وزير الخارجية القطري يدعو إلى جلسة "مكاشفة وصراحة لتضييق مساحات الاختلاف"

قطر ترحب بوساطة كويتية لاحتواء أزمة "المقاطعة السداسية".. وفرنسا تدعو إلى الحوار

عواصم – رويترز

قال مسؤولون خليجيون إنَّ أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح سافر إلى السعودية أمس لإجراء مُحادثات مع العاهل السعودي الملك سلمان حول نزاع بين قطر ودول خليجية وعربية. ويقوم أمير الكويت بدور الوساطة بين الدوحة ودول خليجية وعربية من بينها السعودية قررت أول أمس قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر.

وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قد أرجأ خطاباً موجهًا للشعب القطري أمس يتناول قرار دول عربية قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وذلك لإتاحة الفرصة والوقت أمام الكويت للوساطة. وفي مؤشر على التداعيات المحتملة على الاقتصاد القطري بدأ عدد من البنوك في المنطقة تعليق تنفيذ مُعاملات مع قطر.

وقال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إنَّ الدوحة مستعدة لقبول جهود الوساطة بعدما قطعت السعودية ومصر والإمارات والبحرين العلاقات الدبلوماسية معها في خطوة منسقة.

واتهمت هذه الدول قطر بدعم إسلاميين متشددين وإيران وهو ما تنفيه الدوحة بشدة. وقرر اليمن وحكومة شرق ليبيا وجزر المالديف أيضًا قطع العلاقات مع قطر وإغلاق الأجواء.

وقال الوزير القطري لقناة الجزيرة إن الشيخ تميم تحدث هاتفيا ليل يوم الإثنين مع الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت وقرر تأجيل إلقاء خطاب للشعب القطري نزولا على رغبته. وأوضح أن قطر قررت ألا تتخذ أي إجراءات مضادة.

وقالت مصادر مصرفية لرويترز أمس إن بعض البنوك التجارية في السعودية والإمارات علقت تنفيذ معاملات مع البنوك القطرية مثل خطابات الاعتماد بسبب الخلاف الدبلوماسي في المنطقة. وتعافى المؤشر القطري في التعاملات المبكرة يوم الثلاثاء بعد أن هوى يوم الإثنين لكن الريال القطري انخفض أمام الدولار.

وقال الشيخ محمد إن قطر تريد أن تتاح لأمير الكويت فرصة "التحرك والتواصل مع أطراف الأزمة ومحاولة احتواء الموضوع". وأضاف أن أمير الكويت كان له دور كبير في شقاق خليجي عام 2014 وأن الشيخ تميم "ينظر له كوالد" ويحترم رغبته بتأجيل أي خطاب أو خطوة إلى أن تكون هناك صورة أوضح للأزمة.

وقال الشيخ محمد للقناة "تم اتخاذ إجراءات أحادية من جانب هذه الدول وغير مسبوقة أثرت على المواطنين والعلاقات الأسرية التي تربط شعوب مجلس التعاون الخليجي". وأشار إلى أن قطر "ترى أن مثل هذه الخلافات بين الدول الشقيقة يجب أن تحل على طاولة حوار ويجب أن تكون هناك جلسة فيها مكاشفة وصراحة وطرح لوجهات النظر وتعريف مواقع الاختلاف والعمل على تضييق مساحات الاختلاف مع احترام آراء بعضنا البعض". ولعب أمير الكويت دور الوساطة لعقود في نزاعات إقليمية واستقبل الشيخ تميم الأسبوع الماضي بينما كانت ملامح الأزمة تتشكل.

ويحظر قرار قطع العلاقات على مواطني السعودية والإمارات والبحرين السفر لقطر أو الإقامة بها أو المرور عبرها. كما يقضي بمُغادرة المقيمين والزوار من هذه الدول قطر خلال 14 يومًا. وينبغي على القطريين مغادرة هذه الدول خلال 14 يومًا أيضًا. وهذه الإجراءات أكثر صرامة من خطوات أخرى اتخذت خلال شقاق دام ثمانية أشهر في 2014 عندما سحبت السعودية والبحرين والإمارات سفراءها من الدوحة واتهمت قطر بدعم جماعات متشددة.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية أمس إن فرنسا تريد حل الخلاف الدبلوماسي بين دول عربية وقطر عن طريق الحوار.  وقالت الوزارة للصحفيين في إفادة يومية على الإنترنت "فرنسا تتمنى أن تحل التوترات الراهنة عن طريق الحوار".

وقالت الوزارة إن وزير الخارجية جان إيف لو دريان أجرى محادثات مع نظيريه السعودي والقطري أمس ومع ممثل عن ولي عهد أبوظبي اليوم لبحث الأمر. وسيسافر إلى مصر غدا.

