رغم تيمة الفانتازيا.. الأعمال الكوميدية تتقهقر للخلف

 

 

تعدُّ الأعمالُ الكوميديَّة ركيزةً أساسيةً في الدراما الرمضانية، وتحصُل على أعلى المشاهدات؛ نظرًا لأنَّها أعمالٌ خفيفة ومُسلية، ولا تتطلَّب تركيزًا كبيرًا، رغم أنَّ جميعَ المسلسلات الكوميدية هذا العام -باستثناء "لمعي القط"- تعتمد على تيمات الفانتازيا، وتلك هي السمة الرئيسية في الموجة الجديدة للمسلسلات الكوميدية، والتي يعتمد عليها أحمد مكي منذ بدايته كمخرج في فيلم "الحاسة السابعة"، وينفذها في كل أعماله تقريبًا. وقد استنزف كذلك تيمة القرية الصعيدية الخيالية "المزاريطة" في مسلسل "الكبير أوي".

ولا يختلف في ذلك الثلاثي هشام ماجد، وشيكو، وأحمد فهمي، عن مكي، فأحد أسباب شهرتهم في السينما هو اعتمادهم على التيمة الفانتازية بداية من فيلم "سمير وشهير وبهير"، مرورًا بمسلسل "الرجل العناب"، إلى أن وصلوا لقمة مجدهم في الحرب العالمية الثالثة. ولكنهم استمروا في استنزاف تلك التيمة حتى مع انفصال أحمد فهمي عن هشام ماجد وشيكو. فقام أحمد فهمي ببطولة فيلم "كلب بلدي"، الذي لاقى نجاحًا جماهيريًّا وإخفاقًا نقديًّا، وتعاون الثنائي الآخر في حملة فريزر، ولم يلق نجاحًا جماهيريًّا أو نقديًّا.

إخفاق مكي والثنائي جعلهم يتعاونون سويًا في مسلسل خلصانة بشياكة، وهو ما يمثل استمرارًا في الاعتماد على التيمات الفانتازية. ردود فعل متفاوتة حصلت عليها الحلقات الأولى، ولكن الأكيد أنها ليس كافية لإنقاذ مكي وهشام وشيكو. ويشاركهم في الاعتماد على التيمات الفانتازية أحمد فهمي في مسلسله ريح المدام. وكانت دنيا سمير غانم -التي شاركت مكي في الكبير أوي- خرجت من تلك التيمة في مسلسل لهفة، ولكنها عادت إليها سريعًا في مسلسل نيلي وشريهان الذي لاقى نجاحًا طيبًا، وهو ما دفعها لاستغلال هذا النجاح في عمل فانتازي آخر، وهو في اللا لا لاند، ولكن الحلقات الأولى لاقت الكثير من الانتقادات، والتي وصلت لحد الصدمة من سوء السيناريو.

وفي مسلسل "شاش وقطن" لبيومي فؤاد اعتمد على الفانتازيا، ولكن بقدر أقل. فالعنصر الفانتازي تلخص في تجمع مجموعة من الأطباء ومساعديهم الفشلة في مستشفي منعزلة مجهولة. ولم يخرج مسلسل "هربانة منها" عن تلك التيمات الفانتازية، فقصته تدور حول مريضة تتقمص كل يوم شخصية مختلفة.

وتختفي كوميدية الموقف تدريجيًّا؛ حيث أصبح هم كتاب المسلسلات الأول هو صناعة أكبر قدر من الإفيهات، ومجاراة إفيهات صفحات الكوميك والسخرية على الفيسبوك.

وجميع المسلسلات الكوميدية لهذا العام تشترك في عنصر واحد، وهو السخرية من الممثلات البدينات، والاعتماد على مفارقات السمنة كمصدر للإفيه. أما مسلسل "في اللا لا لاند"، فهو يعتمد في بناء الكوميديا على السخرية من البدينات والريفيين والسمر وأبناء الحارات والصعايدة. ورغم اختفاء مسلسلات السيت كوم، ولكن يبدو أن المسلسلات الحالية أخذت منها صفة الزمن القصير للحلقة. يبدو أن هذا توجه عام في كل المسلسلات في العامين الأخيرين، ولكنه يظهر بشكل أكثر وضوحًا في المسلسلات الكوميدية، فمتوسط الحلقة الواحدة من المسلسلات الكوميدية هذا العام في حالة حذف تتر البداية والنهاية من 21 إلى 24 دقيقة تقريبًا.

هذه الدقائق ليست خالصة للأحداث الدرامية فقط، فأحيانًا يتخللها أغانٍ تختصر من زمن الحلقة 4 دقائق أخرى، خصوصًا في "خلصانة بشياكة". وهذا مؤشر آخر على أن أحداث هذه الأعمال لابد أن تنتهي في 15 حلقة كحد أقصى، ولكن يمارس صناع هذه المسلسلات كل أساليب التطويل والحشو في الأحداث وتقليص الوقت من أجل إكمال الـ30 حلقة. ويوجه أغلب نجوم الموجة الحالية أعمالهم للشباب بشكل رئيسي، ويجعلونهم الجمهور الأكبر لأعمالهم، في مقابل توجيه أعمال الموجات السابقة لكل أفراد الأسرة، وارتبط هذا التوجه باعتماد أبطال تلك الموجة على جمهور السينما (والذي يمثل الشباب النسبة العظمى فيه).

ويظهر هذا التوجه في خلصانة بشياكة وريح المدام؛ فالأول يعتمد على الإبهار البصري، وجودة وإتقان الصورة السينمائية، وتصميم الإنتاج المعتمد بدرجة كبيرة على نقل روح فيلم "mad max"  كذلك الإفيهات والتلميحات الجنسية التي تجذب الشباب. أما "ريح المدام" رغم التنويه بأن حلقاته مناسبة لمن هم فوق 12 عامًا، ولكنه لم يخلُ من العوامل السابق ذكرها في "خلصانة بشياكة"، وإن كان بدرجة أقل.

أمَّا دنيا سمير غانم، فهي ممثلة جاذبة للشباب أكثر من أي فئة أخرى، إضافة لاعتمادها على نقل روح بعض الأعمال الغربية، خصوصًا في عنصري الصورة وبناء الحبكة المشابه لمسلسل (lost)، والاسم المقتبس من فيلم (la la land).

تعليق عبر الفيس بوك