تحقيق السلام الإقليمي

لا شك أنّ المنطقة التي نعيش فيها تموج بالعديد من التحديات والمخاطر التي تهدد استقرارها وديمومة الحركة فيها، في ظل التوترات المتلاحقة بمختلف الدول، سواء تلك التي تعاني من صراعات داخلية تحوّلت إلى نزاعات مسلحة أو أخرى تعاني من ويلات الحروب المُتتابعة عليها من الخارج والداخل، أو حتى القابعة تحت نيران الاحتلال العسكري الغاصب.

وخلال السنوات الأخيرة الماضية عصفت بالمنطقة موجة من التغييرات أحدثت هزّة عنيفة في بلدان كانت تنعم بالاستقرار النسبي، ما لبث أنّ تحوّل إلى فوضى عارمة تأكل الأخضر واليابس، تحت مزاعم شتى، اعتقد مواطنو هذه الدول أنّها خير وفير لهم، لكنّها تحولت فيما بعد إلى شر مستطير.

والثابت في ما تمر به المنطقة من تحولات وتبدلات ترسم ملامح إقليم جديد غير ذلك الذي كان قائمًا حتى سنوات قليلة مضت؛ أنّ القوة العسكرية لا تجدي في حل الصراعات والنزاعات والخلافات، وأنّ ثقافة الحوار والتسامح هي الأنجع في تحقيق ما تصبو إليه الأمم من سلام واستقرار ورخاء، بما يسهم في إحراز التنمية المأمولة في مختلف مجالات العمل.

بلوغ شواطئ السلام يتطلب تخطي موجات البحر المتلاطمة التي تهدد سفينة المنطقة بالغرق في ظلمات بعضها فوق بعض، ظلمات الفقر والجهل، وتراجع معدلات النمو، وتفشي البطالة وانتشار الجرائم. ولن يتحقق هذا السلام ما دام كل طرف يتمسّك برؤيته الحادة والأحادية.. لن تنعم دول المنطقة ما لم تتخلَ عن الانفراد بالقرار ورفض التباحث حول المُشكلات في بيئة من التسامح والتعايش المشترك.

الخلافات التي تطفو إلى السطح بين الفينة والأخرى منبعها في كثير من الأحيان اختلاف في وجهات النظر، ما يلبث أن يتحول إلى خلاف ثم نزاع، ويواصل التطور حتى تختفي الأرضية المشتركة بين الأطراف.

إنّ تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة مرهون بانتشار قيم التسامح والسلام، وتعظيم مبادئ العدل والإخاء والمساواة، ولن تفلح العديد من القرارات أو القوانين الداخلية في بلوغ أهداف النماء ما لم يتحقق السلام، وستواجه المعدات العسكرية الفشل الذريع إذا حاولت حل أيّ أزمة، بل إنّ ترياق هذه المنطقة ودواءها الشافي يتأتى عبر السلام لا سواه.

تعليق عبر الفيس بوك