الثقافة.. مفتاح التقدم الفكري

تزخر السلطنة بالعديد من المؤسسات الثقافية والفكرية على مختلف المستويات، وكلها تعمل في إطار إبراز الصورة الحضارية للسلطنة التي تمتد لآلاف السنين، تشكلت خلالها حضارة عمانية مترامية الأطراف، متعددة المشارب والتوجهات.

وتعمل هذه المؤسسات والجهات، وفي مقدمتها وزارة التراث والثقافة، على تعزيز الأنشطة الثقافية والفكرية، من خلال تنظيم المؤتمرات والندوات الفكرية وعقد ورش العمل، واستضافة الوفود الأجنبيّة وغيرها من الفعاليّات التي تساعد على نقل التجربة العمانية والثراء الذي يتمتع به المجتمع العماني، إلى الخارج.

وتجتهد هذه المؤسسات لتنظيم العمل الثقافي من خلال سن التشريعات المنظمة التي تحفظ للتراث العماني رونقه وتحافظ على أصالته، وتحول دون انصهاره في فنون وأفكار ثقافية بعيدة عن الفكر العماني الأصيل.

ومن بين الفعاليّات التي تنظمها السلطنة وتولي اهتمامًا هائلا بالثقافة، معرض مسقط الدولي للكتاب، الذي يمثل نافذة فكرية وثقافية مشرعة على العالم، حيث تتلاقى تحت سقف واحد العديد من دور النشر التي تعرض أبرز الأعمال والمؤلفات الأدبيّة والعلمية والاجتماعية والسياسية والاقتصاديّة، وغيرها من العلوم والمعارف المكتوبة والمطبوعة، وهي تسهم بذلك في نشر رقعة المعرفة والعلم، وتحفيز المجتمع على القراءة، والمواظبة على هذه الفضيلة، التي لا ينتهجها مجتمع أو أفراد إلا وعلا شأنهم، وتوسّعت مداركهم، واتقنوا أعمالهم.

الثقافة أيضا تمثل انعكاسا لمدى إيمان المجتمع الذي يتمسك بها، بالقيم الحضارية والمفاهيم الأمميّة الرفيعة، والمجتمع العماني يحرص كل الحرص على إعلاء القيم الإنسانية انطلاقا من ثقافته الرفيعة وكرم ضيافته وحسن عشرته، وهي حقائق تؤكدها التقارير الدولية، وتثني عليها مختلف المنظمات.

والتقدم يتحقق بالعلم والمعرفة، وهما صنفان من صنوف الثقافة، وقد أيقنت الرؤية السامية لجلالة السلطان المفدى ذلك مبكرا، مع بزوغ أول شعاع في فجر النهضة المباركة، فكانت التأكيدات السامية على ضرورة أن يتعلم أبناء الشعب "ولو تحت ظل شجرة". ومن هذا المنطلق، شرعت الحكومة الرشيدة في إنشاء المدارس والمؤسسات التعليمية المختلفة، بهدف أن يتسلح جميع المواطنين بسلاح العلم، وأن يتحصنوا بدرع المعرفة والفهم.

إنّ الثقافة متى ما انتشرت في مجتمع من المجتمعات، كانت له ترياقا من الأمراض الفكرية، ووقاء من التعصّبات بشتى أشكالها، وحصنا منيعا من الاختراقات الفكريّة.. فالثقافة الثقافة هي طريقنا نحو التقدم والازدهار.

تعليق عبر الفيس بوك