مرة أخرى: لماذا تغيب القيادات العُمانية في القطاع الخاص؟

 

عبدالله العليان

يدُوْر الحديثُ في بَعْض وسائل التواصل عن تعيينات لقيادات وافدة في بعض المؤسسات الكبيرة في القطاع الخاص، وهذه التعيينات لقيادات غير وطنية، أوجدت الكثير من التساؤلات والاستغراب، وهو: لماذا تغيب الكفاءات العُمانية في هذه المؤسسات، بعد 47 من نهضتنا، من المخرجات العالية في شتى التخصصات؟

كما أنَّ الكفاءات العُمانية الآن تقود مؤسسات كبيرة ومهمة في القطاعات العام والقطاع الخاص؛ حيث نجحت نجاحاً باهراً في قيادتها لهذه المؤسسات والهيئات، ولم يعُد الأمر خافياً على المسؤولين في مجالس إدارة هذه المؤسسات عن هذه النجاحات، بل إنَّ بعض الهيئات والمؤسسات التي لم تحقق نجاحاً أو فشلت في إداراتها، استطاعت بعد تسليم قيادات عُمانية مؤهلة لها، أنْ تقفز بهذه المؤسسات إلى مستويات كبيرة في النجاح المالي والإداري، فلماذا يتراجع التعمين في قيادة مؤسسات عمانية مهمة؟ فإذا كانت هناك قوانين ونظم تعرقل جهود وزارة القوى العاملة، والهيئة، في التعمين فإنَّ هذا الأمر نرفعه إلى مجلس عُمان بغرفتيه (مجلس الدولة ومجلس الشورى)، لمناقشة هذه القضية، وهي غياب قيادات عمانية عن إدارة مؤسسات في العديد من مؤسسات القطاع الخاص، خاصة مع وجود هذه الكفاءات الوطنية التي تستطيع إدارة هذه المؤسسات بكفاءة عالية، وبمؤهلات لا تتقدَّم عليها المؤهلات الوافدة، قياساً بمؤسسات أخرى أهلية عمانية تدير باقتدار وبنجاحات بارزة، وبنفس المستوى، بل وأكبر من ذلك من حيث ضخامة هذه الهيئات والمؤسسات، والمسألة الآن تحتاج مراجعة ومناقشة مستفيضة من مجلس عُمان، ليدرس هذا الأمر، ويدرس الأسباب التي أدت لتراجع التعمين في مستويات القيادات في هذا القطاع، ويضع الحلول الناجعة لهذه الإشكالية.

ثمَّ إنَّ العمالة الوافدة في بلادنا في كل القطاعات -حسب الإحصائيات قبل أشهر- تقترب من 50% من عدد السكان؛ فأعداد العاملين الوافدين تجاوزت المليون وأربعمائة ألف تقريبا! وهذا خطر من كلِّ النواحي؛ سواء الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو حتى السياسية، ونحن قبل سنوات، كنا عندما نقرأ الكتابات والدراسات عن مخاطر العمالة الوافدة في منطقة الخليج، كانت هذه الدراسات والأبحاث، تستثني بلادنا من هذه المشكلة المتفاقمة في بعض دول المنطقة. الآن، نحن بدأنا نقترب من هذه المشكلة، خاصة أنَّ هذا الرقم يصل إلى 45% تقريباً، بالنسبة لعدد المواطنين العمانيين، وهذه نسبة كبيرة جدا؛ سواء في مجال المنافسة، أو الأضرار الأخرى التي يعرفها أهل الاختصاص، وهذا لا يعني أننا ضد العمالة الأجنبية، بل نحن نريد الحاجة الفعلية التي لا تجعل المواطنين لا يجدون وظائف في وطنهم، في وجود عمالة كبيرة في بلادنا، وهذا مشكلة لا بد من النظر إليها، من الجوانب المختلفة، والذي نعتقده أنَّ قضية الإسراع في توظيف الباحثين عن العمل، قضية محورية وأساسية، وحاجة اجتماعية وأسرية، وهذه مسألة تدق ناقوس الخطر، إنْ لم نتحرك لمعالجة هذا الأمر بجدية، ومتابعة حثيثة، وبقوانين ملزمة، وهى موجودة من سنين طويلة في لوائح ثابتة، وهذا ما نود أن يتحقق عاجلاً وليس آجلاً.

الآن.. الكفاءات موجودة، والفرص متاحة، فلِمَ لا يوجد مجال لعدم الإحلال، الذي أصبح ضرورة وطنية ملحة، في ظل الظروف الحالية، ومع توقف التوظيف في القطاع الحكومي، خلال السنوات الثلاثة الماضية؟ ولماذا لا تعطى هذه الوظائف القيادية والإدارية في القطاع الخاص للعمانيين، وهم أولى وأحق بهذه الوظائف، خاصة أن لدينا الكثير من الكفاءات الذين يحملون شهادات عالية بمستويات مختلفة أنهوا دراستهم من سنوات، ويستطيعون أن يشغلوا هذه الوظائف. وقد قلنا في مناسبات سابقة، إنَّ الكثيرَ من الشباب العماني تخرَّجوا في أواخر السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، هم الآن في مستوى الخبراء، بعد أكثر من 35 عاماً في العمل الإداري والفني، في الكثير من الهيئات العامة والخاصة؛ فخبراتهم جاهزة وقادرة على العمل المتقن، وهذا حصل في الكثير من القطاعات الكبيرة التي أسندت إلى الشباب العماني المؤهل، وأصبح الآن خبيراً وناجحاً، إداريا وفنياً، وهذا يجعل الكرة في ملعب كل المؤسسات والشركات التي تريد الكفاءات الوطنية المؤهلة.. هذه رسالة لمن يهمه الأمر.