عمان.. واحة الأمن والأمان

د. محمد الزدجالي

مع غمرة أفراحنا بالذكرى السابعة والأربعين لبزوغ فجر النهضة المباركة، تقف عمان شامخة كشموخ جبالها العالية بمنجزات وطنية عظيمة شملت كافة مناحي الحياة، وثوابت رصينة كفلت لجميع أبناء عمان الأوفياء حياة آمنة مستقرة، ورسخت مبادئ العدل والمساواة، تحت قيادة حكيمة وفكر مستنير من لدن باني نهضة عمان الخالدة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه.

إنّ ما نعيشه في هذا الوطن العزيز من وحدة وطنية، وأمن وأمان وراحة واستقرار، بات محط إعجاب العالم أجمع، ولَم يكن لكل هذا الخير أن يتحقق لولا الإرادة العظيمة والهمة العالية والإخلاص المطلق الذي عاهد به جلالة السلطان المعظم نفسه وشعبه الوفي منذ اليوم الأول لتوليه مقاليد الحكم في عمان عندما قال "سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل".

لقد وعدت يا مولاي وأوفيت، وأفنيت شبابك في خدمة تراب هذا الوطن الأبي وشعبه الوفي، فها هي عمان نراها ترتفع يوما بعد يوم إلى مصاف الدول المتقدمة بشهادة جميع المنظمات والهيئات الدولية، التي أكدت أنّ عمان تعد من الدول الأكثر أمنا واستقراراً في العالم، كيف لا وقد حصلت السلطنة على "صفر" في مؤشر الإرهاب الدولي، ومؤخراً حصلت السلطنة على المركز الثالث عربيا والثلاثين عالمياً في مؤشر أفضل الدول للهجرة والمهاجرين في العالم الذي أعدته صحيفة يو اس نيوز بالتعاون مع وورلد ريبورت.

وعلى الصعيد السياحي، نرى عمان ولله الحمد والمنة أصبحت من الدول الجاذبة للسياح من مختلف دول العالم، فعلاوة على ما تزخر به من مقومات سياحية طبيعية وتاريخية وحضارية، فَهْي البلد الأكثر أمانا في المنطقة، ولا يخفى على الجميع أنّ الأمن هو عامل الجذب السياحي الأول، وقريبا بإذن الله سنجد عمان في مقدمة الوجهات السياحية المفضلة عالمياً وفق تنبؤات العديد من المختصين في الشأن السياحي.

وكذلك الأمر بالنسبة للاستثمار الذي يسعى إلى البحث عن بيئة آمنة مستقرة وشروط ميسرة وعوامل جذب كافية وأهمها توافر البنية الأساسية والقوانين والإجراءات السهلة والفرص الاقتصادية الكبيرة في مشاريع طموحة تتمثل في مناطق صناعية كبيرة وموانئ ومناطق حرة، ولدينا على سبيل المثال منطقة الدقم الاقتصادية وصحار الصناعية والمنطقة الحرة بالمزيونة وغيرها، كما حققت السلطنة تقدما في مؤشرات سهولة استخراج تراخيص البناء، وسهولة تسجيل الملكية وسهولة بدء النشاط التجاري وسهولة الحصول على الكهرباء وحماية المستثمرين، ويغلف كل تلك الفرص الاستثمارية الحقيقية توفر الأمن والاستقرار والذي يعني ازدهار الاستثمار مما يحقق نقلة نوعية لباقي القطاعات.

وعلى المستوى السياسي فإنّ بلادنا تحظى باحترام وتقدير العالم بعد أن استطاعت أن تضع قواعد لسياسة التسامح والعلاقات الدبلوماسية الطيبة مع مختلف دول العالم، وابتعدت عن حالة الاستقطاب التي تشهدها دول المنطقة وصارت قبلة للتباحث والتشاور السلمي لوقف الصراعات وحل المشاكل الإقليمية، حتى صارت تلقب في الخارج بسويسرا الشرق لحرصها على مواقف متسامحة ومحايدة مع الجميع، مما أكسبها احترام وتقدير العالم، وأهّلها لقيادة دفة التفاوض وإنهاء عدد من الملفات الساخنة لعل أبرزها ملف المفاوضات الأمريكية الإيرانية وملف تحرير السياح الأمريكيين وغيرها، إضافة إلى مواقفها الثابتة من القضايا الدولية ودعمها لحق الشعوب في الحياة بكرامة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الشقيقة والصديقة، وليس هناك مثال أبرز من الموقف العماني ناصع البياض من الصراع الدائر الآن في اليمن، حيث حرصت السلطنة على أن تتخذ موقفاً يليق بها مؤكدة بكل قوة وحسم رفضها إطلاق رصاصة واحدة على مواطن عربي مهما كانت الظروف، بل إنها مدت يد العون للشعب اليمني الشقيق وفتحت أبواب المساعدات الصحية والاجتماعية وهي واثقة من أنّ هذا هو دورها الراسخ  الذي سيظل التاريخ يتذكره باحترام وتقدير. يحق لنا القول إنّ اسم عمان لا يذكر سوى في مؤشرات وتقارير تليق بها وبشعبها وقائدها، فلن تجد السلطنة في تقارير عن الفساد أو التوتر أو التلوث أو ضمن دول تعاني من مشاكل اقتصادية أو اجتماعية أو حتى صحية، بلادنا يليق بها أن تذكر في مراتب متقدمة وعلى سبيل المثال وليس الحصر فقد حصلت السلطنة على المركز الثاني عربياً في مؤشر السعادة العالمي لعام 2015 الذي تضمنه التقرير الثالث لمستوى السعادة حول العالم، والذي أصدرته شبكة حلول التطوير المستدامة التابعة للأمم المتحدة، وليس خافياً أن مثل هذه التقارير تستند إلى عدة معايير منها الحصة الحقيقية لكل فرد من إجمالي الناتج المحلي ومعدلات الفساد والحريات والرعاية الصحية وغيرها وشمل التصنيف 158 دولة.

ستبقى عمان ما بقي الدهر في سمو وازدهار، تحفها عناية الله، وترعاها أعين وسواعد وطنية مخلصة، تستلهم من عزيمة قائدها المفدى وفكره المستنير، واليوم ونحن نحتفل بذكرى النهضة المباركة، لنرفع أكف الضراعة للمولى القدير أن يديم على عمان نعمة الأمن والاستقرار، وأن يحفظ مولانا المعظم، وأن يمن عليه بالصحة والعافية والعمر المديد.

تعليق عبر الفيس بوك