في دراسة تحليلية نفَّذها "الوطني للإحصاء والمعلومات" بالتعاون مع "اليونيسيف"

السلطنة تحقق تطورا لافتا في وضع الطفل والمرأة.. ومتوسط العمر يقفز إلى 76 عاما

≤ تدعيم دقيق القمح يُسهم في خفض معدلات الأنيميا وشلل الحبل الشوكي

≤ نمو مُتسارع في تنمية الطفولة المبكرة وارتفاع معدلات الالتحاق وتكافؤ التعليم

 

مسقط - الرُّؤية

قالتْ دِرَاسة تحليلية أَجْرَاها المركزُ الوطنيُّ للإحصاء والمعلومات إنَّ السَّلطنة شهدتْ خلال 4 عقود فقط تطورا لافتا في وضع الطفل والمرأة؛ حيث قَفَز المتوسط المتوقع لعمر الفرد إلى 76 عاما، مقارنة بـ51 عاما في العام 1971، كما أصْبَح من المتوقَّع أنْ يعيش 99 طفلا من كلِّ 100 طفل لأكثر من 5 سنوات بعد الولادة، إضافة إلى أنَّ 98% من الأطفال يحصلون على التحصين الصحي، مقارنة بـ20% في الثمانينيات.

وَخلصت الدِّراسة التحليلية لوضع الطفل والمرأة في السلطنة التي أجراها المركز الوطني، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، إلى أنَّ السلطنة تمكَّنت من تحقيق الهدف الرابع من الأهداف الإنمائية للالفية المتعلق بخفض وفيات الأطفال، كما أفضتْ التطوُّرات الجذرية في الخدمات الصحية؛ ومنها: التغطية الشاملة للتحصين إلى انخفاض معدل الأمراض المعدية بين الأطفال بيد ان معدلات الإصابة بالإسهال لا تزال تمثل مشكلة في بعض المحافظات. ونظرا لانخفاض حالات العدوى، انحصرتْ الأسباب الرئيسية لوفيات الأطفال الصغار في التشوهات الخلقية والأحداث المحيطة بالولادة ومضاعفات الولادة.

وحقَّقتْ السلطنة الهدفَ الأوَّل من الأهداف الإنمائية المتعلق بخفض انتشار نقص الوزن إلى النصف؛ مما أدى لانخفاض نسبة توقف النمو في الأطفال. كذلك أسهم برنامج السلطنة في تدعيم دقيق القمح (الذي بدأ عام 1993) إسهاما بالغا في خفض معدلات الأنيميا وشلل الحبل الشوكي، كما ثبتت فعالية البرامج المستخدمة لمكافحة نقص فيتامين )أ(، إذ حققت تغطية كبيرة بين الأطفال والأمهات.

ونجحتْ السَّلطنة في السَّيطرة على اعتلال نقص اليود، لكن لا تزال هناك حاجة لتحقيق مستوى مستدام وشامل لعملية معالجة الملح باليود، وهناك أيضا غياب للملح المعالج باليود مع استيراد ملح غير معالج باليود من دول الجوار.

وفيما يخصُّ مُحدِّدات صحة الطفل وتغذيته والتي تشمل صحة الأم ووضعها التغذوي قبل الحمل وأثناءه وجودة الخدمات الصحية وتوفرها وممارسات إطعام الرضع والأطفال الصغار...وغيرها، قالت الدراسة إنَّ السلطنة تمتلك تغطية شاملة النطاق لخدمات ما قبل الولادة والولادة في المستشفيات كما حصلت 9 من كل 10حوامل مسجلات على رعاية ما بعد الولادة؛ حيث أدَّتْ هذه التغطية الكبيرة في خدمات صحة الأم إلى انخفاض معدل وفيات الأمهات بالسلطنة.

