حمود الحاتمي
ارتبطتْ بعضُ الأسر العُمانية بحِرَف معينة؛ تتمثل في صناعة أو علاج أو بناء صارت تعرف بها ويقصدها الناس من كلِّ مكان، وتدر من هذه الحرفة دخلا وفيرا حتى إنَّ صديقي ذات يوم يقول ندمت أشد الندم لم أتعلم صناعة الخناجر والفضيات من والدي التي كان يشتهر بها.
هذه المقومات التي نمتلكها تجعلنا نعيد النظر في التعامل مع البحث عن الوظيفة. كم أسرفنا في إدخال طلابنا تخصُّصات لم تجد لها واقعا في سوق العمل؛ وبالتالي الأعداد تتزايد في البحث عن وظيفة. وأضحت اليوم الكثير من الأسر تشتكي العوز وقلة الدخل مع أنها تمتلك ثروة وطاقة لو تم استغلالها.
يُحدِّثني أحدهم أنَّ أسرة من صحار انتقلت للسكن في مسقط، وبعد أيام تعرفت الزوجة على جارتها في الشقة المقابلة، وطلبت الجارة من الزوجة أن تترك طفلها لديها؛ كونها لا تعمل وتأخذه بعد الدوام وأول يوم أخذت الجارة طفلها ومعه وجبة غداء.
وتناولتْ الجارة الغداء مع أسرتها وكان طعمه لذيذا (طبخ البيت) الذي لا يقاوم. طلبت الجارة أن تطبخ لها مقابل مبلغ واستمرت الحال على ذلك، وعلمت الجارات الأخريات، بذلك وطلبن من الجارة أن تطبخ لهن مقابل مبلغ.
استأجرتْ الأسرة منزلاً تمَّ فيه بناء مطبخ تطبخ فيه الأسرة للموظفين، ويبلغ دخلها الشهري حاليا أكثر من ثلاثة آلاف ريال عماني، واستقال رب الأسرة من عمله الحكومي ليساعد في إحضار المكونات من السوق، وهذا يدل على أننا كم نحن بحاجة إلى الأسر المنتجة.
اليوم، نحن بحاجة لأفكار خلاقة تساعد الأسر في تبني مشاريع تتمثل في الحرف التي نحتاجها وايجاد منافذ بيع لها. تجربة الطبق الخيري في الرستاق خير مثال في نفاذ الكميات التي تباع فيه بعد فترة وجيزة؛ مما يعني أنَّ مُنتجات هذه الأسر سوف تلقى إقبالاً.
وبعد سرد نماذج من نجاح المشاريع المنتجة، حريٌّ بنا أنْ نضع حلولا ونبدأها بالتخطيط للدعم المستدام لهذه الأسر، وبمعنى أن نفكر بعمق كيف نساعد تلك الأسر من خلال التدريب الذي تقوم به جهات عدة منها حكومية وأهلية وفق برامج محددة الأطر بعد أن يتم رصد المشاريع التي يمكن أن تلقى منتجاتها رواجاً حقيقيًّا، وليس مجاملة، كما يحدث في بعض المعارض.
لنبدأ بحلول عملية ومنها حصر المشاريع وتتولى جهات في التنمية الاجتماعية ووزارة التجارة والصناعة وغرفة وتجارة عمان دراستها وإيجاد التوصيف المناسب لها وإعطاء التراخيص لها ثم يتولى صندوق الدعم لها.
ويتم بعد ذلك استقبال المستفيدين وتدريبهم التدريب الأمثل لكل مشروع ورسم خارطة طريق للمشروع حتى يقوم ويبدأ بالإنتاج ويدر دخلا حقيقيا. ولا ننسى أن نفتح لمنتجات تلك المشاريع منافذ بيع، ونمتلك والحمد لله أسواقا تتمثل في المراكز التجارية والمولات وتطوير أسواقنا الشعبية بما يضفي خصوصية السوق العماني القديم ذي الصورة التراثية التي تجذب السائح وتجعله يقدم على شراء منتج أسرنا. كما يجب أن نفتح آفاقا رحبة في تنوع المنتجات وعدم حصرها في منتجات متكررة بما ويحقق عائد ربحي مجزي.
دعم الأسر المنتجة لا يقتصر على المؤسسات الحكومية، وإنما يشملنا نحن كأفراد من خلال تشجيعنا لتلك الأسر، وأيضا المشاركات تُساعد الأسر وتدعمها، وبعض المؤسسات تفعل ذلك؛ فقد حضرت حفلا أقامته روضة خاصة، قدمت وجبات الضيافة للمدعوين من إنتاج أسرة منتجة تتمثل في الحلويات والأكلات الأخرى.. وكم كنت سعيداً بذلك.
alhatmihumood72@gmail.com