أنتم فرحة العيد

 

 

خالد الخوالدي

Khalid1330@hotmail.com

 

العيد فرصة ثمينة لتواصل القلوب والأرواح، والتقارب والتآلف والمحبة والصفاء والنقاء، وقد خصَّنا المولى -عزَّ وجلَّ- بمواسم الفرح والأمل والسرور؛ فجعل الأعياد التي تُظْهِر المحبة والبهجة والفرح والسلام والمودة، وتعزِّز قيم الأخوة والتسامح والحب، وهي فُرصة سانحة للانطلاقة لجعل أيامنا كلها أعيادًا.

اجعلوا أحبَّتي أيامكم كلها أعيادًا؛ ففي هذه الحياة التي نعيشها هناك من يدخل قلوبنا وحياتنا فيكون كالبُشرى ينير زوايا وأركان أوقاتنا، ويبث فيها السعادة والمحبة والأنس؛ فعلينا أنْ نُحافظ عليهم قبل أن يسرقهم ريب المنون، أو تقلبات الحياة، فنحن على هذه السفينة لا ندري متى يكون الوصول إلى الشاطئ؛ لذا علينا أن نعيش على هذا المركب أحبة وأخوة وأصدقاء؛ فالحياة كهذا المركب إذا اتفقنا جميعا على أن نحافظ على سلامته وصلنا بأمان، وإذا اختلفنا غرق المركب وغرقنا معه.

اجعلوا أعزائي أيامكم كلها أعيادًا، وعيشوا لحظاتها بسعادة وفرح مع من يعز عليكم؛ فالقلوب الجميلة ترحل بسرعة، وإذا لم تصدِّقوا كلامي اسألوا بعضكم وستنطق ألسنتهم بأنَّ قولي لا غُبار عليه؛ فكم من أمٍّ حنون رحلتْ، وكم من أب رحيم رحل، وكم من أخٍ مُقرَّب أخذته المنون قبل أن يودعنا، وكم من حبيب وحبيبة ذهبا دون سابق إنذار، وكم من صديق ودَّع وعشنا بعده ألم الفراق، وهذه حقيقة لا مناص عنها، إنَّ القلوب ترحل عنا بسرعة حاملة معها مسك ورونق الحياة التي عشناها معها لحظة بلحظة.

لا أجمل من العيد في حفظ الود والتمسُّك بالأحبة، فكم يؤلم عندما نسمع من البعض أنَّ العيد بات بل رونق وباهت ولا حياة له، وهذا إنْ صحَّ فلأنهم أغلقوا قلوبهم وباتوا يركنون إلى الروتين الممل والبرامج المكررة، ولم يحاولوا أن يكونوا إيجابيين في استغلال كل لحظة من لحظات العيد للانطلاق نحو الاحتفاء بكل مكون من مكونات العيد؛ فصلاة العيد مثلا فرصة للفرح والالتقاء بالأحبة والأخوة الذين لم نلتقِ بهم لشهور وسنوات، والعادات والتقاليد التي نمارسها في أغلب محافظات السلطنة (التنور والمشكاكيك) فرصة ذهبية للدخول في أجواء الفرح والسعادة والتواصل مع الأرحام، فرصة ماسية لإزالة الكثير من التراكمات، وهكذا هو العيد يكون فرصة في أن ننطلق في جعل كل أيامنا أعيادًا من السرور والإنس والمودة والرحمة والألفة.

إنَّ العيدَ فُرصة لتقوية علاقتنا الجديدة وتعزيزها والتمسك بها؛ ففي كلِّ عيد هناك من يدخل قلوبنا ويعيشون لحظات سعيدة معنا، فعلينا أن نُشعرهم بأنهم العيد، وبأنهم فرحته، وعلينا أن نُظهر لهم كلَّ مَعَاني الحب الصادق الذي تستنير به الحياة، وأن نظهر لهم أنَّ العيد أنتم، وأنَّ أيامكم كلها عيد، وعلينا المحافظة على علاقتنا السابقة بكل الود والمحبة، وأن نسقيهم رحيقَ الاحتفاء بهم دائما؛ فالعيد دعوة للتمسك والحفاظ على أحبتنا، ولا ينبغي أن نجعله كسائر الأيام، ولا يوجد أجمل من العيد لنقوم بكل ذلك فيه وأكثر.

إنَّني أناشِد نفسي وإياكم أنْ نحفِّز الإنسان الرباني فينا ليطل من ذواتنا بوجهه الجميل الذي يقطر روحا وأملآ وطفولة، ليملأ دنيانا بالجمال والصدق والحق، فتستحيل حياتنا عيدا طويلا لا ينتهي.. وهل الأعياد إلا مناسبة لإرواء ظمأ الإنسان فينا للحب؟! وهل الأعياد إلا من الله خالق الجمال والحب، وفرصة ذهبية لنكون ذلك الإنسان الرباني ناشر الفرح والخير؟!.. ودُمتم ودَامتْ عُمان بخير.