وبرز احتياج غير مستوفٍ في التخطيط الأسري لدى النساء؛ إذ إنَّ أكثر من نصف النساء العمانيات بقليل في العام 2008 رغبن في استخدام موانع الحمل، لكنهن لم يتمكن من ذلك لأسباب تتعلق بالعادات والتقاليد. كذلك فإنَّ تصاعُد المعدَّل المنخفض للولادات منخفضة الوزن في السلطنة يعدُّ أمرا مقلقا فيما يخص الوضع التغذوي للأم، كما أنَّ هناك رضيعا واحدا من كل 4 رضع يولد لأم مصابة بالأنيميا.

وتشير الدراسة إلى أنَّ مُمارسات الرعاية وإطعام الرضع والأطفال الصغار لا تزال دون المستوى الأمثل؛ حيث إنَّ الإطعام المبكر للرضع بالماء والأعشاب والشاي والحليب الصناعي يمنع تحقق الرضاعة الطبيعية الحصرية، كما أنَّ التصورات الخاطئة التي تربط الحمل بغصابة الطفل الراضع طبيعيا بالإسهال تقلل فترة الرضاعة الطبيعية المستمرة.

وفيما يخصُّ مُحدِّدات صحة الطفل أيضا أظهرت تقديرات برنامج الرصد المشترك بين منظمة الصحة العالمية واليونيسيف مستوى عاليا من التغطية في مصادر الماء المحسنة ومرافق الصرف الصحي المحسنة؛ إذ بلغت 90% من السكان.

كما أنَّ 3 أرباع المساكن تستفيد من شبكة أنابيب المياه أو نقاط تجميع المياه، مع العلم أنَّ نظام المياه الحكومي يخضع لنظام ضبط جودة يفحص مطابقة المياه للمعايير الكيميائية والميكروبيولوجية. وفيما يخص تنمية الطفولة المبكرة تحظى السلطنة بنمو متسارع في القطاع التعليمي، وإذا كان القطاع الخاص يقدم الغالبية العظمى من خدمات تعليم الطفولة المبكرة، فإنَّ السنوات الأخيرة شهدت بعض التوسع في البرامج الحكومية وكذلك من بعض المؤسسات غير الربحية.

وزادَ التكافؤ بين الجنسين في التعليم قبل المدرسي/تعليم الطفولة المبكرة زيادة مطردة، ولكن لا يزال أطفال الأسر ذات الدخل المحدود خاصة في المناطق القروية محتاجين إلى فرص الحصول على خدمات ملائمة في تعليم الطفولة المبكرة. وتشير الدراسة إلى أن ثمة حاجة لزيادة الاستثمار الحكومي في تنمية الطفولة المبكرة وليس فقط في تعليم الطفلة المبكرة؛ حيث إنَّه من الضروري أن تشارك الحكومة وتقود عملية توفير تنمية الطفولة المبكرة على نطاق واسع مع الحفاظ على الجودة وضمان وصول الخدمة إلى الأسر ذات الدخل المحدود. كما تشير الدراسة إلى ما حققته السلطنة من نشر شبه كامل للعليم الابتدائي بمعدلات مطردة الزيادة في السنوات العشرين الماضية، كما يعد التطور الحادث في التعليم الثانوي تطورا لافتا، بيد أنَّ هناك حاجة لمزيد من التطوير لتحقيق نتائج تعليمية أفضل.

وحققت السلطنة معدلات شاملة في الإلمام بالقراءة والكتابة بين اليافعين في الفئة العمرية من 15 إلى 24 عاما. ويتبيَّن من تقليص الفارق بين معدل الالتحاق الصافي ومعدل الالتحاق الإجمالي فعالية جهود الحكومة في إلحاق الطلاب بالمدارس في السن الصحيحة، كما يُبدي نظام التعليم الأساسي تقدما أفضل في هذا الشأن من نظام التعليم السابق. وزادت معدلات البقاء حتى الصف السادس بحوالي 35 نقطة مئوية من عام 1990 إلى 2010، كما انخفض معدل الإعادة في الصفوف الدنيا، لكنه لا يزال بحاجة إلى تطوير في الصفوف العليا. وتقول الدراسة إنه كي تواكب السلطنة إنجازاتها الهائلة في تعميم التعليم ينبغي عليها أن تركز على جودة التعليم وتطوير النتائج التعليمية بتحسين القدرات التدريسية لدى المعلمين وتسريع العملية الجارية فعلا من التوسع في اتباع النهج المرتكز على الطالب في التدريس والتعلم وزيادة المعلمين العمانيين المؤهلين.

