محمد البلوشي
قبل أكثر من أربعة عقود مضت انطلق صوت للنهضة العمانية.. صوت بلغت مسامعه ربوع عمان يدعو للنهضة الفكرية والبشرية والعمرانية، صوت استوعب سامعوه كلماته ومضمونه لنهضة شاملة ستعم ربوع عمان قاطبة في سنواته المقبلة.
لن أكتب في هذا المقال عن حجم الإنجازات التي تحققت في عمان، فهي شاخصة لمن أراد البحث والتحقق، ولكني أذهب إلى مساحة رحبة أن نهضتنا لم تتوقف إلى حدود المنجز الحالي، وهناك عمل كبير ينتظر منا كجيل أن ينجز خلال المراحل القادمة في القطاعات المختلفة.
الجميع يعلم أنّ قطاع الخدمة المدنية يستوعب أعدادا كبيرة من الموظفين في وزارتها، وهناك مستويات متعددة من الرضا الوظيفي في هذا القطاع الكبير جدا، وأيضا هناك عمل أكبر ينتظر تسهيل إجراءاته وإنهائه بكبسة زر.
الكل يقر أن الخدمات التي كانت تقدمها الحكومة في شكلها الجيد في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات ومع بداية الألفية الجديدة كانت مناسبة للظروف والمتطلبات التي كانت في تلك الفترة وتفي بالغرض المرسوم من أجله، ولكن يتفق معي الكثيرون أنّ الأدوات السابقة لا تتناسب مع التطورات التي لحقت بنا وأصبحنا ملزمين بالتفاعل معها بالصورة الإيجابية التي تتوافق مع احتياجاتنا.
هناك أمران مهمان أعتقد من الأهمية بمكان أن ينتبه إليهما مجلس الخدمة المدنية وأيضا مجلس الوزراء الموقر ويعملان معا بشكل تفاعلي للاستفادة منهما لتحقيق الهدف الأسمى؛ الأمر الأول يتمثل في إجراء استفتاء عام يضم جميع وحدات ومؤسسات الخدمة المدنية المقدمة للخدمات على مستوى الإدارات التي تدير دفة تلك الوحدات وكفاءتها والأدوات التي تستخدمها في إدارة شؤون موظفيها ومواردها البشرية، وأيضًا الوقوف على التحديات الميدانية التي تقف حاجزًا أمام تطورها.
أمّا الأمر الآخر الذي يأتي مباشرة بعد تنفيذ المرحلة الأولى والتحقق من الوصول إلى نتائج ميدانية، هو جعل وحدات نظام الخدمة المدنية تعمل على تطوير المنتجات التي تقدمها سواء الخدمات المشتركة بين تلك الوحدات أو الخدمات التخصصية لكل وحدة، وذلك من خلال ضبط الإجراءات وتأطيرها بتوقيت زمني محدد وإجراءات واضحة وفاصلة لا تقبل التأويل، وذلك بهدف تحقيق الغاية الأهم وهو تعظيم العائد الاقتصادي والتجاري والاجتماعي الذي يترتب عليه من تقديم الخدمة.
كان الجيل في السابق يتقبل فكرة أن يتردد كثيرًا ومرارًا وتكرارًا على الجهات المقدمة للخدمة، ولكنّ الجيل الحالي والأجيال التي ستأتي إن شاء الله تعالى، لا تتقبل إلا فكرة أن تنهى معاملاتها بكبسة زر وفي توقيت زمني لا يتعدى عشر دقائق كما هو الحال في الخدمات الرائدة لشرطة عمان السلطانية، فعلينا أن نعي جيدًا هذه الحقائق والمتطلبات ونعمل متكاتفين ومتعاونين على تحقيقها.