يوليو في وجداننا

 

 

د. أحمد بن مسعود المعشني

الثالث والعشرون من يوليو عام 1970م..

تاريخ أساسُهُ عزيمةُ قائد، وهمَّةُ بَطلٍ خاض حربًا ضروسًا ولم يغتر بالانتصار.. نعم، كانت مرحلة الشباب هي مرحلة الفتوَّة، مرحلة فوَّارة ثوَّارة بالحيوية والحماس والنشاط. كان وقت القائد حينها مقسَّمًا: تارة يتفقَّد الصفوف الأمامية في الحرب، وتارة أخرى نجده في المدينة يوجِّه وينظِّم ويرشد وينصح، فأسَّس دولة، ووحَّد وطنا، وأنشأ مؤسسات استوعبت الثائر والمتذمِّر والراضي والساخط والموالي في بوتقة النظام (عش بسلام). ومن ثَمَّ بنى جيلًا من الشباب القويّ المعتمد على ذاته وإمكانياته للدفاع عن وطنه ومقدَّساته.

ها هي اليوم عمان تهتف بلسان الحال: قابوس.. قابوس.. وعد، ووفاء، وفكر، وعمل.

لحظات السعد تكسو كل دار في المدن والجبال والصحاري.. لا فقر، لا مسكنة، لا ظلم في دار قابوس.

 

الثالث والعشرون من يوليو عام 1970م..

هو ذاكرة شعب وهُوية وطن، هو ذكريات أحداثٍ طُويت في صفحات ولكن هيهات أن تنمحي من لُبِّ التاريخ المعاصر. تجلَّت فيها منهجية قابوس النيِّرة؛ إذ تمكَّن بعزيمته وإرادته من اجتياز المعوقات وتخطِّي الصعاب. فكل ما تحقَّق خلال نصف قرن من الطموحات والآمال وكل ما نراه من حضارة وتطور سبقه همٌّ طويلٌ، ومحنٌ جسيمةٌ، وتعبٌ وعناءٌ، وفكرٌ غضَّت له المضاجع ولم تغمض له الجفون. فما تزخر به اليوم عمان وشعبها من حضارةٍ ورقي ورخاءٍ كان ثمنًا لحصيلة من المحن والتجارب والمشقَّات التي صنعت المشاهير عبر التاريخ، فظفر بها قابوس السلام، وجاء لها بالسلام منقذًا ومجيرًا، فحماها بالحكمة والعفو والتسامح.

قائلًا للمغترب: عُد إلى وطنك مكرَّمًا،،

وللمسجون: اخرج سَليمًا من الأذى،،

وللنازحين: ادخلوها بسلامٍ آمنين،،

أيُّها العائدون إلى أرض قابوس، إنَّ سرَّ العطاء وسرَّ النماء وسرَّ الرخاء وسرَّ الأمن والأمان، يتفشَّى بنفض غبار الماضي. فتلك الأيام الصعيبة قد ولَّت، وها هيَّ عمان اليوم تتباهى بجميع منجزات قائدها الكريم الأبيّ. وبتأسيس يوم نهضتها في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970م. ففي هذا التاريخ انتزعت عمان عن نفسها الجمود، واستيقظت من سباتها الطويل.

 

الثالث والعشرون من يوليو عام 1970م..

ميلادُ دولةٍ رسَّخت مبادئ عنوانها (الحكمة، العفو، السماح، المصالحة، العطاء). هذه الكلمات المضيئة كانت منهجًا ومنهجيةً للعالم من سلطان السلام. فقد فاز ونجا من حذا هذا الحذو.

هذا اليوم، يوم الفخر من تاريخ عمان، تعتدُّ به الشعوب والأمم بفضل التسامح والتصالح.

وهذا النداء، صدح في آذان العالم بأنَّه عهدٌ جديدٌ لعمان الممزقة، وعلاجٌ جذريٌّ لأحداث الماضي من أزماتٍ وثاراتٍ وهجراتٍ واضطراباتٍ وتمزُّقاتٍ وتشتُّتاتٍ عاشها الشعب في قهرٍ وذلٍّ وانهزام.

 

الثالث والعشرون من يوليو عام 1970م..

تأسَّست سلطنة عمان بعبقريةٍ من قائدها الحكيم، قابوس بن سعيد المعظم، الذي سارع في بناء دولة، وتوحيد شعب، وفتح علاقات مع العالم. ليأتي الزمان اليوم مفسِّرًا هذه العبقرية، ومرسِّخًا إنجازاته في الأذهان والألباب. وجلالته مستمرٌّ بفيض عطائه ونمائه الممتد قرابة نصف قرنٍ من الزمان.

فحفظ الله سلطان عُمان، وأيَّده بالحق والعزَّة والرفعة والسعادة، وأَطِلْ يا الله في عمره أعوامًا عديدة، وأَدِم على هذا البلد الأمن والأمان.

تعليق عبر الفيس بوك