خالد الخوالدي
وداعا أيّها الحبيب الذي قصرنا في ضيافته.. وداعا ولا ندري هل نستقبلك في العام القادم أم نكون من ضمن المحرومين من لطائف فضلك، ونحن نودع شهر الصوم والعبادة لابد أن نتوقف للحظة مع بعض الملاحظات التي توضح لنا عدم التزامنا بالقيم التي يغرسها الصوم فينا وبالقيم التي تغرسها الصلاة بحكم أنها عمود الدين وأساسه.
ومن المعروف عند الجميع أن هناك قيما كثيرة يغرسها الصوم وتغرسها الصلاة ومن بينها النظام وترتيب الأولويات والصبر وترتيب الأوقات واستغلالها والمداومة على الخير والصلاح كما نتعلم منهما الاحترام والاستماع إلى الكلام الطيب الذي ينفعنا وننفع به غيرنا، وسأقدم خلال مقالي هذا بعض الملاحظات التي تتعارض مع القيم التي يجب أن تستفيد منها من عبادتي الصوم والصلاة.
إننا جميعا يدرك القيم الربانية من عبادتي الصوم والصلاة ومن هنا فإننا لابد أن نتساءل بيننا جميعا ما هي القيمة التي أضافها لك الصوم وإضافتها الصلاة وأنت ترمي بحذائك إمام باب المسجد والجامع وهناك أماكن مخصصة وصناديق لتركن فيها حذائك، ألم تضف لك عبادة الصوم والصلاة قيمة النظام وترتيب الأولويات وأن المسلم يأتي إلى الصلاة بهدوء ودعه ويدخل المسجد بسكينة ووقار وأنّ الصوم أساسه النظام فلا عشوائية فيه فهو يبدأ من عند طلوع الفجر إلى غروب الشمس ليعلمنا أن النظام أساس العبادات.
أمّا ما هي القيمة التي أضافها لك الصوم وإضافتها لك الصلاة وأنت تسمع خطيب صلاة الجمعة يخطب ويرغب في المسارعة للصفوف الأولى وأنت تقبع في آخر الجامع حتى تكون أول من يخرج بعد انتهاء الصلاة، فلقد استمعت إلى خطيب الجمعة ينبه المصلين إلى أن الصفوف الأولى تكون بها مساحات خالية من المصلين، وأنّ هناك آخرين يجلسون في خارج الجامع ومن يأتي متأخرا يتخطى رقاب المصلين لسد الفجوات في الصفوف الأولى وقلت في نفسي إن الأسبوع القادم سيتغير الوضع وإذا بي أشاهد أحدهم وهو من المقدمين لصلاة الجمعة يجلس خارج الجامع وقلت في نفسي ماذا أضافت إليك الصلاة إذا لم تسمع الأمر بالمعروف وتنتهي عن المنكر فمن محددات الصلاة أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر كما يقول تعالي (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ).
وما هي القيمة التي أضافتها عبادة الصوم والصلاة حينما ترى عددا من المسلمين خاصة في الأماكن المقدسة يتقاتلون على الأماكن بينما الله سبحانه يأمر بالإفساح في المجالس ويأمر بالصبر وتحمل الأذى والذي هو قيمة عظمى للصوم، وهذا الأمر والملاحظة يعيشها من ذهب إلى أداء العمرة خاصة في شهر رمضان حيث الزحمة على أشدها.
وما هي القيمة التي أضافها لك الصوم وأضافتها لك الصلاة وأنت تمضي هاربا بعد الصلاة مباشرة إذا قيل أن هناك محاضرة دينية علما أنك "فاضي" ولا يوجد عندك أي عمل وقد تمسك هاتفك في ذلك الوقت الذي يحاضر فيه أحدهم بكلام الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
وماذا أضافت لك عبادة الصوم والصلاة وأنت تترك صلاة التراويح من المقام الأول ذاهبا إلى الملعب أو لمشاهدة مسلسل تلفزيوني أو للسوالف والحكي الفاضي والهاتف والأسواق والمراكز التجارية وغيرها، في الوقت تتطلب منك هذه العبادات استغلال الوقت بما هو مفيد ونافع لك ولأمتك.
ملاحظات كثيرة نقع جميعا فيها تتنافى وتتعارض مع القيم السامية التي خص الله بها سبحانه لعبادتي الصوم والصلاة، ونحن نودع أهم العبادات بعد أيام علينا أن نتيقظ إلى أن من القيم الأساسية التي يزرعها لنا الصوم هي قيمة التأسيس إلى الخير والصلاح ليكون انطلاقة لنا في الشهور التي تأتي بعد رمضان حيث يمثل الشهر الزاد الذي نرتوي منه لبقية الشهور فعلينا جميعا أن نستلهم كل القيم النبيلة ونحرص على الاستفادة منها في كل وقت وحين، ودمتم ودامت عمان بخير.