تحت عنوان "خرائط لبحارنا ومحيطاتنا وممراتنا المائية"

البحرية السلطانية تشارك في الاحتفال بيوم الهيدروغرافيا العالمي

 

 

مشكلة قلة البيانات والمعلومات الهيدروغرافية في المناطق البحرية تقف عائقا أمام التنمية الاقتصاديّة

 

 

مسقط - الرؤية

تشارك البحرية السلطانية العمانية ممثلة بمديرية المكتب الهيدروغرافي الوطني العماني ومديرية الهيدروغرافيا في الحادي والعشرين من يونيو من كل عام باحتفالية منظمة الهيدروغرافيا الدولية بيوم الهيدروغرافيا العالمي والذي يشكل فرصة لزيادة الوعي العام بالهيدروغرافيا وبالخدمات الهيدروغرافية ومدى أهميتها، ويأتي احتفال هذا العام بعنوان (عمل خرائط لبحارنا ومحيطاتنا وممراتنا المائية أكثر أهمية من أي وقت مضى)، حيث يشير هذا العنوان إلى الأهمية البالغة لمنظومة الخرائط الملاحية والدور المحوري والمهم الذي تلعبه في تأمين القدر الأكبر من سلامة الملاحة البحرية الذي تسعى جميع الدول الساحلية وخصوصاً تلك الأعضاء في المنظمة الدولية للهيدروغرافيا (IHO) لتوفيرها من خلال تقديم خدمات هيدروغرافية كثيرة ومتنوعة كما نصّت عليه الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحار (SOLAS) التي وقعتها السلطنة وتم اعتمادها في شهر نوفمبر 1999م والتي حددت فيها الخدمات الهيدروغرافية الوطنية التي تعهدت السلطنة أن تقدمها.

وتعد الهيدروغرافيا إحدى العلوم التي باتت لها أهميّة بالغة في خضم السعي الحثيث من قبل الحكومات والدول لتفعيل أدوارها الريادية والسيادية في مناطقها البحرية في سبيل الدفع قدماً باقتصادياتها الوطنية من خلال تنويع مصادر دخلها القومي، وتعد البيئة البحرية إحداها فمن الطبيعي أن تتجه أنظار الدول الشاطئية لاستكشاف مسطحاتها المائية يقيناً منها بما قد تحتويه من ثروات طبيعية كالنفط والغاز والمعادن وكذلك الثروات السمكية والبيئية الأخرى.

علم الهيدروغرافيا الأكثر انتشاراً حول العالم بين العلوم التي تهتم بدراسة البحار والمحيطات ولعلّ تعريف منظمة الهيدروغرافيا الدولية (IHO) يعتبر الأكثر شمولاً ودقة حيث ينص على أنّ الهيدروغرافيا من العلوم التطبيقية التي تهتم بدراسة الخصائص الفيزيائية والظواهر الطبيعية للمسطحات المائية من خلال أخذ القياسات وجمع المعلومات والبيانات التي من شأنها وصف تضاريس قاع البحر وموقعه بالنسبة لليابسة بالإضافة إلى رصد التغييرات التي قد تطرأ عليها مع الزمن بغية تقديم خدمات هيدروغرافية لضمان توفير أقصى درجات السلامة الملاحية والأمنية في المناطق البحرية.

وتعد عملية توفير المعلومات والبيانات الهيدروغرافية من خلال الخرائط الملاحية لجميع المستخدمين من أهم تلك الخدمات الهيدروغرافية الوطنية المقدمة لكافة القطاعات المعنية بالشؤون البحرية، ونظراً لكون البحار والمحيطات تغطي 71% من المساحة الكلية للأرض فإنّ من الطبيعي أن يكون للنقل البحري أهمية قصوى؛ باعتباره شريان الاقتصاد العالمي، حيث يتحمل 90% من إجمالي حجم التجارة العالمية، وستظل مشكلة شح وقلة البيانات والمعلومات الهيدروغرافية في المناطق البحرية عائقاً للتنمية الاقتصادية، وهاجساً يؤرق الجميع؛ وذلك لعدم مسح أكثر من 85% من هذه البحار والمحيطات بشكل كاف. من هنا تأتي أهمية البيانات والمعلومات الهيدروغرافية وعمليات توفيرها من خلال إنتاج الخرائط الملاحية للممرات المائية، وطرق التجارة الدولية والنقل البحري أصبحت ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى نظراً للتنامي المطرد في هذا القطاع الحيوي، وكذلك الطفرة النوعية في صناعة السفن الحديثة الضخمة والعملاقة، والتي تحتاج الى بيانات ومعلومات هيدروغرافية أكثر دقة لضمان أقصى درجات السلامة الملاحية لتلافي الحوادث البحرية والكوارث المرتبطة بها والمؤثرة بصورة مباشرة على الاقتصاد العالمي.