من جانب آخر، قال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون إن الولايات المتحدة ستحاول بهدوء تخفيف التوتر بين السعودية وقطر وإنه لا يمكن عزل الدولة الخليجية الصغيرة في ضوء أهميتها بالنسبة للمصالح العسكرية والدبلوماسية الأمريكية. وأضافوا أن مسؤولي الإدارة الأمريكية شعروا بالصدمة لقرار السعودية قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر في خطوة منسقة مع مصر والبحرين والإمارات.

واتهمت السعودية عند إعلانها قطع العلاقات قطر بتقديم الدعم لإيران وكذلك لإسلاميين متشددين. ولواشنطن أسباب عديدة تجعلها ترغب في الدعوة للعلاقات الجيدة في المنطقة. وتستضيف قطر أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط وهي قاعدة العديد التي تنطلق منها ضربات تقودها الولايات المتحدة وتستهدف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق. وجعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من هزيمة الدولة الإسلامية أولوية لفترته الرئاسية.

كما أنَّ استعداد قطر للترحيب بجماعات، مثل حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تصنفها واشنطن على أنها تنظيم إرهابي وحركة طالبان التي تقاتل القوات الأمريكية في أفغانستان منذ أكثر من 15 عامًا، يسمح بالاتصال بمثل هذه الجماعات عند الحاجة.

وقال مسؤول أمريكي طلب عدم نشر اسمه "هناك منفعة ما. يجب أن يكون هناك مكان يمكننا لقاء طالبان فيه. وينبغي أن يكون هناك مكان تذهب إليه حماس ويمكن عزلها فيه والحديث إليها". وقال المسؤولون الحاليون والسابقون إنّه لا يمكنهم تحديد السبب الذي ربما دفع الدول الأربع لاتخاذ قرار قطع العلاقات. واتخذ اليمن وحكومة شرق ليبيا وجزر المالديف قرارا مماثلا في وقت لاحق. وأضافوا أن السعوديين ربما تشجعوا بالدفعة القوية التي تلقوها من ترامب أثناء زيارته للرياض في مايو وحديثه بلهجة صارمة ضد إيران.

وقال مسؤول أمريكي سابق "أظن أنهم تشجعوا بما قاله ترامب أثناء زيارته... وشعروا بأنهم تلقوا شكلا من الدعم. لا أعلم إن كانوا بحاجة للمزيد من الضوء الأخضر مقارنة بما سبق أن حصلوا عليه في العلن".

وأبلغ مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية رويترز بأن الولايات المتحدة لم تتلق مؤشرا من السعوديين ولا الإماراتيين على أن هذا التحرك على وشك الحدوث. وقال البيت الأبيض الإثنين إنه ملتزم بالعمل لنزع فتيل التوترات في الخليج.

وكان ترامب ناشد الزعماء العرب والمسلمين في الرياض "طرد" الإرهابيين كما أشار إلى إيران بوصفها مصدراً رئيسياً لتمويل ودعم الجماعات المتشددة.

وأكد مسؤولون أمريكيون في وكالات متعددة على رغبتهم في الدعوة للمصالحة بين المجموعة التي تتزعمها السعودية وقطر التي يبلغ عدد سكانها 2.5  مليون نسمة وتملك مخزونات كبيرة من الغاز الطبيعي.

وقال المسؤول الكبير بإدارة ترامب طالبا عدم نشر اسمه "لا نريد أن نرى شكلا من أشكال الشقاق الدائم وأظن أننا لن نرى هذا" مضيفاً أن الولايات المتحدة سترسل مبعوثا إذا اجتمعت دول مجلس التعاون الخليجي لمناقشة الخلاف مع قطر. وقال المسؤول الكبير "هناك إقرار بأن بعض السلوكيات القطرية تثير القلق ليس فقط لدى جيرانها الخليجيين ولكن لدى الولايات المتحدة أيضًا".

وقالت مارسيل وهبة وهي سفيرة أمريكية سابقة في الإمارات ورئيسة معهد دول الخليج العربية في واشنطن إن الولايات المتحدة لها نفوذ لكنها ستستخدمه بحكمة. وأضافت "الولايات المتحدة ستتحرك ولكن كيف ستفعل ذلك؟ أعتقد أنه سيكون تحركا هادئا للغاية ووراء الكواليس. لا أظن كثيرًا أننا سنجلس على الهامش وندع الأزمة تتفاقم".

ويعود دعم قطر للإسلاميين إلى قرار اتخذه والد أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني بإنهاء انصياع تقليدي للسعودية وإبرام أكبر عدد ممكن من التحالفات. وقدمت قطر نفسها منذ سنوات في صورة وسيط ولاعب في النزاعات الكثيرة بالمنطقة. لكن مصر والدول الخليجية العربية تندد بدعم قطر للإسلاميين خاصة جماعة الإخوان المسلمين التي تناصبها هذه الدول العداء.

وقال مسؤول أمريكي آخر "نتواصل مع كل شركائنا... لإيجاد سبيل لإعادة بعض الوحدة في مجلس التعاون الخليجي دعما للأمن الإقليمي" مضيفا أن من المهم "مواصلة قتال الإرهاب والفكر المتشدد".

تعليق عبر الفيس بوك