محمد البلوشي
مع التطوّر المشهود في أركان الدولة ومؤسساتها وسعي مختلف المؤسسات للبقاء على اتصال دائم مع المواطن والمستفيد، تظهر أهميّة وجود المتحدث الرسمي أو الممثل الإعلامي كما يحلو للبعض تسميته في المؤسسات العامة أو الخاصة على السواء، حيث أصبح تواصُل هذه المؤسسات مع المستفيدين والجمهور حاجة مجتمعيّة وضرورة ملحة، تأخرنا قليلا في رعايتها رغم الإيمان بها، وأثبتت نجاحها في بلدان أخرى.
ومن الواجب القول إنّ وزارة الإعلام وعت منذ وقت جيّد لهذا الأمر وأطلقت مبادرة في ذلك، رسخّت من خلالها أهميّة وحيوية وجود المتحدث الرسمي أو الممثل الإعلامي في المؤسسات الحكومية، وما ساعدها في ذلك هو إيمانها بهذا المشروع ونظرة الحكومة الإيجابيّة إليه على الرغم من التحديات الطبيعية التي قد تواجه هكذا مشروع، من أبرزها تفاوت درجات تجاوب المؤسسات واختلاف التطلعات، ولكن ما يحسب لوزارة الاعلام أنّها هي التي بدأت فعليا بتنفيذ أنشطة وبرامج ودورات دعمًا لهذا المشروع أو تصب في مساره، ومع ذلك لم يظهر هذا المشروع فعليًا أو لم يُفعّل بالطريقة المناسبة ربما، ونحن هنا لا نلوم أحدًا، ولكننا ننظر إليه من زاوية استراتيجية وضرورة ملحة في دولة المؤسسات والقانون.
وكما هو معلوم أنّ الحكومة قامت مؤخرًا بإطلاق العديد من المشاريع الوطنية "الاستراتيجية" من أبرزها البرنامج الوطني للرؤساء التنفيذيين الذي يرعاه ديوان البلاط السلطاني لإعداد جيل من القادة والرؤساء التنفيذيين لإدارة دفة القطاع الخاص واستثمار التحديات واستشراف الآفاق المستقبلية لهذا القطاع الحيوي، كما أطلقت الحكومة برنامجا وطنيا آخر يعني بالقيادة والتنافسية يهدف إلى تمكين القيادات الحكومية التنفيذية من الارتقاء بقدراتهم التنافسية وتحسين بيئات الأعمال، وهو ما يعني تهيئة صف ثانٍ من القيادات يتم تدريبهم وتأهيلهم وفق برامج علميّة متخصصة لتحقيق أعلى درجات الاستفادة، وبين هذا وذلك نطرح سؤالنا.. لماذا لا يكون هناك برنامج وطني لصناعة المتحدث الرسمي أو الممثل الإعلامي بنفس حجم الدعم العلمي والمعرفي الذي ناله هذين البرنامجين والبرامج الأخرى؟!
إنّ دور المتحدث الرسمي أو الممثل الإعلامي لأية مؤسسة يتجاوز فكرة أنّه مجرد مجيب عن تساؤل معيّن من طرف ما.. فهو فعليًا أي المتحدث الرسمي مصدر المعلومات والإيضاحات والمجيب على التساؤلات والمستعرض للإنجازات والمدير لسمعة المؤسسة في الأزمات والمتفاعل مع جميع الأطراف الأخرى حول المؤسسة إعلاميًا، وهو الأكفأ في الرد على الملاحظات والمطالبات والاستفسارات عبر مختلف المنّصات بما يتطلع إليه المستفيدون ويتناسب مع توجه المؤسسات، وهذا الدور هو الذي يقلص من البون الموجود بين المؤسسة كطرف أول والمستفيدين أيّا كانوا كطرف ثان.
وهنا – ومن وجهة نظري – أجد أنّ الدور القادم مُلقى على مجلس الوزراء الموقر لرعاية ودعم هكذا برنامج خلال المرحلة المقبلة، فعسى أن يكون هذا المشروع فعلا أحد المشاريع الاستراتيجية القادمة التي يتم تنفيذها وتطويرها لتتناسب وحاجة جميع المؤسسات، ونحن جميعًا على يقين من نجاحه كمشروع وطني حيوي، خاصة في ظل وجود مسؤولين إعلاميين أكفاء في مختلف المؤسسات قادرين على لعب هذا الدور والاضطلاع بمهماته، ولن يألوا جهدا في تحقيق الطموحات وتلبية التطلعات التي ينشدها هذا الوطن الغالي.
كاتب وصحفي اقتصادي