وتعد الخارطة الملاحية وثيقة رسمية يستند عليها في عمليات الملاحة البحرية وتحتوي على بيانات طبوغرافية كبيانات خط الساحل وبعض البيانات العامة للمنطقة الساحلية القريبة منها والتي قد تحتوي على المعالم الطبيعية وغير الطبيعية الظاهرة والواضحة والتي قد تستخدم للأغراض الملاحية وتحتوي على بيانات هيدروغرافية تفصيلية كبيانات الأعماق والأخطار القاعية وأيضاً معلومات أخرى إضافية خاصة بالمساعدات الملاحية  والتي توفر سلامة ملاحية لمستخدمي الخرائط الملاحية وعليه فإن من الضروري أن يتم تحديثها بصفة مستمرة وذلك عن طريق الإعلانات الملاحية الشهرية ونظراً لأهمية البيانات والمعلومات على هذه الخرائط ودقتها كونها بمواصفات ومعايير عالمية متوافقة مع تلك الموصى بها من قبل منظمة الهيدروغرافيا الدولية ولضمان أقصى درجات السلامة الملاحية فإن مستخدم الخرائط الملاحية يتحمل مسئولية إبقائها محدثة وتصنف الخرائط الملاحية بنوعيها الورقي والإلكتروني على حسب مقاييس رسمها وعلى ما تحتويه من بيانات إلى خرائط الموانئ ومداخلها (بمقاييس رسم كبيرة) والخرائط الساحلية (بمقاييس رسم متوسطة) وخرائط أعالي البحار (بمقاييس رسم صغيرة) والخرائط الملاحية الإلكترونية هي النسخة الرقمية من الخرائط الورقية تحتوي على كافة البيانات المكانية لمعالم وعناصر الخارطة يضاف إليها المعلومات الوصفية، والتي كانت مسبقاً تتواجد في المنشورات المصاحبة للخرائط الملاحية الورقية بحيث تكون في المتناول عند استخدام الخرائط الملاحية الإلكترونية في أنظمة العرض وكذلك في الأجهزة الملاحية الحديثة على السفن.

وتتمتع السلطنة بامتداد ساحلي طبيعي يغطي جميع الجزر والخلجان والخيران والغبب ويمتد بطول إجمالي يبلغ 3165 كم ويقع في مياهها الإقليمية واحد من أهم المضائق الدولية الإستراتيجية الذي تمر من خلاله نسبة كبيرة من سفن العالم بصورة منتظمة وهو مضيق هرمز، وللسلطنة واجهة بحرية تمتد إلى مسافة 200 ميل بحري في بحر العرب تعرف بالمنطقة الاقتصادية الخالصة وهي قابلة للزيادة ولهذه المنطقة قيمة اقتصادية عالية نظراً لتوافر العديد من الموارد الطبيعية الحية وغير الحية وكذلك المتجددة وغير المتجددة والتي تنصب كلها في الاقتصاد الوطني، ولذلك تسعى السلطنة حثيثاً لمواكبة التطور العالمي في هذا الجانب مما يمكنها من أخذ دورها الريادي كدولة بحرية مطلة على مساحة كبيرة من البحار والمحيطات، وقد رفعت السلطنة من كفائتها الفنية وقدراتها التخصصية من خلال الإمكانيات المتوفرة تمكنت خلالها من تبوء مكانة بين الدول المتقدمة في هذا المجال، واستطاعت السلطنة بذلك من بناء منظومة بيانات ومعلومات هيدروغرافية سعياً منها لأخذ الدور المنوط بها في سبيل تقديم خدمات هيدروغرافية لتأمين أقصى درجات السلامة الملاحية في مناطقها البحرية وكذلك لسد الحاجة من هذه البيانات للمشاريع الساحلية العملاقة الحالية والمستقبلية.

وفي إطار الاهتمام بإدارة المناطق الساحلية والإستغلال الأمثل لها سعت السلطنة لتنفيذ المشاريع الساحلية العملاقة والتي ارتبطت ارتباطا مباشرا بالموقع الاستراتيجي للسلطنة المطل على المحيط الهندي وبحر عمان لتكون رافداً وداعماً للاقتصاد الوطني حيث شكل ميناء صحار الصناعي المشروع الإقتصادي الأبرز خلال العقد الماضي وجاء مشروع ميناء الدقم والحوض الجاف ليكمل عقد تلك المشاريع الساحلية العملاقة ذات الجدوى الاقتصادية العالية، وجميع هذه المشاريع ليست بعيدة عن الدور الكبير المقدم من قبل أقسام ووحدات الهيدروغرافيا المختلفة والتي ساندت في وضع اللبنات الأساسية لهذه المشاريع حيث تطلبت بيانات هيدروغرافية مكانية، ومعلوماتية متنوعة قبل واثناء تنفيذها، ولازال الدعم يقدم لتلك المشاريع بعد الانتهاء منها؛ من خلال إصدار خرائط ملاحية عمانية بواسطة خبرات وطنية متخصصة لتأمين وصول السفن بمختلف أنواعها للمشاريع الساحلية الحالية أو المستقبلية؛ مما يؤكد على الأهمية القصوى للبيانات والمعلومات الهيدروغرافية بصفة عامة وبالمتطلبات الضرورية الداعية لعمل خرائط ملاحية لمحيطاتنا وبحارنا وممراتنا المائية بصفة خاصة، ومن هذا المنطلق جاء عنوان احتفال المنظمة الدولية للهيدروغرافيا (IHO) للعام 2017م مؤكداً ضرورة تغطية الممرات المائية بخرائط ملاحية حديثة لضمان سلامة الملاحة فيها وإن عمليات إنتاج تلك الخرائط الملاحية  بأنواعها المختلفة باتت مطلبا رئيسيا وأكثر أهمية من أي وقت مضى.

 

تعليق عبر الفيس بوك