تكريم الطلبة المتفوقين.. احتفال بالوطن

 

د. محمد الزدجالي

 لا يخفى على الجميع أنّ التفوق الدراسي للطالب ما هو إلا ثمرة جهد وسهر وصبر ومشقة، ولا شك أن التفوق هدف لا يناله إلا أصحاب الهمم العالية والإمكانيات المتميزة الذين أرادوا الارتقاء بأنفسهم وذويهم ومجتمعهم، وكما يعلم الجميع أنّ التفوق الدراسي في نيل شهادة دبلوم التعليم العام له نكهته الخاصة، ومكانته المرموقة بين كافة أطياف المجتمع، فترى ذوي المتفوقين يحتفلون بأبنائهم الطلبة داخل أروقة المنازل بقلوب ملؤها الفرحة والسرور والبهجة والحبور.

إنّ أمام المجتمع بأسره مسؤولية اجتماعية إزاء هذه الفئة ممن حملوا شارات التميز والنجاح، تقديرا لما بذلوه من جهد ومثابرة، ولحثهم على مواصلة مسيرة التفوق والنجاح سواء في مرحلة التعليم الجامعي، أو في ميادين العمل المختلفة، فبالعقول الشابة المستنيرة تنهض المجتمعات، وترتقي الأوطان، فالعنصر البشري هو أساس التنمية وغاياتها.

إنّ مبادرة ولاية صحار للعام الثاني على التوالي في تكريم 152 طالبا وطالبة من أبنائها الذين حصلوا على أعلى من 90% في الدبلوم العام، كان لها بالغ الأثر في نفوس الطلبة المكرمين وذويهم، وتعد حافزا لمن هم على مقاعد الدراسة لبذل مزيد من الجهد والعطاء ليحظوا بمثل هذا التتويج، وخير دليل على ذلك ارتفاع عدد المتفوقين في ولاية صحار في عام واحد فقط من 115 في النسخة الأولى من المبادرة إلى 152 طالبا وطالبة في النسخة الثانية، فالتكريم المجتمعي بلاشك أكبر وقعا في نفوس المتفوقين، ويبعث في نفس صاحبه الثقة في النفس والرغبة في مواصلة التميز والصعود إلى أعلى درجات النجاح.

ليس هناك استثمار أفضل ولا أهم من الاستثمار في الإنسان، هكذا علمنا مولانا حضرة صاحب الجلالة - حفظه الله ورعاه- حين قال "إنّ الاهتمام بالموارد البشرية وتوفير مختلف الوسائل لتطوير أدائها وتحفيز طاقاتها وإمكاناتها وتنويع قدراتها الإبداعية وتحسين كفاءاتها العلمية والعملية هو أساس التنمية الحقيقية، وحجر الزاوية في بنائها المتين، القائم على قواعد راسخة ثابتة؛ إذ أنّ العنصر البشري هو صانع الحضارات وباني النهضة".

لذا أودّ التأكيد بأننا جميعا أمام مسؤولية اجتماعية تحتم علينا الاحتفاء بالمتفوقين، والتفكير بجدية في إيجاد كيانات أهلية تشارك فيها مؤسسات المجتمع المدني والشركات لتنظيم مبادرات سنوية لتكريم المتفوقين في مختلف ولايات ومحافظات السلطنة، على أن يعمل هذا الكيان بالتنسيق مع مديريات التربية والتعليم بالمحافظات؛ مستمداً منها الخبرة والدعم المناسب. وأدعو مجالس الآباء والأمهات في الولايات التي يترأسها أصحاب السعادة الولاة لتوسيع أدوارها في التحفيز التربوي، مع أهمية وضع معايير واضحة للتفوق، بما يحفز الطلاب لبذل أقصى جهدهم للصعود على منصة التكريم، وتكريم المجيدين من أبناء الوطن هو تكريم للوطن.

تعليق عبر الفيس بوك