قلب العروبة النابض

 

 

يوماً تَلْو الآخر يُبَرْهِن الاحتلالُ الإسرائيليُّ على صِلْفِه وعنجهيته الفارغة، التي تَضْربُ بعرض الحائط كافة المواثيق الدولية وتمزِّق التعهُّدات إربًا، وهذا ليس بغريب على كِيَانٍ غاصبٍ احتلَّ الأرضَ وقَتَل النفسَ وانتهكَ العِرْضَ، يتمدَّد كالسرطان: تارةً بالقوة وفوق أجساد الأبرياء، وتارةً أخرى بمستوطنات تَدْفِن تحت أساساتها القانونَ الدوليَّ.

التصاعُد الخطيرُ في الوَضْع بالحرم القُدُسِي الشريف يعكسُ الإصرارَ الإسرائيليَّ على وَضْع الأراضي الفلسطينية المحتلَّة على شفا حفرة من النار، فيما يَسْعَى الفلسطينيون لكَبْح جِمَاح غضبهم تجنُّبا لآلة البطش الإسرائيلية التي تقتل بلا سبب وبدم بارد، بينما يقف العالمُ كلُّه صامتاً في خِزْي غير مسبوق، وفي مُقدِّمته كبار الدول الحريصة على ما يُسمَّى بـ"حقوق الإنسان".

المَوَاجهات التي اندلعتْ قبل يَوْمَين في القدسِ المحتلة ما هي إلا "بروفة"، وتمهيد لانتفاضة قد تُشْعِل الأوضاعَ دون توقُّع كيفية إطفاء النيران؛ فالحصارُ الإسرائيليُّ على الفلسطينيين في كلٍّ من الضفة وغزة، وكذلك تصاعُد الخلافات بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال، من شأنه أنْ يُعجِّل بالمواجهة التي لن يستطيع أحد وضع نهاية لها.

دِمَاء الشُّهداء التي سالتْ، وجروح المصابين التي لا تزال تنزف، كُلُّها قد تكون وقودا لمواجهات أكثر حِدَّة، ما لم يتدارك الاحتلالُ خطأه ويتراجع عن قرار وَضْع بوابات أمنية حول الحرم القدسي؛ فالمواثيق الدولية تكفل حُريَّة العِبَادة والحق في دخول دور العبادة، حتى وإن كانت خاضعة تحت سلطة احتلال.

الدَّاخلُ الفلسطينيُّ عليه هو الآخر التوحُّد خلف قيادة مركزية واحدة، تَضْمَن الوقوفَ صفًّا منيعًا في وَجْه مُحَاولات الفتنة والوقيعة بين أطياف العمل الوطني في فلسطين.

والدول الفاعلة في المشهد الفلسطيني يتعيَّن عليها التدخُّل العاجِل والناجِع لنزع فتيل التوتر، وإثناء الاحتلال عن المُضِي قُدُمًا في سياساته القمعية الظالمة، والدفع نحو استئناف مفاوضات السلام وفق قواعد جديدة تقوم على أسس المساواة والحق في الأرض والحق في إدارة شؤون الدولة الفلسطينية دون وصاية ولا فرض حماية من دولة أو أخرى.

... إنَّ الآمالَ معقودة من المحيط إلى الخليج في أنْ تتَّحد الدول العربية والغربية خَلْف هدفٍ واحدٍ وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الجاسم على قلوب الفلسطينيين، وأنْ يتوقَّف المحتلُّ عن الاستفزازات والإجراءات التعسفية والتوسُّع الاستيطاني، حتى تنال فلسطين، قلب العروبة النابض، حُريتها التي طال انتظارها.

تعليق عبر الفيس بوك