاء والإنجاز والابداع.. فقليلٌ من الجهد الذي نبذله مع الأبناء بشرط أن يكون جهدا منظما ومدروسا ومخططا له سيكون له الأثر الكبير في سلوك الأبناء، وسيعمل على تذليل الكثير من الصعوبات التي قد تواجههم خلال مسيرتهم العلمية.

تعليق عبر الفيس بوك