وتقول الدراسة إنَّ النظام التعليمي يحتاج تطوير قابلية الشباب العمانيين للتوظيف في سوق عمل سريع التطور وتزويدهم بالمهارات الملائمة لاقتصاد المعرفة، وفي الوقت نفسه ينبغي لسوق العمل أن يوفر فرصا كافية تجذب الشباب رفيعي التعليم. وفيما يخص الرعاية والحماية التي توفرها السلطنة للأطفال تعرج الدراسة للخدمات العامة والمتخصصة التي تقدمها السلطنة للأطفال ذوي الإعاقة؛ حيث إنَّ معظم هؤلاء الأطفال يمكنهم الحصول على خدمات الرعاية باستثناء الحالات التي لا يرغب فيها أولياء الأمور بالإفصاح عن وجود حالة إعاقة في أسرتهم.

وتوفِّر وزارة الصحة خدمات التأهيل الذي غالبا ما يكون عبر العلاج الطبيعي في الحالات الحرجة، كما تطبق وزارة التربية والتعليم نظامَ الدمج التربوي للأطفال ذوي الإعاقة ممن لديهم القدرة على الإندماج مع الأطفال الآخرين في المدارس الحكومية، وتوفر كذلك برامج التربية الخاصة لغير القادرين على دخول المدارس العادية.

كما تُشير الدراسة إلى أنَّ أغلب الأطفال والشباب ذوي الإعاقة ولدت معهم إعاقاتهم وبتقسيم مسببات الإعاقة، تبيَّن إمكانية منع الإعاقات أو خفضها؛ حيث توفر وزارة الصحة خدمات مثل استشارات ما قبل الزواج والفحص الوراثي وفحص المقبلين على الزواج لمنع الإعاقة والكشف المبكر. وفيما يخص الأنماط الحياتية الخطرة، تشير الدراسة إلى أنَّ الإصابة بالسمنة تقترن بتوقف النمو في الطفولة؛ فعلى سبيل المثال لمحافظتي الوسطى ومسندم نسب عالية من الأطفال المصابين بالسمنة مقارنة بالمحافظات الأخرى، وهما من بين 3 محافظات لها أعلى مُعدَّلات الإصابة بتوقف النمو كذلك تؤدي الأنماط الحياتية أيضا إلى الإصابة بالسمنة بين الشباب.

وتبيِّن الدراسة أنَّ السلطنة تسجل واحدا من أدنى المعدلات العالمية في استخدام المراهقين للتبغ، فيما تشير البيانات المتوفرة حول الإدمان إلى أنَّ أولئك البالغين (21 إلى 30 سنة) هم الأكثر استخداما للمخدرات، رغم تسجيل حالات في الفئات العمرية الأصغر. وتشير الدراسة إلى ما اتخذته السلطنة من نهج يتقاطع مقطاعات أخرى للحد من استخدام المواد الضارة كما توفر الحكومة العلاج وخدمات أخرى للمدمنين المسجلين.

وتقول الدراسة عن السلطنة تمتلك العديد من مقومات النظام الجيد لحماية الطفل، خاصة التعديلات القانونية والالتزام الحكومي على أعلى المستويات، فيما تنصح الدراسة بضرورة رفع سن المساءلة الجزائية من 9 إلى 12 سنة بما يتفق مع توصيات اتفاقية حقوق الطفل، كما ينبغي رفع مستوى العديد من المبادرات الواعدة التي أطلقتها وزارات مختلفة ورفع مستوى البرامج القائمة والمتعلقة بالوعي بمخاطر العنف والإيذاء الاسري لتعزيز نظام حماية الطفل.

تعليق عبر الفيس بوك